أبرز محطات الاندماج والاستحواذ بالقطاع المصرفى فى 20 عاما

شهد القطاع المصرفى المصرى موجات من الإصلاح على مختلف المستويات التشريعية والهيكلية، بدأت منذ عام 2005 وتمت تحت قيادة فاروق العقدة

Ad

شهد القطاع المصرفى المصرى موجات من الإصلاح على مختلف المستويات التشريعية والهيكلية، بدأت منذ عام 2005 وتمت تحت قيادة فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى الأسبق.

نجم عن هذه الإصلاحات نتائج عدة أبرزها تقليص عدد الوحدات المصرفية العاملة فى السوق المصرفية من 57 بنكًا إلى 39 بنكًا فى عام 2014، ثم إلى 37 بنكًا بنهاية سبتمبر 2022، بحسب النشرة الشهرية الصادرة عن البنك المركزى. وبلغ عدد فروع البنوك 4628 بمعدل كثافة مصرفية بلغ %23 بنهاية سبتمبر الماضى.

وجاءت هذه الإصلاحات مدفوعة بعدد واسع من المخاطر التى كانت محيطة بالقطاع المصرفى ذلك الوقت، ولعل أبرزها التدهور الملحوظ فى أداء القطاع، ناهيك عن ارتفاع حجم القروض المتعثرة، وانخفاض الملاءة المالية لعدد كبير من البنوك العامة والخاصة، وتدنى مستويات الخدمات المصرفية والكفاءة المهنية لوحدات القطاع وانخفاض معدلات الربحية.

وعلى إثر ذلك، اختفى لاعبون من القطاع، مثل بنوك: «مصر الدولى» و«النيل» و«المصرف الإسلامى للتنمية» و«العربى المتحد» و«المهندس» و«التجاريين» «والمصرى الأمريكى».

واستحوذ البنك المركزى أحيانًا، كما هو الحال فيما يتعلق بتجربة البنوك الثلاثة التى نتج عنها فى النهاية كيان واحد هو المصرف المتحد، على بعض الكيانات التى كانت مهددة بالإفلاس، ومنحها وديعة مساندة، للدفع بها قُدمًا.

الاندماج والاستحواذ

وكنتيجة لعمليات الإصلاح التى شهدها القطاع المصرفى على مدار العشرين عامًا الماضية، كانت هناك حالات اندماج بين كيانات وبعضها، وكذلك اندماج عدد من البنوك، لتأسيس كيان جديد مستقل.

والاندماج عبارة عن عقد تنضم بمقتضاه شركة أو أكثر إلى أخرى، وذلك بانحلالهما وأيلولة ذمتهما المالية إلى شركة جديدة، فتنقضى الشخصية المعنوية لكل منهما وتنتقل أصولها وخصومها إلى شركة جديدة، وعليه فلابد على الأقل من انحلال إحدى الشركتين وذلك دون خضوع أى من الشركات المندمجة للتصفية .

فى حين يقصد بالاستحواذ نقل ملكية أسهم أو أصول الشركة المستحوذ عليها إلى المستحوذ وذلك على النحو الذى يمكنه من السيطرة المالية والإدارية على شئونها .

ويتمثل الفرق الرئيسى بين الاندماج والاستحواذ هو أن عملية الاندماج ينتج عنها كيان قانونى جديد حيث تتكون من اتحاد الشركتين (الدامجة والمندمجة) بحيث تضم أعضاء مجلس إدارة ومساهمين وشركاء من الشركتين معًا.

ويتم ذلك وفقًا لشروط يتفق عليها الطرفان معًا، حيث إن الاندماج عادة ما يحدث بين شركتين متساويتين فى الحجم ونطاق الأعمال التجارية لكل منهما، والهدف الأساسى من عمليات الاندماج هو السيطرة على حصة أكبر فى السوق، أو من أجل تقليل التكاليف أو التوسع لمناطق جديدة، كما يكون الاندماج من أجل زيادة الأرباح؛ مما يعود بفائدة كبيرة على المساهمين بعد الانتهاء من عملية الاندماج.

اندماجات واستحواذات

فى القطاع المصرفي

ونرصد فيما يلى عددًا من حالات الاندماج والاستحواذ التى شهدها القطاع المصرفى خلال السنوات الماضية، وذلك على النحو التالى.

بنك الإسكندرية

تأسس هذا البنك عام سنة 1957م، واستحوذت عليه “إنتيسا سان باولو» الإيطالية عام 2006.

كريدى أجريكول

نتج هذا البنك، الذى يعمل فى السوق المصرية منذ عام 2006، عن اندماج البنك المصرى الأمريكى مع بنك كاليون مصر.

