أكد خبراء مصرفيون على أهمية تطبيق العملات الرقمية فى مصر، كونها تسهم فى إجراء المعاملات بصورة أكثر يسرا وبكفاءه عالية،كما تفتح المجال للاستفادة من قيمة اقتصادية غير مستغلة، خصوصا أنها قد تكون عملة مستقبلية محتملة مع تطبيق بعض الدول لها، بينما يدرس آخرون.
وأضافوا فى تصريحات لـ «المال» أن توقيت تطبيق البنك المركزى للعملات الرقمية، يتوقف على تقييمه للوقت الأنسب ، بالإضافة إلى تأمين بنية تكنولوجية أكثر تطورا ومؤمنة بالكامل.
وكشف تقرير حديث عن أن البنك المركزى المصري، يدرس وضع قواعد إطلاق العملات الرقمية بديلا عن الأنواع الأخرى من العملات المشفرة وما لها من مخاطر، مشيرا إلى تشكيل لجان عمل داخلية وخارجية من كافة الوزارات والجهات الحكومية المعنية برئاسته، بهدف دراسة ملف تطبيق العملات الرقمية للبنوك المركزية.
قالت مروة الشافعى خبيرة مصرفية،إن هناك فرقا بين العملات الرقمية والمشفرة، مشيرة إلى أن الأولى هى تحويل من خلال محافظ إلكترونية على سبيل المثال، أما الأخيرة فهى تمثل البيتكوين وغيرها ولا تدخل تحت مظلة البنوك المركزية، مما يصعب حماية حقوق مستخدميها.
وتعرف العملات الرقمية ببساطة أنها مجموعة شاملة من الافتراضية والمشفرة وتستخدم تقنية البلوكتشين، ولا يمكن الوصول إليها إلا من خلال أجهزة الكمبيوتر أوالهواتف المحمولة، بينما المشفرة هى شكل آخر من أشكال العملات الرقمية، غير خاضعة للتنظيم من جهة رسمية.
وعن مميزات العملات الرقمية، أشارت إلى سهولة الاستخدام، وتحجيم السرقات بخلاف البنكنوت، واستخدامها فى الشراء عبر الإنترنت.
وأضافت الشافعى أن دولتى الإمارات والسعودية، يستخدمون عملات رقمية بين بعضهما البعض، كما أن الصين تستخدم اليوان الرقمي، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أصدرت قرارا فى بداية العام الجاري، يتطرق إلى مشروع الدولار الرقمي، مؤكدة أنه مازال قيد التطبيق.
وفى وقت سابق دشن البنكان المركزيان السعودى والإماراتى مشروع «عابر»؛ لإنشاء عملة رقمية تستخدم بين البنوك، والتى تعد من أوائل التجارب عالميا على مستوى البنوك المركزية فى هذا المجال.
وكان البيت الأبيض قد أعلن أن الرئيس الأميركى جو بايدن، سيطلق فى وقت لاحق، مشروع دولار رقمى فى إطار جهود واسعة النطاق لفرض ضوابط على قطاع العملات المشفرة، والذى بدأ خطواته قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضحت الشافعى أنه خلال أزمة جائحة كورونا، كانت العملة الورقية تعانى من مشاكل، وكان السؤال الذى يطرح نفسه هل يمكن الاستعانة بالعملات الرقمية فى وقت الأزمات؟.
واختبرت الصين استخدام اليوان الرقمى فى أكثر من 10 أماكن من شنتشن إلى شانغهاى ومنطقة شيونغآن الجديدة، كما أضافت بكين و تشانغجياكو، مؤخرا حيث بلغت حجم التعاملات باليوان الرقمى فى الصين ما يقرب من 87.57 مليار يوان بنهاية2021 .
وفى إشارة إلى متطلبات تطبيق العملة الرقمية، قالت إن الأمر يتطلب بنية تشريعية قوية، موضحة أن هناك تشريعات فى قانون 194 لسنة 2020، ولكن القانون يحتاج تفعيل المزيد من النصوص.
وخلال مسح لبنك التسويات الدولية، فإن %86 من البنوك المركزية تدرس بشكل نشط التبنى المحتمل للعملات الرقمية ،فيما يختبر %60 منها التكنولوجيا الخاصة بها، بينما يعتزم %14 الإطلاق الأولى للمشروع.
وأكدت الخبيرة المصرفية أن مصرتمتلك بالفعل بنية رقمية مستخدمة أحدث التقنيات، مشيرة إلى أن هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، بدأت بالفعل فى مشاريع لتطبيق التحول الرقمى فى مؤسسات الدولة، من خلال ربط المحاكم، والشهر العقارى والبنوك إلكترونيا، والذى يطلق عليه eco system ، لربط التكنولوجيا بين جهات مختلفة، لمشاركة المعلومات.
