«المال» تستعرض تطورات سوق العقارات المصرية فى السنوات العشرين الأخيرة

شهدت السوق العقارية المصرية فى السنوات العشرين الأخيرة تغيرات كبرى، خاصة مع تزايد الطلب على المنتجات المتنوعة، بغرض السكن أو الاستثمار

Ad

شهدت السوق العقارية المصرية فى السنوات العشرين الأخيرة تغيرات كبرى، خاصة مع تزايد الطلب على المنتجات المتنوعة، بغرض السكن أو الاستثمار، الأمر الذى دفع لتأسيس شركات تعمل فى مجال التطوير لتقديم منتجات ما بين سكنية أو تجارية أو إدارية.

“المال» تستعرض فى هذا التقرير، التطورات التى شهدها قطاع العقارات خلال السنوات العشرين الماضية؛ هى عمر جريدة «المال”، والتى صدر عددها الأول فى 16 مارس عام 2003.

ظهور شركات التطوير العقاري

يمكن القول إن مصر عرفت التطوير العقارى بمفهومه الحالى فى العام 1973، بعد أن عكفت الدولة على بناء مساكن جديدة للموظفين والعمال وفقًا لميزانية محددة تمكنهم من امتلاك وحدات سكنية تتماشى مع حجم الدخل، بعد أن شهدت البلاد أزمة طاحنة فى العام 1963 بين عدد من ملاك العمارات السكنية والمستأجرين، تدخلت على أثرها الحكومة لتخفض قيمة الإيجار، وهو ما تسبب فيما عرف حينها بـ”انهيار العقارات”.

ففى العام 1980 عملت الحكومة على الدخول فى شراكات مع عدد من البنوك المحلية لتنفيذ مشروعات سكنية، إلا أن الأمر تطور بعد أن بدأت فى الظهور شركات تعمل فى التطوير العقارى، استعانت بها الحكومة أيضًا لتنفيذ مشروعات الإسكان الفاخر، لتظهر على السطح مشروعات «الكمبوندات”.

وبالتزامن مع هذه الخطوة تم تأسيس «رابطة المستثمرين العقاريين» وتحديدا فى العام 1999، والتى تم تغير اسمها فى وقت لاحق لـ”رابطة المطورين العقاريين”، ثم مؤخرًا باسم «مجلس العقار المصري”، بعد أن وصل عدد الشركات العاملة فى نشاط الإسكان إلى 92 شركة، بإجمالى رأس مال بلغ 938 مليون جنيه، و137 شركة فى مجال التعمير والبنية الأساسية برؤوس أموال مصدرة بلغت 204 مليارات جنيه.

بداية الانفتاح

منذ العام 2003 بدأت السوق العقارية فى مواكبة الحركة العالمية والانفتاح على الأسواق الأخرى، وهو ما ظهر من خلال المنتجات العقارية المختلفة التى كان يتم التسويق لها فى حينه.

تأسيس أول شركة تمويل عقاري

ومع حجم التطور وارتفاع الطلب على تملك العقار، سواء بغرض السكن أو الاستثمار، شهد العام 2003 صدور أول سجل تجارى لأول شركة تمويل عقارى فى مصر باسم «التعمير للتمويل العقاري”، برأس مال مرخص به 500 مليون جنيه ورأس مال مصدر بلغ 250 مليون جنيه.

وقال وزير الإسكان حينها، الراحل الدكتور محمد إبراهيم سليمان، إن الشركة ستقوم بإقراض الراغبين فى تملك وحدة سكنية أو تشطيب وتحسين وحداتهم السكنية طبقًا لما ينص عليه قانون التمويل العقارى.

وأكد أن عمليات التمويل سيتم تطبيقها على محدودى الدخل كمرحلة أولى، فى ظل تواجد هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كأحد المساهمين فى شركة التمويل وشركات التأمين وهيئة الأوقاف وقطاع الأعمال وبنوك «الأهلى ومصر والإسكندرية والقاهرة والتعمير والإسكان والاستثمار القومى والدلتا ومصر إيران» وشعبة الاستثمار العقارى.

ولم يمر سوى بضعة أشهر حتى أعلن عدد من البنوك الانسحاب من شركة التمويل العقارى، شملت قائمة البنوك المنسحبة «الأهلى ومصر والإسكندرية والقاهرة والدلتا”، وهو ما تسبب فى تأخير عملية التشغيل، بالتزامن مع حالة الركود التى كان تعيشها السوق العقارية فى هذه الفترة، بفعل قرار حكومة الراحل عاطف عبيد بـ”تعويم الجنيه”، والتى خسر على أثرها الجنيه أكثر من %30 من قيمته الشرائية، ما أدى إلى ارتفاع كبير فى أسعار السلع خاصة المواد الغذائية ومواد البناء.

أزمة الركود وانسحاب الشركات

المعاناة التى يعيشها قطاع العقارات والممتدة حتى العام 2004 بسبب ارتفاع المديونيات وحالة الركود فى ظل التجاهل الحكومى، وارتفاع معدلات التضخم، كانت كفيلة لدفع الكثير من الشركات للانسحاب من السوق، إلا أن البعض أرجأ الخطوة بعد تصريحات لوزير الاستثمار حينها الدكتور محمود محيى الدين بشأن تأسيس شركة جديدة للتمويل العقارى، والتلويح بإجراءات عقابية ضد الشركتين القائمتين بالفعل، نظرا لعجزهما عن إحداث جديد فى سوق العقارات وتركيزها على التعامل مع فئة أصحاب الدخول المرتفعة فى الوقت الذى أعلنت فيه الحكومة أن المرحلة الأولى من تفعيل قانون التمويل العقارى ستركز على أصحاب الدخول المنخفضة.