بنك التنمية الصناعية

اندمج بنك العمال مع بنك التنمية الصناعية تحت اسم بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى فى عام 2008، ثم تغير اسمه إلى الاسم الحالى فى عام 2018.

بنك أبوظبى التجاري

أُسس سنة 1985 (منذ 38 سنة) فى الإمارات العربية المتحدة، فُتح فرع مصرعام 2020 بعد استحواذه على بنك الاتحاد الوطنى على مستوى العالم.

وتأسس البنك فى مصر فى عام 1981 تحت اسم بنك الإسكندرية التجارى والبحرى ثم استحواذ عليه بنك الاتحاد الوطنى، وغير اسمه فى عام 2007.

مصرف أبوظبى الإسلامي

تأسس هذا المصرف فى الإمارات العربية المتحدة عام 1997م، وفتح أول فرع له فى مصر فى عام 2007، وذلك بعد إتمام استحواذه على البنك الوطنى للتنمية، الذى كان قد تأسس عام 1980.

البنك الأهلى المتحد – مصر

افتتح البنك أول فرع له فى مصر 2006 بعد استحواذه على بنك الدلتا الدولى، والذى تأسس عام 1978.

بنك الإمارات دبى الوطني/ بى إن بى باريبا

استحوذ بنك الإمارات دبى الوطنى، خلال عام 2013، على بنك بى إن بى باريبا، ودخل على إثر ذلك السوق المصرية.

واستحوذ البنك المملوك لمجموعة الإمارات دبى الوطنى على أسهم البنك الفرنسى، فى صفقة استحواذ قُدرت قيمتها بنحو 500 مليون يورو.

بنك قطر الوطني/ سوستيه جنرال

وفى العام ذاته، استحوذ بنك QNB الأهلى على أسهم البنك الأهلى سوسيتيه جنرال مصر NSGB بنسبة %100، وبلغت قيمة الصفقة 2.55 مليار دولار، بما يعادل 15.8 مليار جنيه .

الأهلى الكويتي/ بيريوس مصر

واستحوذ البنك الأهلى الكويتى، فى عام 2015، على بنك بيريوس مصر، فى صفقة بلغت قيمتها حوالى 150 مليون دولار أمريكى.

التجارى وفا/ باركليز

وبعد ذلك بعام واحد، أى فى عام 2016، أنهت مجموعة “التجارى وفا بنك» عملية الاستحواذ على بنك باركليز مصر، طبقًا للاتفاق المبرم بين المجموعتين، وذلك بعد الحصول على جميع الموافقات الرقابية اللازمة، وبإتمام هذه الصفقة عززت مجموعة التجارى وفا بنك من تواجدها فى شمال أفريقيا.

المؤسسة المصرفية/ بلوم

وأعلنت مجموعة بنك المؤسسة العربية المصرفية “ABC”، فى 11 أغسطس الماضى، استكمال استحواذها على 99.5% فى بنك بلوم مصر، لتوسيع نطاق حضورها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وترسيخ جذورها فى السوق المصرية.

ويأتى هذا الإعلان بعد استكمال عرض الشراء الإجبارى، والانتهاء من تحويل ملكية الأسهم، وتحويل سعر الشراء الذى يعادل 425 مليون دولار لبنك بلوم لبنان والمساهمين الأقلية الذين طرحوا أسهمهم فى عرض الشراء الإجبارى.

وتأسس بنك بلوم عام 1951 وفتح أول فرع له فى مصر عام 2006 بعد استحواذه على بنك مصر رومانيا، والذى تأسس فى عام 1977

بنك الاستثمار العربى

وفى مايو الماضى، وقع تحالف صندوق مصر السيادى والمجموعة المالية هيرميس اتفاقية للاستحواذ على حصة %76 من أسهم بنك الاستثمار العربى.

من جانبه، وافق البنك المركزى المصرى على صفقة الاستحواذ؛ وذلك عن طريق الاكتتاب بمبلغ 3.8 مليار جنيه فى زيادة رأسمال البنك المصدر والمدفوع إلى 5 مليارات.

أبوظبى الأول/ بنك عوده – مصر

انتهى بنك أبوظبى الأول، خلال نوفمبر الماضى، من عملية الدمج الكامل لأنظمته مع بنك عوده مصر الذى تم الاستحواذ عليه فى أبريل 2021، وأصبح “FAB MISR» يعمل بنظام بنكى موحد لكافة عملائه وعبر كافة فروعه.

وبدأت عملية دمج وتوحيد الأنظمة منذ الإعلان عن الاستحواذ، ونجحت الإدارات التنفيذية للبنكين من الانتهاء منها فى الوقت المحدد بتاريخ 23 أكتوبر 2022.

