المحمول من «الإريال» إلى «الآندرويد» و«IOS»

شهدت سوق أجهزة الهواتف المحمولة فى مصر خلال العشرين عامًا الماضية تغييرات دراماتيكية فى ظهور علامات تجارية، واختفاء أخرى، الأمر الذى ساهم فى ترسيم السوق

Ad

شهدت سوق أجهزة الهواتف المحمولة فى مصر خلال العشرين عامًا الماضية تغييرات دراماتيكية فى ظهور علامات تجارية، واختفاء أخرى، الأمر الذى ساهم فى إعادة ترسيم خريطة السوق من حقبة لأخرى، خاصة مع تميز كل حقبة بهاتف لها.

إلا أنه من الملاحظ أن شركة سامسونج الكورية باتت اللاعب الأكبر الذى يستحوذ على نصيب الأسد من مبيعات سوق الـ”سمارت فون”، وباتت الشركات الأخرى، خاصة الصينية، تلاحقه على استحياء، فى إطار رغبتها لمواصلة التواجد بالسوق المحلية.

وبحسب تقرير مؤسسة الأبحاث التسويقية «GFK»، تراجعت مبيعات هواتف المحمول فى مصر خلال العام الماضى بنسبة %39.6 لتصل إلى 10.2 مليون جهاز، مقابل 16.9 مليون وحدة فى عام 2021.

واستحوذت العلامة الكورية «سامسونج» على الحصة السوقية الأكبر من مبيعات الهواتف المحمولة بنسبة %36.6 من إجمالى مبيعات القطاع، وجاءت «أوبو» الصينية فى المرتبة الثانية بعدما اقتنصت حصة سوقية %20.2، تبعتها «ريدمى» فى المركز الثالث بنسبة %13.7.

وحصدت «ريلمى» المرتبة الرابعة بحصة سوقية %10.7، تلتها «إنفينيكس» فى المركز الخامس بحصة قدرها %5.7، وحلت «فيفو» فى المرتبة السادسة بقائمة الماركات التجارية الأكثر مبيعًا للهواتف المحمولة، مستحوذة على حصة سوقية %4.2، تبعتها «أبل» فى المركز السابع بنسبة %2.8، من إجمالى مبيعات القطاع.

فيما توزعت الحصص السوقية المتبقية البالغة %6.1 على العلامات التجارية الأخرى المطروحة داخل السوق المحلية.

وبدأت خدمات المحمول فى الانتشار بمصر منتصف التسعينيات من القرن الماضى، إلا أن الراغبين فى شرائها كان يلجأون إلى استقدامها من الخارج، ولم تكن هواتف الجيل الأول تتميز آنذاك بالتقنيات والمزايا التكنولوجية الجديدة الموجودة حاليًا إذ كانت مجرد أجهزة لإجراء واستقبال المكالمات فقط مع وجود ميزة واحدة فقط هى إظهار رقم الطالب.

نوكيا 2110 الأكثر انتشارًا فى التسعينيات.. و”موتورلا ستارتاك” أول هاتف مزود بـ”الاهتزاز”

يعد هاتف نوكيا 1011 أول أجهزة المحمول التى دخلت السوق المصرية مع بدء تشغيل خدمات النظام الموحد للاتصالات المتنقلة فى عام 1998 ، تلاه هاتف «نوكيا 2110» الأعلى سعرًا والأكثر انتشارًا آنذاك، إضافة إلى هاتف «نوكيا 6110»، الذى صدر بعدها بحجم أصغر، رغم احتفاظه بهوائى الاستقبال «الإريال».

وانحصرت المنافسة آنذاك بين 4 علامات تجارية هى موتورلا والكاتيل وسيمنز ونوكيا، وكان القاسم المشترك بينها هو ارتفاع الأسعار وعدم توافرها بسهولة.

ومن الملاحظ جيدًا أن هواتف المحمول من الجيل الأول التى انتشرت خلال حقبة التسعينيات تميزت بوجود هوائى بارز “الإيريال”، وحجم كبير نسبيًا، إضافة إلى شاشة صغيرة الحجم وغير ملونة، فضلًا عن كونها أجهزة تتمتع بوجود مساحة تخزينية محدودة.

كما شهدت الفترة ذاتها ظهور هاتف موتورلا الشهير “ستار تاك”، والذى حقق انتشارا كبيرا كونه أول جهاز منطوٍ ووزنه الخفيف ومزود بخصائص متطورة منها خاصية الاهتزاز التى لم تكن معروفة وقتها.

وواجه «ستار تاك» منافسة شرسة مع هاتف «نوكيا 8110» الذى اشتهر باسم «الموزة»، نسبة إلى شكله الانسيابى، مع غطاء لوحة المفاتيح المنزلق، ثم بدأ نطاق المنافسة يحتدم مع دخول علامات تجارية جديدة مثل إريكسيون وألكاتيل للسوق المصرى، ومنافستها بهواتف رخيصة السعر ومتعددة الخصائص.