البنوك تجرى عمليات تسوية مع رجال الأعمال المتعثرين

وفى العام نفسه عملت البنوك على إجراء عمليات تسوية مع كبار رجال الأعمال المتعثرين وركزت فى هذا التوجه على الاستحواذ على المشروعات العقارية والسكنية، وهو ما حمل مؤشرات إيجابية دفعت فى ارتفاع نسب التشغيل، وعاد القطاع ليكون ضمن أكثر القطاعات المرحة للبورصة، واحتفظ القطاع بثقة المتعاملين تمهيدا لانتعاش السوق من جديد، فى ظل ارتفاع المخزون من الوحدات خاصة التى تمتلكها الشركات التابعة للقابضة للتشييد والتى بلغت قيمتها 867.3 مليون جنيه، لكن تبقى أزمة تقديم تمويل عقارى طويل الأمد.

تخفيض رسوم التسجيل إلى %3 من قيمة الوحدة

ولم تكن أزمة تدبير تمويلات طويلة الأمد هى الأزمة الوحيدة التى تقف أمام حالة الركود التى يعيشها قطاع العقارات حتى نهاية العام 2005، فأزمة أخرى تقف حائلًا أمام تحريك السوق، وهو الأمر الذى انتبهت له الحكومة برئاسة الدكتور أحمد نظيف، لتعلن تقليص رسوم تسجيل العقارات فى مصر لتصل إلى %3 بعد أن كانت %15 من قيمة الوحدة.

وقرار تخفيض رسوم التسجيل سريعًا ما أتى بثماره، ليعلن فى العام نفسه عن توقيع 3 عقود لمشروعات عقارية عربية عملاقة فى مناطق «القاهرة الجديدة، والمقطم وطريق السويس باستثمارات قدرت بقيمة 74 مليار جنيه على مساحة تعادل 8700 فدان.

ارتفاع أسعار مواد البناء

وعلى الرغم من حالة الركود التى تعيشها سوق العقارات فإن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية اعتبره العديد من الخبراء فى العام 2006 مرتفع جدًا، مستنكرين وصول سعر الوحدة السكنية فى المناطق المتواضعة لأكثر من 70 ألف جنيه، ما اعتبروه خارج إمكانيات الشباب والباحثين عن وحدات بغرض السكن.

وفى هذه الأثناء واجهت الحكومة سيلًا من الضغوط لمطالبة منتجى الأسمنت والحديد بتخفيض أسعار المنتجات بعد أن سجل سعر طن الأسمنت 300 جنيه وطن الحديد إلى 3000 جنيه، علاوة على وصول سعر المتر مربع فى الوحدات السكنية إلى 670 جنيها بعدما كان 300 جنيه فقط، إضافة لفرض %2.5 من قيمة الوحدة كضريبة عقارية، بعد أن تم إقرار القانون فى العام 2005.

نظام للتمويل العقاري

وفى منتصف العام 2006 أوصت دراسة مسحية أعدها مشروع الخدمات المالية بمصر التابع لهيئة المعونة الأمريكية حول «المعارف والسلوكيات السائدة فى التمويل العقاري» بضرورة استمرار مهام التوعية لتحفيز المستهلكين للحصول على قروض التمويل العقارى لشراء الوحدات السكنية، وكذلك أهمية الارتقاء بعملية التسجيل وإجراءاتها قبل دعوة الأفراد لتسجيل ملكياتهم حتى لا يصابوا بالإحباط ويمتنعون نهائيًا عنه.

وشددت الدراسة فى توصياتها على ضرورة التعاون بين جهات التمويل والحكومة فى حملات التوعية لتثقيف المواطنين، وأن تتسم هذه الحملات بالاستمرارية وتعدد الجوانب، إلا أن عددا من الخبراء اعتبر أن نظام التمويل الممول من المعونة الأمريكية غير فعال، فى ظل ارتفاع نسبة الضريبة المستحقة على المشترى إلى %19 متضمنة ضرائب البنوك والتأمينات.

ارتفاع أسعار الأراضي

وبحسب دراسات وأبحاث فإن أسعار الأراضى فى هذا التوقيت سجلت ارتفاعًا وصف حينها بالهائل، ليسجل سعر المتر المربع فى المعادى الجديدة من 1000إلى 1500 جنيه، وفى الزمالك ارتفع إلى 3700 جنيه، وفى التجمع الخامس من 1500 إلى 1800 جنيه، وارتفع سعر المتر فى مدينة أكتوبر إلى 2000 جنيه، بعد أن كان 1000 جنيه.

الأزمة المالية العالمية

وضع السوق العقارية لم يتغير كثيرًا فى العام 2007، إلا أن المحنة الطاحنة التى تأثر بها بفعل الأزمة المالية العالمية التى بدأت سبتمبر من نفس العام، وتعرضت فيها أغلب القطاعات للعديد من المشكلات، ترتب عليها تباطؤ معدل النمو السنوى، علاوة على إفلاس العديد من الشركات، إضافة لارتفاع معدلات البطالة.

وعلى الرغم من هذه الأزمة، فإن الحكومة ممثلة فى وزارة الإسكان وجهت إنذارات لعدد من الشركات العقارية الكبرى بسحب 7 ملايين متر مربع منها، بسبب التأخير فى عمليات البناء، كان على رأس هذه الشركات شركة «الفطيم» والتى سبق أن استحوذت على 1.6 مليون متر مربع فى القاهرة الجديدة، بقيمة 600 مليون جنيه، لبناء مدينة متكاملة تحمل اسم «كايرو فيستيفال سيتي”.