يُذكر أن بنك عوده تأسس عام 1830 فى لبنان، فُتح فرع مصرعام 2006 بعد استحواذه على بنك القاهرة الشرق الأقصى.

بنكا مصر/ القاهرة

واستحوذ بنك مصر على بنك القاهرة بنسبة %99.9، عبر صفقة شراء ضخمة نفذها على %42.9 من أسهمه فى البورصة بقيمة 6.97 مليار جنيه.

وبلغ متوسط سعر السهم فى الصفقة 6.2 جنيه، وجرى تنفيذها عبر شركة التجارى الدولى للسمسرة فى الأوراق المالية، لترتفع حصة بنك مصر بعد تلك الصفقة من %57.1 إلى %99.9.

وقيد بنك القاهرة أسهمه فى البورصة المصرية بشكل مبدئى منذ 8 فبراير 2017، على أن يستكمل إجراءات القيد النهائى فى وقت لاحق.

وبلغت الأسهم المقيدة آنذاك 2.25 مليار جنيه، موزعة على 562.5 مليون سهم بقيمة اسمية قدرها 4 جنيهات للسهم.

وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية، وافقت فى 16 نوفمبر الماضى، على طلب بنك القاهرة بمد المهلة الخاصة بإنهاء إجراءات طرح أسهم البنك فى البورصة حتى نهاية شهر مارس 2023.

وقالت الهيئة، فى بيان آنذاك، إن الموافقة جاءت فى ضوء طلب البنك، وتفعيلا للتعديلات الأخيرة التى أقرها مجلس إدارة الهيئة نهاية أغسطس الماضى، والتى أجازت للهيئة مد مهلة الطرح الخاصة بالشركات التى تم قيد أوراقها المالية قبل العمل بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 122 لسنة 2017 الصادر بشأن تعديل قواعد قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة.

وتأسس بنك القاهرة فى عام 1952، وهو أحد أقدم وأكبر البنوك المصرية، ويضم نحو 248 فرعا، و1640 جهاز صراف آلى منتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية.

المصرف المتحد

وتعود ملكية المصرف المتحد إلى البنك المركزى، وهو كيان ناتج عن اندماج 3 بنوك فى عام 2006 لم تستطع الصمود مع قوانين الإصلاح المصرفى فى تلك الفترة، حيث تدخل البنك المركزى آنذاك لدمج هذه البنوك حفاظا على أموال المودعين.

عمليات التخارج من السوق المصرية

وشهدت السوق المصرفية المصرية، على مدار السنوات الماضية، حالات تخارج بعض البنوك، منها على سبيل المثال:

باركليز

تخارج بنك باركليز - مصر بشكل رسمى من السوق المصرية، مطلع أكتوبر 2016، وجاء ذلك بعد بيع وحدته المصرفية للتجزئة وتمويل الشركات والمشروعات فى مصر لبنك التجارى وفا بنك» المغربى.

ويأتى خروج بنك باركليز من مصر فى إطار نية المجموعة بيع وحدات الأعمال فى الأسواق الأخرى بكلٍ من أفريقيا وأوروبا؛ بهدف إعادة التركيز على مجموعة أعمال أكثر بساطة فى قطاعات التجزئة والشركات والاستثمار كجزء من عمليات التحديث لإستراتيجية بنك “باركليز بى.ال.سي» بحسب بيان صادر عن المجموعة.

الوطنى العماني

وفى عام 2016 قرر بنك الوطنى العمانى الخروج من مصر، ولم يتم الإفصاح عن تفاصيل وأسباب قرار البنك، بينما أشار البنك المركزى المصرى عبر موقعه الإلكترونى، وقتذاك، إلى أنه تمت الموافقة على وقف عمليات البنك فى مصر.

الأهلى اليونانى مصر

وتولى البنك الأهلى اليونانى مصر، خلال عام 2021 والذى كان يعمل برخصة فرع أجنبى، تصفية أعماله المصرفية تمهيدًا لخروجه من السوق المصرية وذلك بعد حصوله على موافقة البنك المركزى.

ويأتى اتجاه البنك الأهلى اليونانى للخروج من السوق المصرية فى سياق خطة إعادة هيكلة البنك وتماشيًا مع التزاماته تجاه المديرية العامة للمفوضية الأوروبية.

قانون البنك المركزى ورأس مال البنوك

وألزم قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى بألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع للبنوك عن 5 مليارات جنيه وألا يقل رأس المال بالنسبة لفروع البنوك الأجنبية عن 150 مليون دولار أمريكى أو ما يعادلها بالعملات الأخرى، مقابل نحو 500 مليون جنيه فى القانون القديم، وكذلك فروع البنوك الأجنبية ستحتاج أيضًا إلى رأسمال قدره 150 مليون دولار على الأقل، مقارنة مع 50 مليون دولار فى السابق.

