رجح خبراء مصرفيون رفع البنك المركزى المصرى سعر الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقرر عقدها 30 مارس الحالي، بعدما قررت تثبيته فى اجتماعها الأخير.
وأضافوا – فى تصريحات لـ«المال» – أنه من المتوقع رفع سعر الفائدة بنسبة تتراوح من 2 إلى %3 على الإيداع والإقراض.
وأرجعوا هذه الزيادة إلى مجموعة من العوامل، على رأسها، معدلات التضخم المرتفعة، وتذبذب أسعار الصرف، وارتفاع أسعار السلع، إضافة إلى زيادة قيمة البنزين والمحروقات، واقتراب شهر رمضان.
وصدرت بيانات التضخم لشهر فبراير 2023، والتى سجلت %40.3 مقابل %31.2 فى يناير من العام نفسه، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس 2017 عندما وصل إلى %31.92.
وأشار الخبراء إلى أنه مع اقتراب استحقاقات الشهادات مرتفعة العائد بفائدة %18 بدءا من 22 مارس المقبل حتى بداية يونيو 2023، مرجحين أن تطرح البنوك شهادات بمعدل فائدة مرتفع، ربما يصل إلى %30 من أجل العمل على امتصاص السيولة المرتفعة فى السوق.
ومنذ الحرب الروسية الأوكرانية فى فبراير 2022، اجتمعت لجنة السياسة النقدية 8 اجتماعات، ورفعت سعر الإيداع والخصم لليلة واحدة المعروف مصرفيًا بالكوريدور، بمقدار %8.
ورفع «المركزى» الفائدة بنسبة %1 فى مارس الماضي، ثم %2 فى مايو وأكتوبر، و%3 يوم 22 ديسمبر، ليصل إلى %16.75 لسعر الائتمان والخصم، ناهيك عن قرار رفع نسبة الاحتياطى الإلزامى للبنوك من %14 إلى %18 فى شهر سبتمبر الماضي.
جنينة: يحمل المصارف تكلفة غير مباشرة
وتوقع هانى جنينة، الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الأمريكية، أن يتم رفع أسعار الفائدة بنسبة لا تقل عن %3 خلال الفترة القادمة، مرجحًا إمكانية اتخاذ القرار فى اجتماع واحد، لكبح جماح توقعات التضخم المرتفعة.
واستبعد «جنينة» أن يتجه البنك المركزى لرفع نسبة الاحتياطى الإلزامى بالبنوك خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن نسبته التى وصلت إلى %18 تعتبر هى الأعلى منذ عقود، لافتًا إلى أن تأثيره على السياسة النقدية مشابه لأثر رفع أسعار الفائدة، ويحمل البنوك تكلفة غير مباشرة.
سهر الدماطى: يسهم فى تشجيع صناديق الاستثمار فى مصر
وتوقعت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، أن تتجه لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزى إلى رفع معدلات الفائدة فى حدود 200 نقطة أساس.
وأضافت أن معدلات التضخم المرتفعة يمكن أن تنكسر خلال شهرى مايو ويونيو المقبلين، مشيرة إلى أن رفع الفائدة يسهم فى تشجيع صناديق الاستثمار فى مصر.
وعلى صعيد آخر، نفت أن يكون لأزمة المصارف الأمريكية مثل «سيلكون فالي» و«سيجنتشر» أى تأثير على أوضاع البنوك المصرية، موضحة أن السياسة النقدية ستسير فى نفس مسارها دون التأثر بهذه الأزمة الطارئة لدى البنوك الأمريكية.
وعللت رأيها بكون «سيلكون فالى » متوسط الحجم من جهة، كما أن البنوك المصرية ليست لديها أية تعاملات أو ودائع معها.
البيه: ربما يحرك صرف الدولار خلال الفترة المقبلة
وفى نفس السياق، توقع محمد البيه الخبير المصرفي، أن يتجه البنك المركزى لرفع الفائدة بنسبة من 2 إلى %3 خلال الاجتماع القادم للسيطرة على معدلات التضخم.
وفسَّر ارتفاع معدلات التضخم لنحو %40.3 لشهر فبراير الماضي، نتيجة نمو أسعار السلع الغذائية بأكثر من %25 إضافة إلى النقل والمواصلات متأثرة بارتفاع أسعار المواد البترولية، وهو ما انعكس على السوق المحلية، إلى جانب العوامل الخارجية، والتى تتمثل فى انخفاض المعروض النقدى من العملة الأجنبية، وهو ما يؤدى إلى عجز فى استيراد بعض السلع المهمة، ما ينعكس على زيادة أسعارها محليًا.
وفى إشارة إلى الفجوة السالبة بين معدلات التضخم وأسعار الفائدة، لفت محمد البيه إلى أن البنك المركزى سيسعى إلى تعويض المدخرين عن خفض القيمة الشرائية لأموالهم، ورفع العائد على العملة المحلية، ومن ناحية أخرى سيسعى لزيادة تكلفة الإقراض، لخفض المعروض النقدي.