وما إن اشتدت الأزمة المالية العالمية فى العام 2008 حتى شهدت أغلب مواد البناء ارتفاعًا ضخمًا فى الأسعار، حتى إن سعر طن الأسمنت سجل حينها 460 جنيهًا، فيما وصل سعر طن الحديد لقرابة 9 آلاف جنيه، وسط اتهامات للشركات المنتجة بالاحتكار والتلاعب فى الأسعار.

القروض العقارية تسقط ثانى أكبر بنك أمريكى

الخامس عشر من سبتمبر 2008، هو اليوم الذى مثَّل لحظة حاسمة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية بل والنظام المالى العالمى، بعد أن تم الإعلان عن إفلاس بنك «ليمان برازرز”، ليكون ثانى أكبر بنك استثمارى فى الولايات المتحدة الأمريكية يسقط ضحية الأزمة المالية بعد بنك «بيرسيترنز”، والذى بيع فى مارس من ذات العام بعد أن خسر 60 مليار دولار، فيما عرف حينها بـ”أزمة القروض العقارية”.

تأسيس البورصة العقارية

ومع مطلع العام 2009 ارتفعت الأصوات المطالبة بضرورة تأسيس بورصة عقارية متخصصة، بعدما تردد حول إجراء مفاوضات بين مسئولين مصريين وسعوديين لتأسيس أول بورصة عقارية فى السوق المحلية، على أن تدار من خلال الجهات الرسمية أو شركات التطوير العقارى، بهدف جذب استثمارات محلية وأجنبية لتمويل وتطوير المشروعات العقارية.

وعلق حينها رئيس قطاع الأوراق المالية ببنك مصر إيران، كمال محجوب، قائلا: إن السوق المصرية بحاجة لتأسيس بورصة عقارية متخصصة باعتبار أن القطاع العقارى هو الأكبر، بسبب الصناعات والأنشطة الحديثة المرتبطة، غير أن «محجوب» أوضح أن نجاح البورصة العقارية مرهون بالعديد من الاشتراطات بدءًا من تضافر جهود وإمكانات جميع الجهات والأفراد العاملة فى هذا القطاع، بما فيها الشركات العقارية والبنوك وشركات التمويل العقارى والمقاولات والتأمين.

وأضاف أن نجاح بورصة العقارات سيعتمد بالأساس على مدى توافر البنية الإدارية والتشريعية، فضلًا عن وسطاء العقارات الذين يمثلون حلقة وصل قوية فى القطاع العقارى، مشيرًا إلى أهمية وجود جهة رقابية تتابع عمل البورصة العقارية، إضافة إلى توافر بنية تشريعية قوية تحول دون حدوث تلاعبات من جانب الشركات مثل التأخر فى مواعيد تسليم المشروعات بما يضر صغار المستثمرين.

وكان الهدف الحقيقى من عملية الاستثمار من خلال البورصة العقارية هو القضاء على ظاهرة الغش والتدليس فى الاستثمارات العقارية، إذ يتم إجراء دراسة جدوى من شركات متخصصة وربط أسعار التداول بأسعار دراسة الجدوى لضمان عدم تجاوز أسعار التداول لأسعار السوق العادلة، ما يضمن عدم حدوث مضاربات على أسهم الشركات كما هو الحال فى أسواق المال الأخرى.

البورصة تسمح بتأسيس الصناديق العقارية

فى هذه الأثناء تقدمت مؤسسات مالية كبرى، فى مقدمتها المجموعة المالية هيرميس القابضة وبايونيرز القابضة وإتش سى لتأسيس صناديق عقارية متخصصة، بعد أن أجرت البورصة تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال، وبات مسموحًا بإنشاء 3 أنواع من الصناديق، الأولى تستثمر فى أسهم الشركات العقارية، والأخرى فى مجال تطوير الأراضى والمبانى، والثالثة يعتمد نشاطها على تشغيل الوحدات كالتأجير.

ووفقًا للإحصاءات الرسمية فإن مصر كانت تحتاج فى هذه الفترة لنحو 750 ألف وحدة سكنية سنويًا، من بينها 480 ألف وحدة لحديثى الزواج، و220 ألفا لإعادة توطين سكان المناطق العشوائية بنحو 50 ألفًا لتعويض سكان المنازل الآيلة للسقوط فى الوقت الذى لم يتم فيه بناء سوى 3.2 مليون وحدة بين عامى 1982 و2003.

سندات التوريق العقارية

وعلى الرغم من حالة الركود التى تعيشها مصر كجزء من العالم الذى يشهد أزمة مالية، فإنه شهد العديد من التطورات التى كان لها مردود جيد على قطاع العقارات المصرى، منها موافق مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال على الطلب المقدم من البنك العقارى المصرى العربى لإصدار سندات توريق تطرح للاكتتاب العام تبلغ قيمتها 500 مليون جنيه بقيمة اسمية 1000 جنيه للسند على أن تصدر لمدة 7 سنوات مقابل حقوق مالية تبلغ قيمتها حوالى 891 مليون جنيه تمثل قروضًا عقارية مضمونة السداد من وزارة المالية، لترتفع الأصوات المطالبة بإتمام عمليات توريق لصالح الشركات العقارية.

ولم يمر كثيرًا حتى أعلنت مجموعة طلعت مصطفى القابضة، نيتها، طرح سندات فى سوق المال تتراوح قيمتها بين مليارين و3 مليارات جنيه لتوريق المشروعات التى تنفذها ومديونيات العملاء بها، خاصة مشروعى مدينتى والرحاب، على أن يعاد استخدام حصيلتها فى تمويل هذه المشروعات، لتصل قيمتها إلى 500 مليون جنيه، من خلال شركة الرحاب للتوريق التى أسستها المجموعة.