ويلزم قانون البنوك الجديد البنوك بزيادة رأسمالها المدفوع إلى 5 مليارات جنيه وأعطاها مهلة عامًا لتوفيق أوضاعها يجوز مدها بموافقة البنك المركزى لتصل إلى 3 سنوات، وذلك باستثناء البنوك المتخصصة أى الرقمية أو المتخصصة فى نشاط بعينه.

حدد قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى ضوابط وشروط اندماج بنك فى آخر أو الانقسام إلى بنكين، حيث نص على الإجراءات التالية:

1 - يجوز، بموافقة مُسبقة من مجلس الإدارة، لأى بنك الاندماج فى بنك آخر أو الاندماج معه لتكوين بنك جديد، أو الانقسام لتكوين بنكين أو أكثر، وذلك بعد استيفاء الشروط والإجراءات التى يصدر بتحديدها قرار من مجلس الإدارة.

2 - يجب مراعاة ضمان حقوق العاملين بالبنوك المندمجة أو المنقسمة، وتأثير الاندماج أو الانقسام على المنافسة بالجهاز المصرفى.

3 - يضع مجلس الإدارة القواعد التى يلزم اتباعها لإعداد تقارير الفحص النافى للجهالة لأى من البنوك، وكذا القواعد المنظمة لإجراءات الدمج والاستحواذ والانقسام الخاصة بالبنوك وأسهمها.

4 - يترتب على الاندماج أو الانقسام إلغاء الترخيص وشطب تسجيل البنوك المندمجة أو المنقسمة بحسب الأحوال، وتُنشر قرارات الإلغاء والشطب فى الوقائع المصرية وكذلك على الموقع الإلكترونى لكل من البنك المركزى والبنوك المعنية خلال عشرة أيام من تاريخ صدور قرار الاندماج أو الانقسام.

ماذا عن الاندماجات والاستحواذات المستقبلية؟

استبعد محمود أبو العيون، محافظ البنك المركزى سابقًا، حدوث حالات اندماج أو استحواذ فى السوق المصرية خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن الأوضاع الحالية لا تتطلب الإقدام على مثل هذه الخطوة.

وأضاف أن البنك المركزى يحاول، فى الوقت الراهن، التخارج من بعض المحافظ المملوكة لديه، مثل المصرف المتحد، لافتًا إلى أن هناك حصة أخرى فى بنك (%50) يُجرى التخارج منها حاليًا.

ورأى «أبو العيون» أنه من المستبعد تكرار تجربة المصرف المتحد، مشيرًا إلى أنه، فى ظل الظروف الحالية على الصعيد العالمى وموجات التباطؤ الاقتصادى، لا يتوقع أن يُقدم البنك المركزى على تقديم ودائع مساندة للبنوك التى لديها محافظ تعثر مرتفعة.

وأشار إلى أن يشترط لإتمام عملية الاندماج أن يكون هناك تشابه وتكامل بين الكيانين المندمجين، مؤكدًا أن مصطلح البنوك المتخصصة قد انتهى فى العالم كله، وبالتالى من غير الوارد الذهاب إلى هذا الخيار، وتأسيس بنوك متخصصة فى مصر.

وأوضح أن البنوك إما أن تكون تجارية أو استثمارية، مؤكدًا أن هذا التصنيف هو المعتمد فى العالم كله، وبالتالى ليست هناك أى احتمالية لتأسيس بنك متخصص فى مصر.

واتفق معه محمد عبد العال، الخبير المصرفى، حيث استبعد وجود أى حالات اندماج أو استحواذ محتملة، لكنه لفت إلى أن البنوك التى لم تتمكن من التوافق مع قانون البنك المركزى القاضى بأن يكون الحد الأدنى لرأس المال هو 5 مليارات جنيه، قد تكون هى المستهدفة بالدمج أو الاستحواذ.

وأشار إلى تكرار تجربة المصرف المتحد – الذى نتج عن اندماج ثلاثة كيانات مصرفية مع بعضها – قد تكون واردة، ولكن ليس فى ظل هذه الأوضاع الاقتصادية العالمية، والتى تنعكس محليًا بلا شك.

وتابع إن الأوضاع الإقليمية والعالمية، وكذا حالات عدم اليقين المتفشية فى الوقت الراهن لا تشجع على حدوث أى اندماجات أو استحوذات محتملة فى السوق المصرفية المصرية.

وأكد أنه من غير الوارد أن تكون هناك اندماجات أو استحواذات فى الوقت القريب.