وأوضح أن الفيدرالى الأمريكى سيتجه لرفع الفائدة من 0.50 إلى 0.75 نقطة أساس، لكى يسيطر على معدلات التضخم، وهو ما يؤثر على الاستثمار الأجنبى فى أدوات الدين المحلى (الأموال الساخنة) للداخل، ما يدفع المركزى لرفع الفائدة للحفاظ على تلك الأموال.
وفيما يخص سعر الصرف، أكد أنه لا بد أن يعكس سعر الصرف الرسمى الطلب والعرض الحقيقى فى السوق، وفى تلك الفترة ومع زيادة الطلب على العملة الأجنبية، قد يتجه سعر صرف الدولار للارتفاع أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة.
وتابع أنه مع قرب موعد استحقاق شهادات ادخار الـ%18 ودخول السوق سيولة تقدر بحوالى 750 مليار جنيه، قد تتجه البنوك لطرح أوعية ادخارية جديدة لسحب تلك السيولة مرة أخرى.
منى بدير: ضرورة الالتزام بسياسة التشديد النقدى والإسراع من برنامج الطروحات
وفى السياق ذاته، رأت منى بدير، الخبيرة ومحلل الاقتصادى بأحد البنوك، أنه لا خيار أمام لجنة السياسة النقدية، فى اجتماعها المقبل، سوى رفع معدلات الفائدة، على أن يكون رفع الفائدة من 200 إلى 300 نقطة أساس.
وأضافت أن هناك مجموعة من الضغوط المتراكمة التى تدفع بهذا الاتجاه، منها على سبيل المثال، ارتفاع معدلات التضخم بوتيرة غير مسبوقة، وكذلك تذبذب أسعار الصرف، وارتفاع أسعار السلع، واقتراب شهر رمضان.
وفيما يتعلق بمعدلات التضخم، رأت أن كل المؤشرات ضبابية، ومن ثم لا يمكن الجزم بالوقت الذى قد تنكسر فيه هذه المعدلات المرتفعة.
وارتفعت معدلات التضخم بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، وبالتحديد بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية فى آخر شهر فبراير 2022، وما خلفته من آثار اقتصادية ألقت بظلالها على معظم دول العالم، إذ اضطربت سلاسل الإمداد، وانخفض المعروض الكلى من البترول والسلع، وجعل الفيدرالى الأمريكى يتبع سياسة نقدية تشددية عن طريق رفع أسعار الفائدة، كل ذلك أدى إلى تخارج الأموال الساخنة من الاقتصاد المحلي، والتى قدرت بحوالى 22 مليار دولار، وهو ما تسبب فى حدوث فجوة فى المعروض النقدى من العملة الأجنبية.
وأكدت منى بدير ضرورة الالتزام بسياسة التشديد النقدي، والعمل من جهة أخرى، على الإسراع من برنامج الطروحات.
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء عن قائمة الشركات والبنوك المطروحة فى البورصة أو لمستثمر استراتيجي، وعددها 32، وكان من ضمن تلك القائمة، بنك القاهرة، المصرف المتحد، والبنك العربى الأفريقى الدولي.
أما محمد بدرة، الخبير المصرفي، فتوقع أن ترفع لجنة السياسة النقدية فى البنك المركزي، خلال الاجتماع المقبل، بواقع %2 أو %3 مدفوعًا بمعدلات التضخم، وكذلك زيادة أسعار البنزين والمحروقات، واقتراب شهر رمضان.
واستبعد «بدرة» أن يتجه البنك المركزى إلى رفع الاحتياطى الإلزامي، مؤكدًا أن تأثير هذه الخطوة سيكون ضعيفًا، وبالتالى لا حاجة إلى الذهاب فى هذا المسار.
وتوقع أن تطرح البنوك شهادات بمعدل فائدة مرتفع ربما يصل إلى %30 من أجل العمل على امتصاص السيولة المرتفعة فى السوق.
وقال عز الدين حسانين، الخبير المصرفي، إنه يتوقع أن ترفع لجنة السياسة النقدية، سعر الإيداع والإقراض لـ«ليلة واحدة»، بمقدار من 3 – %4 دفعة واحدة؛ لتقليل الفارق بين سعر التضخم الأساسى المعلن فى فبراير %40.25 والقابلة للزيادة فى الأشهر القادمة.
وأضاف أن البنك المركزى أمامه أدوات يستطيع بها تقريب الفارق بين سعر الفائدة، والتضخم الأساسي، ومنها الكوريدور، وأداة الاحتياطى الإلزامى المسعرة حاليًا عند %18 متوقعًا أن يرفع نسبته إلى %20.
وأكد أنها محاولات من البنك المركزى لاحتواء الموجات التضخمية الحالية، وسحب المزيد من السيولة، سواء من السوق ومن البنوك، مشيرًا إلى أنها سياسة انكماشية؛ تهدف لتقليل المعروض النقدي، خاصة أن هناك استحقاقات لعائد شهادات الادخار %18 فى مارس الحالى وأبريل ومايو، بنحو 750 مليار جنيه ستتم إعادة ضخها فى السوق.