وعكفت الشركة على فرز محفظة المديونيات التى سيتم توريقها، وتم الاستقرار على شريحة قيمتها 500 مليون جنيه تتوزع بواقع 420 مليون جنيه مديونيات مشروع مدينتى و80 مليونًا مشروع الرحاب، وبلغ أجل السندات التى أعلنت عن طرحها 7 سنوات، على أن يتولى البنك العربى الأفريقى دور مدير الاصدار وضامن الاكتتاب، وستقوم شركة ميرتس بتصنيف محفظة المديونيات والسندات التى سيتم طرحها.

السمسار العقارى «البروكر”

وعرفت سوق العقارات وظيفة السمسار العقارى «البروكر» فى أعقاب ثورة يوليو عام 1952، وهو الشخص الذى جسد فى أدوار السينما، يجلس أسفل شمسية وأمامه مكتب صغير الحجم، يذهب إليه الراغبون فى الحصول على وحدات سكنية بغرض الإيجار أو التملك.

ومع حالة الانفتاح التى شهدتها السوق العقارية وارتفاع حجم الطلب فى ظل التزايد السكانى، وارتفاع عدد الشركات العاملة فى مجال العقارات، أقدم عدد من الأفراد على تأسيس مكاتب للتسويق العقارى، وهو المجال الذى عاش حالة من الانتعاش مع بدايات العام 2003.

وفى العام التالى تم الإعلان عن توسع شبكة كولدويل بانكر العقارية كأكبر شركة عقارية متكاملة تضم مصر ودول الشرق الأوسط، لتتمكن من إنشاء 12 مكتبا فى القاهرة والإسكندرية وشرم الشيخ، وتنطلق بعدها لأسواق لبنان والسعودية وقطر والبحرين.

ولعل ما كان يميز كولدويل بانكر فى هذه الفترة هو اعتمادها على الشبكة الإلكترونية، والتى مكنت العملاء فى كل الدول العربية من الاطلاع على الوحدات المعروضة، علاوة على أسعارها، إضافة إلى طباعة مجلة شهرية تشمل عروض لعدد 120 عقارا توزع على 70 ألف شخص مجانًا.

وبحسب إحصائيات غير رسمية بلغ عدد الشركات العاملة فى مجال التسويق العقارى، فيما يعرف الآن باسم «البروكر» أكثر من 2500 شركة، وعلى الرغم من صدور قانون لتنظيم علاقة السمسار بالسوق العقارية فى العام 2002، إلا أن عددا كبيرا من الشركات العاملة فى السوق العقارية لم توفق أوضاعها، وسط مطالب من المطورين بضرورة تنظيم وتقنين عمل المسوقين العقاريين.

وفى أكتوبر من العام الماضى صدر تعديل على القانون رقم 120 لسنة 1982 لتنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطة التجارية، على كتابة عقد السمسرة، وأن يحتوى على أسم السمسار والعقار وبيانات العميل.

وألزم المشرع بأن يكون عقد السمسرة العقارية مكتوبًا وموضحًا فيه البيانات اللازمة، وعلى وجه الخصوص تاريخ تحريره، واسم السمسار العقارى، والعميل، والرقم القومى لهما، وبيانات السمسار العقارى من واقع السجل التجارى، ورقمه الضريبى، ومواصفات العقار أو الوحدة أو الأرض، أو غيرها من البيانات التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص.

كما أوجب القانون ضرورة أن يتضمن العقد حدود عمل السمسار العقارى والصلاحيات اللازمة للتأكد من بيانات العقار أو الوحدة أو الأرض محل السمسرة العقارية لدى الجهات الحكومية وغير الحكومية فى حدود الوكالة الرسمية التى تصدر له من طرفى عقد السمسرة العقارية أو أحدهما.

كما يثبت السمسار العقارى بعقد السمسرة العقارية وسيلة الدفع بصورة كاملة تشمل تحديد نوعها، ووسيلتها، وتاريخها، ومبلغها، وإلزام السمسار العقارى بالتحقق من بيانات العقار أو الوحدة أو الأرض، ويتأكد من المعلومات المقدمة من ذوى الشأن، ويطابقها مع المعلومات الفعلية المسجلة لدى الجهات الإدارية سواء من حيث المساحة أو الوصف الصحيح، كما يلتزم السمسار العقارى بالحفاظ على سرية المعلومات التى يتصل علمه بها، وألا يفصح عنها إلا فى الحالات التى يسمح فيها القانون.

أزمة السيولة تؤدى للركود

فى العام 2009، بلغ حجم الاستثمار العقارى فى مصر مليار جنيه فقط، بعد أن شهدت السوق حالة من الكساد وأصيب بالركود لعدم قدرته على تصريف المخزون من العقارات بسبب نقص السيولة، وفشل العاملين المصريين بالخارج فى إنعاش هذه السوق الضخمة التى كان يقدر حجمها حينها بحوالى 50 مليار جنيه.

وحالة الركود التى أصابت السوق كانت بفعل التوسع فى الحصول على القروض من البنوك بضمان عقارات الإسكان الفاخر، والذى تطلبه فئة محددة وقليلة فأصبح هناك عرض كبير من هذه الوحدات السكنية الفاخرة بأسعار مرتفعة لا تتناسب مع إمكانيات عدد كبير من متوسطى الدخل.

وأزمة الركود كانت دافعا لشركات التطوير العقارى لاتباع أساليب كانت جديدة حينها لتسويق العقارات، من خلال إعلانات الانترنت لتفادى دفع عمولة السماسرة، حتى إن عدد الوحدات السكنية والتجارية والإدارية وقطع الأراضى التى كان يتم التسويق لها فى العام 2009 بلغ 50 ألفا.

