هل ترجئ البنوك توزيع أرباحها لدعم مراكزها المالية؟

أكد مصرفيون أن البنك المركزى سبق أن اتخذ قرارًا بعدم توزيع البنوك لأرباحها السنوية المحتجزة على المساهمين فى يناير 2021 لمواجهة التداعيات السلبية لفيروس كورونا، مشيرين إلى أنه من الممكن اتخاذ

Ad

أكد مصرفيون أن البنك المركزى سبق أن اتخذ قرارًا بعدم توزيع البنوك لأرباحها السنوية المحتجزة على المساهمين فى يناير 2021 لمواجهة التداعيات السلبية لفيروس كورونا، مشيرين إلى أنه من الممكن اتخاذ قرار مماثل بعد دراسة أبعاده المحتملة لعام 2023 لاحتواء الآثار الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضافوا، فى تصريحات، لـ«المال»، أن العام الحالى قد يشهد تقلبات اقتصادية عدة، نتيجة لاستمرار التداعيات الجيوسياسية فى أوروبا وعدم انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما يعنى عدم استقرار معدلات التضخم، والاستمرار فى اتباع السياسة النقدية التشددية فى معظم الدول.

وأشاروا إلى أن هدف البنك المركزى الرئيسى هو التأكد من الصلابة المالية الخاصة بالجهاز المصرفى، والتى تمكنه من مواجهه الأزمات الاقتصادية الناجمة عن صدمات فى جانب العرض الكلى بشكل قوى ومرن إلى حد كبير.

كان البنك المركزى قد استجاب لطلبات بعض البنوك للتوافق مع الحد الأدنى لرأس المال من العام الماضى، وقرر مد المهلة إلى نهاية العام الحالي.

وقالت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، إن توافق البنوك مع معيار الحد الأدنى لرأس المال (5 مليارات جنيه) ملزِم، بموجب قانون البنك المركزى لعام 2020.

وأضافت، فى تصريحات، لـ«المال»، أن البنك المركزى مدّ هذه المهلة للتوافق مع معيار رأس المال حتى نهاية 2023.

ورجّحت أنه من الوارد قيام البنوك بتدعيم القاعدة الرأسمالية من خلال احتجاز الأرباح، لافتة إلى أن الظروف الاقتصادية الحالية قاسية على العالم بشكل عام، ومصر بشكل خاص، ومن ثم تدعيم رأس المال محتمل، للتحوط ضد المخاطر الماثلة فى الأفق.

فى السياق نفسه، توقّع محمد عبد المنعم، الخبير المصرفى، أن يكرر البنك المركزى اتخاذ قرار عدم توزيع البنوك للأرباح السنوية والمحتجزة على المساهمين لعام 2023 خصوصًا للبنوك التى ما زال رأسمالها تحت الحد الأدنى (5 مليارات جنيه).

وأضاف، فى تصريحات، لـ«المال»، أن هناك سيناريو آخر محتمل وهو إخطار البنك المركزى البنوك بأن تحتفظ باحتياطى محدد لديها، لمواجهة التبعات الاقتصادية السلبية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية؛ وذلك لأن تلك التبِعات قد تؤثر على بعض الصناعات المحلية وبعض القطاعات الأخرى، مما يؤدى إلى حدوث تعثر مالى، لافتًا إلى أن الغرض الرئيسى هو التأكد من السلامة المالية للبنوك.

وأوضح أن المراكز المالية تختلف من بنك لآخر، وهناك مؤشرات عدة نستطيع من خلالها قياس درجة الملاءة المالية لكل بنك، مثل معدلات العائد على الأصول، معدلات العائد على حقوق الملكية، معيار كفاية رأس المال، ونسبة الاحتياطى، مؤكدًا أن القطاع المصرفى المصري قوي وصلب لمواجهة أي أزمات بشكل فعَّال.