وأشار إلى أن المركزى والبنوك العاملة فى السوق المصرية عليها الاستعداد لمواجهة هذه السيولة، من خلال طرح أوعية ادخارية جديدة، متوقعًا أن تصل إلى %30 بعائد سنوى و%27.25 بعائد شهري.
متولى: لا أرجح انعقادًا استثنائياً
وقال أحمد متولي، الخبير المصرفي، إنه يتوقع التثبيت أو الارتفاع، والذى سيتوقف على الهدف من الاجتماع القادم لـلجنة السياسة النقدية.
وأوضح «متولى» أنه فى حال استهدف المركزى الحفاظ على عجز موازنة الدولة، ستكون الأولوية للتثبيت، مشيرًا إلى أنه توجد علاقة طردية بين سعر الفائدة وعجز الموازنة.
إما السيناريو التانى - من وجهة نظر متولى- فأنه إذا استهدف البنك المركزى اجتذاب أموال ساخنة، ودعم قيمة الجنيه، إضافة إلى بحث استحقاقات الشهادات الادخارية التى تم إصدارها العام الماضي، سيرفع سعر الفائدة بما يعادل من %2-1 على أقل تقدير، وربما يصل إلى %3 خاصة بعد إعلان نسبة التضخم الأخيرة التى سبق الإشارة إليها.
ولفت «متولى» إلى أنه لا يتوقع حدوث اجتماع استثنائي، مع الإشارة إلى ترقب اجتماع الفيدرالى الأمريكي، وبحث سعر الفائدة المقرر انعقاده فى 22 مارس الحالي.
وتوقع محللون أن الاحتياطى الفيدرالى سيوقف مؤقتًا دورة التشديد عندما يجتمع الأسبوع المقبل لمنع تفاقم الأزمة.
يذكر أن رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول أشار الأسبوع الماضى إلى أن البنك المركزى الأمريكى يمكن أن يسرع من وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة للحد من التضخم المرتفع بأكثر من التوقعات، إلا أن السوق تعطى الآن فرصة بأقل من %60 برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط.
وبالمثل توقع هشام حمزة، نائب أول مدير إدارة مخاطر التشغيل فى أحد البنوك الحكومية، رفع سعر الفائدة من 100 إلى 200 نقطة، لتفادى زيادة معدلات التضخم.
ويتوقع بنك جولدمان ساكس أن تصل تلك الزيادة إلى 300 نقطة أساس، و”جى بى مورجان” إلى 200 نقطة أساس هذا الشهر و100 نقطة فى مايو، ليصل سعر الفائدة على الإيداع إلى %19.25 – وهو أعلى مستوى له منذ 30 عاما.
أما هانى حافظ، الخبير المصرفي، فرجح رفع سعر الفائدة من 2 إلى %3 ولكن مع الأخذ فى الاعتبار الإجراءات التى يمر بها الاقتصاد العالمى حاليًا، بعد انهيار 3 بنوك أمريكية، متأثرة بسياسة نمو سعر الفائدة، وترقب قرار الفيدرالى الأمريكي.
شوقى: يجب خفض معدل القروض الاستهلاكية وزيادتها للقطاع الصناعي
من جانبه، قال أحمد شوقى الخبير المصرفي، إن معدلات الفائدة الموجودة حالياً أقل بكثير من معدلات التضخم، مؤكدًا أن السياسة النقدية دائمًا ما تعمل على المدى القصير والمتوسط، للسيطرة على ارتفاع الأسعار.
وأضاف «شوقي» أن الفترة الحالية لا بد أن تشهد جهود كل من السياسة النقدية والسياسة المالية معًا.
ولفت إلى أن البنوك إذا قررت طرح أوعية ادخارية جديدة بفائدة مرتفعة لامتصاص السيولة المرتفعة نتيجة استحقاق عائد الشهادات الادخارية، ولتحقيق التوازن بين جانب العرض والطلب النقدي، فلا بد أن ترتفع أسعار الفائدة الموجودة حاليًا، حتى لا تزيد تكلفة الأموال على المصارف.
وتوقع أن يحدث تحرك فى أسعار الصرف الرسمى للدولار مقابل الجنيه خلال الفترة المقبلة، وذلك تزامنًا مع مراجعة صندوق النقد الدولى لتنفيذ برنامج الإصلاح، وفى ظل استمرار وجود سعرين للصرف.
وأكد ضرورة خفض معدل القروض الاستهلاكية، وزيادة المقدمة للقطاع الصناعي، بعدما بلغت للقطاع العائلى (الاستهلاكي) حوالى %19 بقيمة 742 مليار جنيه بنهاية نوفمبر الماضي، مقابل %17.5 للقطاع الصناعى بنحو 681 مليارًا لنفس الفترة.