مراجعة التصميمات وتقليل المساحات لتحفيز العملاء

مع بداية العام 2010، اتجهت الشركات العقارية لتعديل خططها من خلال إعادة تصميم المشروعات وتقليل المساحات المعروضة، علاوة على مد فترات السداد وتقليل مقدمات الحجز والتعاقد لتصل قيمة المقدم إلى %10 من قيمة الوحدة ومد فترات السداد حتى 7 سنوات، الأمر الذى ساهم فى تحفيز العملاء على اتخاذ قرارات الشراء.

سحب أراضٍ وفرض غرامات

ومع اندلاع شرارة ثورة يناير وسقوط نظام الرئيس الراحل حسنى مبارك، بات قطاع العقارات ضمن القطاعات التى واجهت سيلًا من اتهامات الفساد والتربح والتفريط فى المال العام، حتى أن أغلب القضايا التى واجهها نظام مبارك كان التربح أو التسهيل فى الحصول على أراضٍ لصالح شركات تهمة ثابتة يواجهها أغلب الوزراء، ما دفع القائمين على إدارة البلاد خلال هذه الفترة على سحب أراض تم تخصيصها لمشروعات عقارية، وفرضت غرامات على البعض الآخر.

وبعض القرارات التى صدرت بحق عدد من الشركات جاءت بدوافع سياسية، وهو الأمر الذى تسبب -وبحسب عدد من الخبراء- لتعطيل استثمارات عقارية قدرت حينها بنحو 7 مليارات دولار، علاوة على ما تعرضت له البورصة المصرية من هزة عنيفة.

وبات العقار أيضًا فى أعقاب الثورة ضمن الأوعية الائتمانية غير الآمنة، بسبب قرارات سحب الأراضى، ما دفع الكثيرين الاحتفاظ بأموالهم سائلة، لحين اتضاح موقف الشركات من الأراضى التى سبق أن حصلت على قرارات تخصيص لها.

مطالب بتخفيض أسعار الفائدة لتجاوز حالة الركود

لكن وضع السوق العقارية عام 2012 لم يختلف كثيرا عنه فى العام السابق، حتى إن حالة الركود التى ضربت القطاع كان لها بالغ الأثر على الاقتصاد الكلى، لتتعالى أصوات المطورين المطالبة بضرورة تفعيل قانون التمويل العقارى، ومطالبة الحكومة بتخفيض أسعار الفائدة والتى كانت قد وصلت إلى 14%.

وهنا سعت الحكومة لعقد اتفاق مع المطورين بموجبه يتحقق إحداث توسعات فى المدن الجديدة، وفى نفس الوقت يحصل المطور على أراضٍ بأسعار مغرية، لتبدأ هيئة المجتمعات العمرانية طرح مساحات شاسعة من الأراضى أمام شركات التطوير العقارى الجادة، لتخلق حالة من التنافس بين الشركات لتقديم مواصفات وتسهيلات فى السداد للعميل، وتوفير خدمات للعملاء لم تكن موجودة من قبل.

تعديل ثالث على قانون الرهن العقاري

كما عملت الحكومة على إحداث تعديل ثالث لمشروع قانون الرهن العقارى وهو المشروع المكون من 56 مادة، مقسمة على 8 أبواب شملت الأحكام العامة للقانون واتفاق القرض وقيد وأحوال الرهن وشركات الإقراض العقارى وضمانات الإقراض والرقابة، وأخيرا العقوبات، كما أرفق بالقانون مذكرة إيضاحية لشرح وتفسير نصوص القانون وخلفية بنوده.

وقد لاقى مشروع القانون ترحيبًا إلا أن أحد مواده التى منعت حق التصرف فى العقار اعتبرها العملاء تقييدًا للعميل المستفيد بالعقار، كما أن المادة الأولى من قانون الإصدار نصت على أن يلغى كل حكم مخالف فى القانون، وطالب حينها المطورون بضرورة التخلى عن هذا النص حتى يمكن الاستناد لأحكام القانون المدنى فى حالة عدم وجود حكم لما يعترض التطبيق.

عدم تسجيل الوحدات يعرقل عمليات التمويل العقاري

وفى نهاية العام 2013 اتجهت الدولة لتفعيل عملية التمويل العقارى لكن إجراءات تسجيل الوحدات العقارية تعتبر من أكبر العقبات أمام انتشار آليات التمويل العقارى، فى ظل بيروقراطية الأجهزة الرسمية، التى تسببت فى نقص شرائح العملاء الذين ينطبق عليهم شروط الحصول على تمويل عقارى.

وطالب عدد من خبراء فى هذا التوقيت -ومن خلال «المال”- بضرورة دراسة إدخال تعديل تشريعى يسمح لهيئة المجتمعات العمرانية بتسجيل الوحدات بالمدن الجديدة كبديل للشهر العقارى لاختصار الإجراءات وتوفير الوقت مع دراية الهيئة بالمساحات والمواصفات الخاصة بالمشروعات ومتابعة إنجاز العمليات الإنشائية بها بصورة دورية.

وأكد آخرون إمكانية تسهيل الإجراءات الخاصة بتسهيل الوحدات التى تقع داخل المجتمعات العمرانية مقارنة بالمدن القديمة دون إدخال أى تعديلات تشريعية لمنع تضارب الاختصاصات على الأجل الطويل.