من جانبه، قال وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى، إن البنك المركزى فى يناير 2021 سبق واتخذ قرارًا بعدم إجراء البنوك أي توزيعات نقدية فيما يخص الأرباح السنوية المحتجَزة القابلة للتوزيع على المساهمين بغرض التحوط من التبعات السلبية لفيروس كورونا.

وأضاف، خلال تصريحات، لـ«المال»، أن البنك المركزى وحده من يملك هذه السلطة، لأنه يهدف إلى استقرار وصلابة القطاع المصرفى، وعدم تأثره بالتقلبات الاقتصادية الخارجية قبل الداخلية، والمخاطر المحتملة الناجمة عن حدوث تلك التقلبات.

ولفت إلى أن التنبؤ باتخاذ البنك المركزى لقرار عدم توزيع الأرباح على المساهمين مرة أخرى لعام 2023 يصعب إلى حد كبير، فهناك عوامل ومتغيرات اقتصادية كبيرة تؤخذ فى الاعتبار عند اتخاذ مثل ذلك القرار.

وأوضح أن البنك المركزى يسعى دائمًا إلى التأكد من الموقف المالى والصلابة المالية لجميع البنوك العاملة فى القطاع المصرفى، والاطمئنان على قدرتها على تحمل الصدمات الخارجية.

وأكد أن القاعدة الرأسمالية لكل بنك، والذى حدد البنك المركزى الحد الأدنى بنحو 5 مليارات جنيه، تكون نسبية وتختلف من مصرف لآخر، حيث تتوقف على معيار كفاية رأس المال الخاصة بكل بنك،

فعلى سبيل المثال قد يكون هناك مصرف كبير يتخطى رأسماله الحد الأدنى المطلوب ويبلغ نحو 7 مليارات جنيه، ولكنها غير كافية لاحتياجاته.

وأفاد بأن نسب كفاية رأسمال البنوك قد تكون كافية فى الوقت الحالى، ولكن إذا أخذنا المخاطر المستقبلية فى الاعتبار قد يختلف الأمر،

مضيفًا أن البنك المركزى إذا اتخذ قرار عدم توزيع البنوك لأرباحها السنوية والمحتجزة على المساهمين لعام 2023 سيكون ذلك بناء على توقعاته ورؤيته للوضع الاقتصادى فى المستقبل، وليس فى الوقت الحالى.

وقال محمد البيه، الخبير المصرفى، إن البنك المركزى يتدخل فى أوقات التقلبات الاقتصادية العالمية، ففى الوقت الحالى يرصد الآثار المحتملة للحرب فى أوكرانيا على السوق المصرية، من حيث ارتفاع معدلات التضخم، واتباع سياسة التشديد النقدى، والتغيرات فى سعر الصرف، والتى تأثرت مصر بها هى الأخرى.

وتابع، فى تصريحات، لـ«المال»، أن البنك المركزى فى اتخاذه لتلك القرارات، يكون هدفه الرئيسى الحفاظ على قوة القطاع المصرفى والسياسة النقدية.

وأشار إلى أن البنك المركزى هو الرقيب الوحيد على الجهاز المصرفى، ولديه إخطار بالملاءة المالية الخاصة بكل بنك، والتى تختلف من بنك لآخر حسب حجم الأرباح لديه، والملاءة المالية، ونسب السيولة، وهو ما يدرسه «المركزى» بدقة قبل اتخاذ أى قرار عام على القطاع المصرفى، أو خاص ببنك محدد.

وأوضح أن البنوك التى لم تصل إلى القاعدة الرأسمالية التى حددها البنك المركزى- 5 مليارات جنيه- قد تكون حققت أرباحا محتجزة تتخطى تلك القيمة،

وبمجرد إصدار قرار من الجمعية العمومية بزيادة رأس المال، وتحويل الأرباح المحتجزة لرأس مال مدفوع، تكون حققت شرط الحد الأدنى لرأس المال،

مشيرًا إلى أنه من ناحية أخرى، توجد بنوك تحتاج إلى دعم أكبر لمركزها المالى، فما زالت تلك البنوك تعتمد على الودائع المساندة من البنك المركزى.