كيف تخطت قناة السويس تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا؟

سلمت هيئة قناة السويس من تداعيات اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية على مدار عام كامل، محققة انتعاشة قوية فى نقل البترول الخام ومشتقاته

Ad

سلمت هيئة قناة السويس من تداعيات اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية على مدار عام كامل، محققة انتعاشة قوية فى نقل البترول الخام ومشتقاته من الديزل والسولار والزيوت العابرة من المجرى الملاحى لأول مرة بتاريخها.

ورجح عدد من الخبراء الملاحيين الطفرة فى عبور”الطاقة» بالقناة إلى العقوبات الأوروبية والأمريكية على روسيا، والتى جعلت من القناة اختيارا أساسيا لسرعة نقل تلك الشحنات، تليها التخفيضات الممنوحة إلى بعض الناقلات.

كشفت إحصائيات الملاحة بقناة السويس أن حركة نقل البترول الخام بقناة السويس خلال عام 2022، شهدت عبور 2627 ناقلة بزيادة %77 مقارنة بعام 2021 الذى سجل عبور 1483 ناقلة.

وحققت إيرادات ناقلات البترول الخام العابرة خلال عام 2022 نحو 665.6 مليون دولار، مقارنة بإيرادات ناقلات البترول فى 2021 والتى حققت 356.5 مليون دولار، مستحوذة حركة نقل البترول الخام على %8 من إجمالى الإيرادات خلال عام 2022، وصاحبت تلك الأعداد حمولات من البترول الخام 164.6 مليون طن، مقابل حمولات بترول خام فى 2021 بنحو 97 مليون طن.

من جانبه، قال أكد إسلام الجزار مراقب عمليات قناة السويس بإحدى مكاتب الاستشارات البحرية، الحرب الروسية لأوكرانيا وعزوف الاتحاد الأوروبى عن استيراد الطاقة من روسيا، تسبب فى حدوث أزمة نقص شديد فى المواد البترولية والغاز المسال فى أوروبا وأمريكا مما دفعهم للتوجه إلى استيرادها بطريقة مُلحة من دول الخليج العربى، والهند ودول شرق آسيا.

وأوضح الجزار أن الارتفاع الشديد فى الطلب أدى إلى تزايد عبور ناقلات النفط بشقيه الخام ومشتقاته، إضافة لناقلات الغاز المسال بشقيه أيضا البترولى «LPG» والغاز الطبيعى «LNG» لقناة السويس لسد هذا العجز الأوروبى والأمريكى.

وأشار مراقب عمليات قناة السويس إلى أن تزايد عبور الناقلات لقناة السويس يرجع إلى ما يسمى بـ”عامل الزمن الحرج» لنقل تلك الشحنات المُلحة لأوروبا، خاصة أن القناة تعد الخيار الأمثل، من حيث قصر مدة الرحلة والأمان فى العبور مقارنة بالمسارات الملاحية الأخرى، بجانب السياسات المرنة التى تتبعها هيئة قناة السويس فى منح تخفيضات لهذه النوعية من السفن ونوعية الرحلات من الخليج وجنوب وشرق آسيا إلى أوروبا، وأمريكا.

ولفت الجزار إلى أن عامل الوقت تلجأ بعض الشركات إلى نظام (ship to ship) أو (STS) بمعنى الاستعانة ناقلات النفط العملاقة سواء القادمة من البحر الأحمر أو البحر المتوسط بمناطق التخفيف التى حددتها هيئة قناة السويس فى كل من منطقة مخطاف بورسعيد والسويس لتفريغ شحنتها فى ناقلات أقل حجما وتعود هى لجلب شحنات جديدة توفيرا للوقت، على أن تقوم تلك الأصغر بعبور قناة السويس فى الطريق لوجهته النهائية، مما يساهم فى زيادة عدد الناقلات العابرة نتيجة لهذه الاستراتيجية.

وقال الدكتور عبدالرحمن طه، خبير الاقتصاديات الناشئة، إن هيئة قناة السويس نفذت استراتيجية تتناسب حجم الأزمة العالمية المترتبة على الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك من خلال الخطط التسويقية والتخفيضات التى تقدمها الهيئة لعملائها من الخطوط الملاحية، خاصة ناقلات الطاقة مما جعلها أكثر جاذبية، وبالتالى ساعد على تحقيق أرباح غير مسبوقة من 6.2 مليار دولار فى عام 2021 إلى 7.9مليار دولار بنهاية عام 2022.

وأوضح طه أن أوروبا اعتمدت فى تمويل الطاقة على الخليج العربى نتيجة العقوبات على روسيا، مما ساعد فى زيادة الحمولات العابرة من قناة السويس بزيادة %15 فى الإعداد و%10 إجمالى صافى الحمولات.

وتوقع خبير الاقتصادات الناشئة، أن تستمر عائدات قناة السويس فى ارتفاع نسبى مع استمرار الحرب، لافتا إلى أن حل مشاكل سلاسل الإمداد بعد انتهاء الحرب سترفع حجم التجارة ومن ثم استفادة مرة ثانية للهيئة.

يشار إلى أن قناة السويس جددت التخفيضات المقدمة لناقلات الغاز الطبيعى 6 أشهر جديدة حتى يونيو 2023، العاملة بين الخليج الأمريكى من جهة ومناطق الخليج العربى، حيث الموانئ التى تقع داخل الخليج العربى بدء من ميناء مسقط، والهند وما شرقها من جهة أخرى، بنسب تتراوح ما بين 25 إلى %70، بجانب تجديد منح التخفيضات لـ» ناقلات البترول الخام “بين الخليج الأمريكى وآسيا بنسب تتراوح ما بين 30 إلى %75.

وحققت المشتقات البترولية وعلى رأسها النافتا والديزل “السولار» وزيوت الطائرات نحو 563 مليون دولار بزيادة %52.2 مقارنة بعام 2021 والذى حقق إيرادات بلغت 369.7 مليون دولار.

وأرجع المهندس وائل قدور عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس الأسبق وخبير النقل البحرى، ارتفاع حركة البترول إلى العقوبات الدولية على روسيا مما أدى إلى زيادة طلب الصين على البترول الخام لاستهلاكها، لاسيما زاد طلب الهند على البترول الروسى بهدف إعادة بيعها مرة أخرى إلى أوروبا.

وأرجع “قدور» أسباب أخرى فى ارتفاع مرور البترول إلى زيادة تعاقدات استيراد البترول بهدف زيادة الطاقة التخزينية لدى أمريكا وأوروبا بعد انتهاء موسم الشتاء فى ظل تراجع أسعار البترول.

أوضح “قدور» أن عبور ناقلات الغاز يزداد فى قناة السويس فى شهور الشتاء التى يصعب عبورها من روسيا حيث القطب الشمالى إلى الصين مباشرة بجانب ارتفاع عبور الغاز الطبيعى المسال من دولة قطر أكبر مصدر للغاز إلى أوروبا عبر قناة السويس بديلا للغاز الروسى.

وأكد الدكتور أحمد الشامى خبير النقل البحرى، أن فترات موسم الشتاء يشهد ارتفاع حركة نقل البترول، خاصة القادم من جنوب المجرى الملاحى، حيث دول الخليج، موضحا أن شهر يناير 2023 سجل أعلى معدل عبور شهرى لناقلات البترول بعبور 677 سفينة، وأعلى حمولة صافية شهرية قدرها 34.5 مليون طن، حيث تعد الهند هى أكبر مستوردى البترول الروسى خلال عام 2022، لذلك زاد حركة العبور بالقناة.