وبحسب ما ورد بتقرير للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة لعام 2013 فإن النشاط العقارى بالقاهرة سيظل بحالة من الكساد على المدى القصير بسبب عدم الاستقرار الذى تشهده فترة ما بعد الثورة، رغم عدم تغير أساسيات السوق العقارية، ما قد يجعل مصر أكثر جاذبية للأعمال على المدى الطويل، مقارنة بفترة ما قبل الثورة إذا تحققت ظروف الأمان والأمن فى البلاد.

وقد شهد قطاع التشييد تطورًا فى معدل النمو محققًا نموًا إيجابيًا بلغ %4.5 خلال النصف الأول من العام المالى 2012/ 2013 مقارنة بنمو سالب بلغ نحو – %1.6 خلال نفس الفترة من العام المالى 2011/ 2012.

كما تراجعت حصة قطاع العقارات من صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر إلى مليون دولار خلال العام المالى 2011/ 2012 مقابل 13 مليونا العام المالى 2010/ 2011 ، بينما كان يستحوذ على 31 مليون دولار العام المالى 2009/ 2010.

البنك المركزى يطلق مبادرة للتمويل العقاري

ومع بداية العام 2015 شهدت سوق العقارات المصرية ارتفاعًا فى الأسعار بنسبة تصل إلى %20 فى الأحياء والمدن الجديدة، بينما لم تتأثر سوق العقارات فى أحياء وسط البلد بتلك الطفرة فى ارتفاع الأسعار، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها، الفجوة بين العرض والطلب، علاوة على وجود مبادرة من البنك المركزى لتمويل العقارات التى ساهمت بدورها فى زيادة الطلب خاصة على وحدات المدن الجديدة.

وجاء ارتفاع أسعار الوحدات السكنية أيضًا بعد ارتفاع أسعار الأراضى نتيجة المنافسة بين الشركات، خاصة أن عملية طرح الأراضى أصبحت تتم بنظام المزايدات من قبل وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بعد أن كان يتم تخصيصها بنظام التخصيص المباشر.

وأصبحت المدن الجديدة هى واجهة المستثمرين ورجال الأعمال الأولى، خاصة منطقتى التجمع الخامس والسادس من أكتوبر، إذ إن تلك المدن تحتوى على مناطق مخصصة للمكاتب الإدارية والشركات وحتى المصانع، الأمر الذى يدفع العديد من الشركات والمصانع إلى نقل مقراتها من وسط المدينة إلى تلك المدن

تحرير سعر صرف الجنيه

فى 3 نوفمبر 2016، أعلن البنك المركزى تحرير سعر صرف الجنيه والتسعير وفقا لآليات العرض والطلب، وإطلاق الحرية للبنوك العاملة النقد الأجنبى من خلال آلية الإنتربنك الدولارى، ليصل الدولار عند الشراء بأعلى سعر إلى 14.50 وأقل سعر عند 13.5 جنيه.

وتسبب قرار تحرير سعر الصرف فى ارتفاع معدلات التضخم بصورة كبيرة، ما كان لها تأثير زيادة أسعار العقارات فى مصر بصورة كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، إضافة لزيادة أسعار الأراضى الممنوحة للمطورين العقاريين، لكن ارتفاع تكاليف الإنتاج متمثلة فى المواد الخام والأراضى لم يكن هو السبب الوحيد فى ارتفاع أسعار العقارات، فى ظل نمو الطلب على العقارات خاصة السكنية، ما أدى إلى زيادة أسعار الوحدات بنسب تتراوح من %25 وحتى %35.

وعملت الدولة عقب عملية تحرير سعر الصرف على توفير بديل جيد عن الاقتراض بفائدة قليلة جدا ولفترة سداد ما بين 5 إلى 10 سنوات، لتحل بذلك أزمة السيولة النقدية وضعف القدرة المالية التى عانى منها أغلب العملاء، ليشهد التمويل العقارى نموا وصل لنحو %71 عام 2015، بعدما سجل %18 فقط فى العام السابق.

وضع حجر الأساس للعاصمة الإدارية الجديدة

فى العام 2017، ومن أجل تطوير القاهرة إلى مركز سياسى وثقافى واقتصادى رائد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال بيئة اقتصادية مزدهرة تدعمها الأنشطة الاقتصادية المتنوعة وتحقيق التنمية المستدامة لضمان الحفاظ على الأصول التاريخية والطبيعية المميزة التى تمتلكها القاهرة، وتسهيل المعيشة فيها من خلال بنية تحتية تتميز بالكفاءة، تم البدء فى إنشاء العاصمة الإدارية شرق مدينة القاهرة، وذلك لموقعها المتميز وقربها من قناة السويس والطرق الإقليمية والمحاور الرئيسية.

ويبلغ عدد السكان المستهدف خلال المرحلة الأولى حوالى 0.5 مليون نسمة إضافة إلى عدد 40 إلى 50 ألف موظف حكومى يتم نقلهم بالمقرات الجديدة، مع التخطيط لزيادة الطاقة الاستيعابية إلى 100 ألف موظف بعد الأعوام الثلاثة الأولى.

وبلغت المساحة الإجمالية للمدينة 170 ألف فدان، ليكون عدد السكان عند اكتمال نمو المدينة 6.5 مليون نسمة، فرص العمل المتولدة حوالى 2 مليون، ليتم زيادة مساحة المدينة لما يقرب من 237 ألف فدان فى وقت لاحق.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أعلن عن تأسيس المدينة الجديدة فى مارس 2015، وقام بوضع حجر الأساس فى 2017، وتفقد فى حينه فندق الماسة الذى افتتحه قبل أيام من وضع حجر الأساس، فى إطار تدشين المرحلة الأولى من مشروعات العاصمة، وذلك بعد مرور قرابة 31 شهرًا على إعلان الرئيس.