«نوكيا3310 ».. أيقونة بداية الألفينيات.. و«سونى إريكسون» تطلق «البلوتوث» لأول مرة

ويعد هاتف نوكيا 3310 أيقونة حقبة الألفينات التى شهدت تطورا ملموسا على صعيد أجهزة المحمول، إذ اختفى “الإريال” من معظمها بعد دمجه داخليًا، وأضيفت إلى بعضها نغمات صوتية مجمسة مع مجموعة من الأدوات التى تساعد فى إنجاز مهام يومية بسيطة، مثل الآلة الحاسبة والتقويم والمنبه والألعاب.

وظهر هذا الجيل فى مصر خلال السنوات الخمس الأولى من الألفية الجديدة، وصاحب ظهوره تغير ملحوظ فى سلوكيات مستخدمى الهواتف.

واستطاع «3310» أن يحافظ على مكانته بين الهواتف المحمولة، إلى أن قامت نوكيا بتطوير عدة موديلات تحمل نفس الخصاص والشكل أبرزها «نوكيا 3315، و3320، و3330، و3350، و3360».

وتطورت خصائص هواتف هذه المرحلة نسبيًا، فظهرت أجهزة تحمل خاصية البلوتوث للمرة الأولى، مثل هاتف سونى إريكسون R520m»»، كما بدأت الهواتف فى دعم خدمات الإنترنت والبريد الإلكترونى باستخدام الـGPRS.

وأطلقت نوكيا أول هواتفها المزودة بشاشة ملونة «نوكيا 3510»، قبل أن تطور الشاشة وتضيف إمكانيات أكبر فى الموديلات التالية «2600» و«2610».

«نوكيا 6600 الباندا».. هاتف الأثرياء.. والدمعة المنافس الأول

وظهر هاتف نوكيا 6600 الذى اشتهر باسم “الباندا” فى عام 2003 مستهدفًا الشريحة العليا من مستخدمى الهواتف، إذ كان مزودا بكاميرا داخلية عالية الجودة، ومشغل أغانى وفيديو وتقنية البلوتوث، إضافة إلى كونه أول جهاز يدعم تشغيل بطاقة ذاكرة” ميموري”.

ولم تترك «نوكيا» الفرصة لمنافسيها للخروج من صدمة «الباندا»، إذ أطلقت هاتف 7610 الذى اشتهر باسم «الدمعة»، نسبة إلى تصميمه الانسيابى، ليكون أول هاتف ذكى «Smart Phone» من إنتاج شركة نوكيا، وطرح لأول مرة فى الأسواق عام 2004، لكن انتشاره فى السوق المصرية بدأ بداية عام 2005، ومنه تطور جهاز نوكيا 7620 الشهير بـ«بيبى دمعة».

إلا أن هواتف شركات مثل «موتورولا» و«سامسونج» وضعت قدمها فى مواجهة العملاق الفننلندى على استحياء، خاصة هواتف «موتورولا SLVR L2» الذى اشتهر فى السوق المصرية باسم «البسكوتة»، نظراً لنحافته الشديدة، وجاء مزودًا بكاميرا داخلية عالية الجودة وذاكرة قوية.

‏N70

وأصدرت هاتفها «نوكيا» N70» الذى عزز سيطرتها على سوق الهواتف عالية الإمكانيات ومرتفعة السعر فى مواجهة أقرب منافسيها «سامسونج» و«سونى إريكسيون».

وتميز «N70» الذى صدر فى عام 2005 بكاميرا عالية الجودة، 2.0 ميجابيكسل، مع خاصية الفلاش للتصوير فى الإضاءة الضعيفة، وتطورت عنه عدة موديلات أخرى، مثل «N72،N73،N90، N95».

2003 الظهور الأول لـ«البلاك بيرى»

أما فى 2003 فقد ظهر هاتف BlackBerry Quark والذى كان بمثابة طفرة جديدة، مع ظهور نظام التشغيل الخاص به، ووفر الهاتف أول اتصال صوتى متكامل، إضافة إلى عدد من المميزات الأخرى.

2007 أول ظهور لـ«آيفون».. وبداية عصر الشاشات “التاتش”

ظهر الجيل الرابع للاتصالات اللاسلكية منذ أواخر عام2007 مع تطور خدمات المحمول، وظهور رسائل الوسائط المتعددة، ودردشة الفيديو، ونقل البيانات وغيرها من التطبيقات التى حولت الهاتف المحمول إلى كمبيوتر صغير.