و سبق أن أعلنت وزارة العدل الانتهاء من 9 مشروعات تكنولوجية ضمن مشروع «عدالة مصر الرقمية »؛ للارتقاء بالمنظومة القضائية.
عبد الوهاب غنيم: تقلل التعامل مع المشفرة وتسهل الحركة المصرفية
قال الدكتور عبد الوهاب غنيم نائب رئيس الاتحاد العربى للاقتصاد الرقمى بجامعة الدول العربية،إن العملات الرقمية عند صدورها بضمان البنوك المركزية، ستقلل التعامل مع المشفرة، وتسهل الحركة المصرفية.
وأوضح غنيم أن ظهور العملات المشفرة عام 2009، لم يكن مقدرا لها آنذاك الصعود بهذا الشكل، فقد بلغ حجمها 3 ملياردولار العام الماضي، ولكن نظرا لأنها خارج حدود الحكومات بلا رقابة أو ضرائب، استخدمت فى العصابات الخاصة وفى غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وحظر قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى لسنة 2020، إصدار العملات المشفرة أو الاتجار بها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها، أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها، ويعاقب من يخالف تعليمات «المركزي»، بالحبس وبغرامة لا تقلّ عن مليون جنيه ولا تتجاوز عشرة ملايين ، أو بإحدى العقوبتين.
وأفاد غنيم أن شركات فى بعض الدول اعتمدت العملات الرقمية، كملاذ آمن للكسب منه، بناء على ذلك بدأت بعض الدول فى بحث تطبيق عملات رقمية، بضمان البنوك المركزية، مثل الصين واليوان الرقمي، وكذلك الاتحاد الأوروبى وعملته اليورو ، وأمريكا و عملتها الدولار.
وكان الاتحاد الأوروبي،قد أعلن البدء فى التخطيط لإطلاق «اليورو الرقمي» خلال الفترة المقبلة، حيث وضع الأسس الرقمية من أوراق بحثية ومناقشات مع مختلف الجهات، ولكن الأمر لم يدخل بعد حيز التطبيق.
وأوضح غنيم أن العملات الرقمية تساهم فى تقليل الفساد،كما تسهل المعاملات التجارية والمصرفية، وتقلل من استخدام البنكنوت، والتى تتكلف المليارات، بالإضافة إلى تحفيز الشباب الذى يفضل التعامل بتلك العملة، بدلا من اتجاهه للمشفرة، التى تكلفه العديد من الخسائر والمضاربات.
وخلال عام 2022، أطلق بنك التسويات الدولية 7 مشاريع لاختبار العملات الرقمية، بينها شراء أصول مرمزة، واستخدام العملة الرقمية للأفراد، وتسوية المدفوعات الخارجية بشكل آلى للمؤسسات المالية، وكذلك وضع نموذج للتسويات الدولية من خلال مركز الابتكار الخاص بالبنك و4 أخرى دولية أثبتت قدرتها على الاستخدام المحتمل للعملة الرقمية.
وأشار غنيم إلى أن اتجاه البنك المركزى لتطبيق العملات الرقمية، صحيح، ليشجع شركات التمويل غير الرسمية فى التمويل فى استخدامها، خاصة أن مصر دولة شابة،فأكثر من 60% من سكانها شباب يفضلون التعامل رقميا، وبدأت مصر فعليا استخدام التكنولوجيا المالية (الفينتك)، ورؤية مصر 2030 المحفزة للتحول الرقمي.
وعن اختيار وقت طرح العملات الرقمية، أكد أنه خاضع للبنك المركزي، ورؤيته للتوقيت الأنسب للسوق، مشيرا إلى أن التطبيق يحتاج بنية تكنولوجية عالية جدا، وقاعدة بيانات مؤمنة بلوك تشين للمعاملات الرقمية، مشيرا إلى أن القطاع المصرفى يسير بخطى ثابتة فى ذلك الاتجاه.
وليد ناجى: يتوقف على آلية التنفيذ والتى تختلف من دولة لأخرى
قال وليد ناجى نائب رئيس البنك العقارى العربي،إن هناك عدة دول تدرس تطبيق العملات الرقمية،مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، بالإضافة إلى الهند التى أطلقتها منذ وقت قريب، وأن دولا قليلة أطلقتها بالفعل، من خلال بنوكها المركزية.
كما كان للبنك المركزى الكندى العديد من المبادرات والمشروعات، وأشهرها Project Jasper والذى يعتمد على نفس فكرة بقية العملات الحكومية الرقمية.
وأوضح ناجى أن إمكانية دخول دول أخرى له مزايا وعيوب، ويتوقف على آلية التطبيق، والتى تختلف وفقا لكل دولة.
وطرح ناجى عدة تساؤلات، هل سيتم طرحها من البنك المركزى فقط؟أم ستصبح متاحة للبنوك التجارية؟ وتساؤل آخر عن إمكانية اعتمادها كعملة محلية؟.