والمدينة الجديدة، التى لاقت الكثير من الهجوم باتت على مشارف انطلاق العمل الحكومى بشكل كامل منها، بعد أن تمكنت الدولة من تأسيس مشروع يعد هو الأكبر فى العالم خلال السنوات العشر الأخير، كما أنه ساهم وبشكل فعال فى تحريك السوق العقارية، وتمكنت العديد من الشركات تحقيق أرباح من خلال المشروعات التى نفذتها هناك.

ولعبت المشروعات العملاقة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين، والجلالة، بالإضافة إلى مشروعات المدن الجديدة، التى يجرى تنفيذها، دورًا كبيرًا فى توفير الآلاف من الوظائف للأفراد، وفرص عمل على مدار الأعوام الأخيرة، علاوة على دعم السوق العقارية.

تحذيرات من الزيادة الضخمة فى المعروض

وفى العام 2018 حذر المركز المصرى للدراسات الاقتصادية من حدوث مشكلة وشيكة فى السوق العقارى المصرية، نتيجة تغير الزيادة الضخمة فى المعروض من الوحدات وتراجع القدرة الشرائية وتباطؤ البيع فى السوق الثانوية، إذ تقتصر عمليات البيع على السوق الأولية، إضافة إلى عدم استعلام الشركة أو المطور العقارى عن قدرة المشترى على السداد.

وأكد الخبراء فى ندوة عقدها المركز المصرى، سبتمبر 2028، أن مفهوم الفقاعة هو ارتفاع أسعار العقارات بأكبر من قيمتها الحقيقية فى السوق بشكل مستمر، وتعثر المتعاملين ما يؤدى إلى انكماش حاد وصولًا لمرحلة السقوط أو الانهيار، وهو ما يؤثر سلبًا على القطاع والاقتصاد ككل، ولكن ما يحمى مصر حتى الآن من الانفجار الذى شهدته تجارب دولية مثل أمريكا واليابان وأسبانيا، أن النظام المالى فى مصر يعتمد على النقد وليس على الائتمان، ولا توجد سوق للأسهم العقارية، ولكن الأزمة التى حدثت فى الصين كانت فى وضع شبيه بالسوق المصرية، وهو ما حذرت الدراسة من تكراره.

وانتقدت الدراسة دخول الحكومة كلاعب رئيسى فى القطاع، مع اتجاه الدولة لعمل وبيع وحدات جاهزة، مشيرة إلى أن تجربة الدولة فى المدن الجديدة سابقة غير مشجعة إذ ما زالت نسب الإشغال فى هذه المدن أقل من المستهدف.

وأوضحت الدراسة، أن هناك نحو %25 من العقارات المبنية فى مصر شاغرة، وأرجعت بداية مشكلة القطاع العقارى فى مصر إلى 2004 عندما أدى مزاد طرحته هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى ارتفاع كبير فى أسعار الأراضى، كما تضخمت أسعار الأراضى التى طرحتها الهيئة فى القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر بمزاد عام 2007 بنحو %130.

وأشارت الدراسة إلى أن الضريبة العقارية سيكون لها تأثير إيجابى على المدى الطويل فى الحد من وجود عقارات مغلقة بهدف التربح، ولكن لها فى المدى القصير أثر سلبي؛ حيث يزداد المعروض من الوحدات للبيع فى السوق الثانوية المتعثرة بالفعل.

تراجع القوة الشرائية للجنيه ومخاوف من الفقاعة العقارية

وعلى الرغم من البداية الجيدة لحركة المبيعات فى العام 2019، فإنه ومع بداية الربع الثانى من العام شهدت السوق حالة من الركود بفعل زيادة وارتفاع أسعار المنتجات المعروضة، الأمر الذى دفع أغلب الشركات لتقديم عروض لجذب العملاء كان من بينها تقليل مقدمات الحجز علاوة على مد فترات السداد لـ 10 سنوات.

وجاءت حالة الركود التى تعرض لها القطاع فى هذه الأثناء بفعل سلسلة القرارات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى والذى بدأ منذ العام 2016، ما نتج عنه ارتفاع أسعار الوقود، وزيادة نسبة الفائدة لـ %20، لتتراجع القوة الشرائية للجنيه.

وبحسب دراسات غير رسمية، ساهم سوق العقارات فى العام 2019 بنسبة %16.4 من إجمالى الناتج المحلى، و%15 فى معدل نمو الاقتصاد المحلى، إضافة إلى المساهمة فى تحريك ما يقرب من 70 صناعة أخرى مرتبطة بصناعة العقارات بشكل مباشر أو غير مباشر.

«كورونا» تدفع حركة المبيعات العقارية للتراجع بنسبة %50

وفى يناير 2020 أظهرت مؤشرات حركة البيع فى السوق العقارية ارتفاع حالة الطلب على العقار، رغم الارتفاع الشديد الذى شهدته الأسعار، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فأزمة فتاكة طفت على السطح فى مارس من ذات العام، بعد انتشار فيروس كورونا، ودخول البلاد فى حالة إغلاق شبه كامل.

وأصاب الفيروس الذى انتشر بشكل أرعب العالم، المستهلكين بالخوف، حتى إن حالة من الامتناع عن الشراء شهدتها السوق تخوفًا من امتداد فترة الإغلاق إضافة إلى حالة التردى التى بدأ يعانى منها الاقتصاد المصرى، بفعل الفيروس وما سبقه من قرارات إصلاح اقتصادى تسبب فى ارتفاع تكاليف المنتج.