وتزامن هذا التطور انطلاق الإصدار الأول من هاتف آبل الشهير “الآيفون” ومن ثم بداية عصر الهواتف الذكية المزودة بشاشات اللمس على حساب شركة نوكيا التى ظلت متربعة على سوق الهواتف الذكية فى مصر لأكثر من 15 سنة، مع تطور أجهزة بعض الشركات الأخرى مثل سونى وبلاك بيرى وسامسونج وhtc.

ميلاد الآندرويد

وشهد عام 2008 ميلاد أول هاتف آندرويد وهو HTC Dream، وقد كان هذا الهاتف هو الأول من نوعه الذى يوفر عددا من المميزات مثل النسخ واللصق، وعرض الإخطارات على الشاشة الرئيسية وغيرها من الأمور.

الصراع بين آبل وسامسونج

وأطلقت شركة سامسونج سلسلة جلاكسى S والتى جاءت لمنافسة آبل، حيث دعم هاتف سامسونج بشاشة AMOLED لمسية، إضافة إلى عدد من المميزات الأخرى التى جعلتها قادرة على منافسة هواتف أبل.

غزو الموبايلات الصينية

وغزت الهواتف صينية الصنع الأسواق المصرية منذ عام 2008، ولاقت رواجًا كبيرة، لأسباب تتعلق بتعدد مزاياها وخواصها، ورخص سعرها، رغم جودتها الأقل من هواتف الشركات المعروفة.

وأطلق مستخدمو الموبايل وصف «الموبايل الصينى» على هذا النوع من الهواتف نسبة إلى بلد صناعته، ولعدم حمله اسم علامة تجارية معروفة، ولم ينافس الهاتف الصينى هواتف العلامات التجارية الكبرى، لكنه صنع لنفسه سوقا موازية لشريحة مختلفة من مستخدمى المحمول فى مصر.

قال أحمد قنديل، المدير الإقليمى لشركة «بينكو» لإكسسوارات المحمول بمصر، إن سوق الموبايلات فى مصر شهدت تغيرات دراماتيكية على مدار الـ20 عامًا الماضية بعدما بدأ القطاع فى استقبال أولى أجهزة الهواتف فى عام 1997 من قبل مزودى ومشغلى الخدمات وهما “موبنيل وكليك” اللذين كانا يقومان بتسويق الأجهزة مزودة بالخطوط.

وأضاف “قنديل” أن شركتى هواتف “نوكيا وإريكسون” يعتبران من أوائل الكيانات العاملة فى مجال سوق المحمول، من خلال تقديم وحداتها عبر الفروع الخاصة بها خلال تلك الفترة، موضحًا أن القطاع شهد تطورًا فى سياسات عمليات البيع عن طريق دخول العديد من الشركات العاملة فى بيع الأجهزة الكهربائية بتوسيع نشاطهم وبدء التداول على الهواتف المحمولة بفروعهم تحديدًا فى شارع عبد العزيز بالقاهرة أوائل حقبة الـ2000.

وأشار إلى أن التحول فى أنظمة وسياسات البيع لم يتوقف عند ذلك، بل امتد إلى التسويق عبر الشركات المحلية التى كان من أبرزها “بروتيك” التابعة لـ”راية” حاليًا، مبينًا أن العديد من شركات التوزيع حينذاك كانت مهتمة بشكل كبير لضم أكبر عدد من تجار الأجهزة الكهربائية فى عمليات بيع الهواتف المحمولة تحديدًا أجهزة “نوكيا”.

وأوضح أن سوق المحمول كانت مقصورة على تواجد شركتى التوزيع والتسويق وهما “النيل للهندسة، ودلتا” اللتين كانتا تعملان على تسويق منتجات “إريكسون” بجانب قيام “برودكت” بتوزيع هواتف “نوكيا” فى مصر.

بدء عصر «سامسونج».. وتغير خريطة المحمول عالميًا ومحليًا

وتابع أنه بدأت تظهر بعض الماركات الجديدة ومنها “سامسونج” التى دخلت سوق المحمول عبر إنتاج وطرح “جالاكسى S3” التى استطاعت أن تدخل تكنولوجيا صناعة الهواتف الذكية المتطورة “أندرويد” خلال عام 2005 - 2006، ومن ثم بدأت خريطة مبيعات السوق تشهد تغيرًا كبيرًا من خلال تراجع حصة “إريكسون” التى اتجهت للاعتماد على بيع أجهزة الإرسال والاستقبال للشبكات مع خروجها من صناعة الهواتف عالميًا.

وتطرق بالحديث عن اهتزاز عرش مبيعات “نوكيا” فى مصر بالتزامن مع ظهور أجهزة “سامسونج” مدعومة بأنظمة تشغيل الهواتف الذكية “آندرويد” خاصة من أجهزة “جالاكسى S3” التى حققت أكثر من 30 مليون وحدة عالميًا خلال 2005 - 2006.