وسجل حجم التراجع الذى شهدته المبيعات العقارية فى هذه الفترة ما يقرب من %50 مقارنة بالسنوات الخمس الماضية، فى ظل تعطل وتوقف عدد كبير من المشروعات، بعد أن فرضت الحكومة حزمة من الإجراءات لمواجهة انتشار الفيروس، من بينها إلغاء إقامة المعارض العقارية.

وقام عدد كبير من العملاء وفى ظل تفشى فيروس كورونا بإلغاء حجز الوحدات المتعاقد عليها، وعدد آخر تخلف عن سداد الأقساط المستحقة لصالح الشركات العقارية، حتى إن المطورين واجهوا أزمات التخلف عن سداد أقساط الأراضى مستحقات البنوك.

ولعل ما يفسر الحالة التى كانت عليها السوق فى هذه الأثناء هو حجم التراجع الذى سجلته شركة بالم هيلز العقارية بنسبة %45.4 لتسجل 84.5 مليون جنيه، كما انخفضت أرباح شركة إعمار مصر للتنمية بنسبة 42.4%، أما شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار فأرباحها انخفضت بنسبة %83.

وعلى الرغم من الخسائر التى تعرضت لها أغلب الشركات فإن مجموعة شركات طلعت مصطفى، حققت أرباحا بلغت %4 بواقع 375 مليون جنيه، كما ارتفعت أيضًا أرباح شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير.

أزمة الكاش تدفع الشركات لتقديم عروض قاتلة

وتخصيص الحكومة مبلغ 100 مليار جنيه وبما يعادل %1.7 من الناتج المحلى الإجمالى، لزيادة الإنفاق الصحى، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، وتوفير الإغاثة المالية للأفراد والشركات، كان له تأثير جيد على الاقتصاد بشكل عام والقطاع العقارى بشكل خاص، فى ظل الحديث عن انفراجة قريبة فى السوق العقارية.

وتوقع عدد من العاملين فى قطاع العقارات أن يشهد العام 2021 انفراجة فى حركة المبيعات، إلا أن الموجة الثانية لفيروس كورونا، قضت على هذه الآمال، بعد أن شهدت السوق ما عرف حينها بـ”أزمة الكاش”، الأمر الذى دفع عددا كبيرا من الشركات العقارية لطرح وحدات دون مقدم بفترات سداد وصلت حتى 15 عاما.

وسكنت العروض التى عملت الشركات العقارية على تقديمها لجذب العملاء من حجم الأزمة لكنها ساهمت فى وقت لاحق على خلق العديد من الأعباء المالية، بعد أن سجلت مواد البناء ارتفاعًا ضخمًا وصل بعضها لأكثر من %50.

وأشار تقرير لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، حينها إلى أن سعر بيع الحديد ارتفع خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر 2021 بنحو %12.5 ليسجل سعر بيع الحديد 15500 جنيه للطن مقابل 13800 جنيه للطن فى يناير.

كما ارتفع المتوسط السنوى لسعر بيع الحديد بنحو %62.3 مقارنة بنفس الشهر خلال 2020 والـذى لم يتجاوز وقتها حاجز 9550 جنيها للطن.

البنك المركزى يطرح مبادرة لمساندة القطاع

وفى يوليو 2021، أطلق البنك المركزى مبادرة للتمويل العقارى بتيسيرات تتضمن تخصيص مبلغ 100 مليار جنيه، من خلال البنوك أو شركات التمويل العقارى لتمويل شراء الوحدات السكنية لمحدودى ومتوسطى الدخل بسعر عائد متناقص %3 لمدة تصل إلى 30 عامًا، وهى المبادرة التى لم تؤتِ ثمارها بفعل سياسة الإجراءات وشرط تشطيب الوحدة ووقف السقف عند 1.7 مليون جنيه.

الحرب الروسية والتعويم يفرضان زيادة تفوق %50

واستيقظ العالم فيى صباح الرابع والعشرين من فبراير عام 2022 على خبر اندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا، لتبدأ أزمات اقتصادية جديدة، لعل أبرزها ارتفاع هائل فى أسعار المحروقات، ومشكلات فى عمليات الشحن، إضافة لزيادة أسعار البليت المستخدم فى صناعة الحديد والتى تعد أوكرانيا أكبر مورد له فى العالم، لتقرر الشركات فى حينها فرض ارتفاعات على أسعار الوحدات قدرت بـ %30.

ولم ينته الربع الأول من العام 2022، حتى شهد مارس انخفاض الجنيه من مستويات 15.77 جنيه للدولار إلى مستويات 19.7 جنيه للدولار، بتراجع 25 %، فيما عرف حينها بـ”عملية التعويم الثانية”، لتسجل أسعار العقارات زيادة قدرها %25، متأثرة بزيادات جديدة على أسعار مواد البناء.

وعلى الرغم من اضطراب أوضاع سوق العقارات فإن نتائج مبيعات الشركات العقارية المقيدة فى البورصة أظهرت ارتفاعًا فى مبيعاتها بشكل لافت خلال النصف الأول من العام، وهو الأمر الذى استمر حتى أكتوبر، لتتراجع حركة المبيعات من جديد بعد أن انخفض الجنيه من 19.7 إلى 24.7 جنيه أمام الدولار فيما عرف حينها «بـ عملية التعويم الثالثة”.

ولم يتوقف مسلسل تراجع الجنيه أمام الدولار، فمع بداية العام الحالى، انخفض من مستويات 24.7 جنيه للدولار إلى 32 بتراجع %30، الأمر الذى أصاب القطاع العقارى بالركود من جديد، وسط مطالب بضرورة تدخل حكومى لإنقاذه من شبح الفقاعة.