وأكد أن صناعة الهواتف عالميًا بدأت عمليات التطوير، من خلال إنتاج الإصدارات الجديدة لبعض الماركات التجارية، ومنها “سامسونج” التى استطاعت أن تنتج أكثر من 20 نسخة جديدة على مدار الـ20 عامًا الماضية.

نظام تشغيل «الآندوريد» يسحب البساط من «نوكيا»

وأوضح “قنديل” أن نوكيا فشلت فى تسويق وحداتها المتطورة المدعومة بنظام التشغيل “ويندوز” بالتزامن مع شركة مايكروسوفت، على أن تم بيع علامتها التجارية لأحد الكيانات العالمية ممثلة فى “إم إتش دي”.

وعن سوق المحمول فى مصر، ذكر “قنديل” أن اشتداد المنافسة خلق نوعًا من الصراع بين كبار مصنعى الهواتف الصينية ودخول “هواوي” سباق المنافسة وتقديم الجيل الجديد من هواتفها المدعومة بأنظمة “آندرويد”، موضحًا أن الأخيرة تمكنت من تحقيق نجاحات كبيرة عالميًا ومحليًا عبر بيع مبيعات كبيرة قبل الاحتدام مع أمريكا وحظر وحداتها من برامج تحديث “آندرويد”.

اشتعال الصراع «الأمريكى – الصينى».. وحظر منتجات «هواوى» على «جوجل بلاى»

وقال “قنديل” إن الصراع الأمريكى - الصينى أثر على خريطة المنافسة عالميًا ومحليًا، من خلال تراجع حصة “هواوي” من مبيعات الهواتف خاصة بعد حظر منتجاتها وعدم تحديث تطبيقاتها على منصات “جوجل بلاي” فى 2019.

وأوضح أن “بكين” قامت بتدعيم شركتها “هواوي” من خلال إتاحة الفرصة لاقتناص أكبر حصة من مبيعات الهواتف المحمولة فى السوق الصينية بنسب تصل إلى 75% من جملة مبيعات القطاع، وذلك فى إطار حمايتها واستمرارية تواجهها كمستثمر رئيسى فى صناعة الإلكترونيات عالميًا.

وأشار إلى أن الادارة الصينية سمحت لشركات الهواتف الصينية، ومن أبرزها “أوبو، وشاومى، وريدمى، وريلمي” بتوسيع نشاطها فى الأسواق الخارجية بديلًا لـ”هواوي” التى بدأت تتخارج نسبيًا من بعض الدول بعد الحظر الأمريكى على منتجاتها الذى كان فى 2019.

«كورونا» و«الحرب الروسية - الأوكرانية» تهددان سلاسل الامتداد

ولفت إلى أن اللاعبين فى سوق المحمول استمروا فى سياسات بيع وتسويق أجهزة الهواتف المحمولة “آندرويد” مع طرح الإصدارات الجديدة فى ضوء تعزيز تنافسيتها محليًا حتى 2020، على أن جميع القطاعات تأثرت ومنها صناعة المحمول من تداعيات “كورونا” من خلال إغلاق المصانع وتباطؤ سلاسل الامتداد من المكونات والمواد الخام، لاسيما مع ارتفاع الأسعار.

وأكد “قنديل” أنه مع نهاية 2021 بدأت صناعة الهواتف فى التعافى نسبيًا من أزمة “كورونا” وقيام الشركات العالمية بمضاعفة الكميات المنتجة بغرض سد متطلبات الأسواق العالمية، إلى أن ارتفع حجم مبيعات السوق عند معدلاته الطبيعية من مليون إلى 1.5 مليون وحدة شهريًا.

ومع نهاية 2022 أربكت الأسواق العالمية من تداعيات الحرب “الروسية - الأوكرانية” من خلال إعادة عدم انتظام سلاسل الإمداد ونقص المواد الخام المستخدمة فى عمليات التصنيع، فضلا عن أزمة ارتفاع الطاقة التى ما زالت تهدد بتوقف المصانع الأوروبية حتى تلك اللحظة.

وتوقع “قنديل” استمرار حالة التخبط التى تشهدها السوق المحلية، جراء الركود الاقتصادى العالمى وضعف حركة الاستيراد، ما ستنعكس سلبًا على ضعف الكميات المنتجة والموردة لمصر خلال الفترة المقبلة.

ورجح إقبال العديد من شركات الهواتف العالمية على الدخول فى السوق المحلية عبر مشروعات تصنيع أجهزتها محليًا، خاصة بعد التيسيرات والامتيازات التى منحتها الدولة للمصنعين المحليين، التى تتمثل فى التخفيضات الجمركية وإلغاء رسوم موارد الدولة على مكونات الإنتاج، ما سيسهم فى خفض التكلفة وتعزيز قدرة الشركات على تقديم منتجاتها بأسعار تنافسية.