«الدولار» يُربك سوق صفقات الاندماج والاستحواذ خلال 2023

يمثل الدولار كلمة السر لسوق صفقات الاندماج والاستحواذ محليًا خلال العام الحالي، خاصة فى ظل حركتها الأخيرة المتذبذبة. طبقا لتحليلات الخبراء

Ad

يمثل الدولار كلمة السر لسوق صفقات الاندماج والاستحواذ محليًا خلال العام الحالي، خاصة فى ظل حركتها الأخيرة المتذبذبة.

ويتوقع عدد من الخبراء أن يهمن الهدوء على حركة سوق صفقات الاندماج والاستحواذ خلال العام الحالي، بضغط من عدة تأثيرات، أولها وأهمها سعر الصرف، إلى جانب عوامل أخرى تتعلق بحالة الضبابية التى تهيمن على الأوضاع الاقتصادية ككل على الصعيدين المحلى والخارجى.

ورهنوا انتعاشها باستقرار «الدولار»، وهو ما يساعد المتعاملين فى عمليات التقييمات للكيانات محل الاندماج أو الاستحواذ، معتبرين أن القطاعات الدفاعية بشكل عام بمجالات الأغذية والمشروبات، والرعاية الصحية، والتعليم، هى الأكثر جذبًا للأنظار.

وقالوا إن تلك النظرة تأتى بخلاف شريحة الـ32 كيانًا التى تم إعلانها من جانب رئاسة الوزراء المصرية للطرح فى البورصة المصرية أو البيع لمستثمر إستراتيجى.

وترصد «المال» أبرز وأهم الصفقات التى شهدتها السوق المحلية خلال العام الماضى بالنسبة للقطاعين العام والخاص.

بداية على صعيد الشق الأول، كانت شركة «ADQ» الإماراتية نفذت خلال إبريل عام 2022 صفقة استحواذ على 5 شركات مقيدة فى البورصة المصرية تصدرها حينها «التجارى الدولي»، إلى جانب حصص فى «أبو قير للأسمدة والبتروكيميات»، و«فورى لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات»، إضافة إلى «مصر لإنتاج الأسمدة – موبكو» و«الإسكندرية لتداول الحاويات».

وفى السياق ذاته، استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودى خلال أغسطس الماضى على حصص أقلية فى 4 شركات مقيدة بالبورصة المصرية، وهى «الإسكندرية لتداول الحاويات»، و«أبو قير للأسمدة والبتروكيميات»، و«مصر لإنتاج الأسمدة – موبكو» و«إى فاينانس».

وفيما يتعلق بالشق الثاني، فقد استحوذت شركة «شميرا الإماراتية» على نحو %56 من أسهم «بلتون المالية» خلال أغسطس المنقضي، وفى أكتوبر 2022 أعلنت «بى تك» المتخصصة فى مجال بيع الأجهزة المنزلية والإلكترونية وخدمات التمويل الاستهلاكى استحواذ الشركة السعودية المصرية للاستثمار المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، على حصة أقلية بها.

وكانت صفقة «أبو عوف» أيضا واحدة من أهم الصفقات التى شهدتها السوق المحلية خلال السنة الماضية، بعدما أعلنت الأولى خلال يوليو من العام ذاته موافقة مجلس إدارتها على استحواذ شركة «أغذية الإماراتية» على %60 من أسهمها.

وفى سبتمبر للعام الماضي، تم تنفيذ صفقة استحواذ تحالف «لايم فيست» وتواصل هولدنجز» على شركة «الإسكندرية للخدمات الطبية – المركز الطبى الجديد» بقيمة بلغت 535.4 مليون جنيه.

فى البداية، قال يوسف أيوب، الشريك المؤسس لشركة «تنمية كابيتال فينشرز - TCV» للاستثمار المباشر، إن العام الحالى سيكون فترة انتظار وترقب بسوق صفقات الاندماج والاستحواذ، على أن يبدأ التحرك الفعلى بالنصف الأخيره منه.

ولفت إلى أن المستثمرين فى حالة ترقب لإدارة ملف الاستثمار بشكل عام، ووضع الاهتمام الخليجى والكيانات التى تتم دراستها، وما أخر التطورات التى يشهدها ملف الطروحات الحكومية المعلن مؤخرًا، سواء بالطرح فى البورصة المصرية أو البيع لمستثمر استراتيجى.

وتوقع «أيوب» أن تستقطب السوق المحلية مزيدًا من الاستثمارات الخارجية خلال الفترة المقبلة، توجه لعدد من القطاعات الواعدة وفقًا لوجهة نظر المتعاملين تتمثل الأغذية والمشروبات والرعاية الصحية واللوجستيات، كونها دفاعية قليلة التأثر بالأحداث الجارية.

وتكهن بأن تسير العملية الاستثمارية بشكل مختلف إلى حد ما بالتركيز على الشركات المدرة للعملة الصعبة، والتى لديها فرص للنمو بشكل مختلف.

وأضاف أن توافر عامل الثقة قد يكون بمثابة تحرك أساسى لسوق صفقات الاندماج والاستحواذ خلال الفترة المقبلة.

على جانب آخر، وفيما يتعلق بأسعار الفائدة، قال إنها دائمًا ما تؤثر على مناخ الاستثمار فى الدول، وعلى الشركات العاملة، وأيضًا المتعاملين فى الأسواق بشكل عام.

وتابع أن زيادة معدل الفائدة فى السوق المصرية خلال الفترة الأخيرة سيؤثر على وضع القطاع الصناعي، خاصة فى ظل الغياب المبادرات مخفضة السعر.

وقال إن أبرز الأزمات التى تواجه سوق الاندماجات والاستحواذات خلال العام الحالى تتمثل فى وضع التقييمات، فى ظل أوضاع العملة المتذبذبة، إلى جانب سعر العملة، ومعدل فائدة معتدل.

أيوب: الأغذية والمشروبات والرعاية الصحية واللوجستيات أبرز القطاعات الدافعة

فيما رجح يوسف أيوب، الشريك المؤسس لشركة «تنمية كابيتال فينشرز»، أن ينمو نشاط الاندماجات فيما بين الشركات الناشئة العاملة بالمجالات المختلفة ومن بينها التكنولوجي، بغرض تكوين كيانات أكبر قادرة على المنافسة فى ظل تأزم الظروف الراهنة.

ونوه بأن العديد من الشركات الناشئة تواجه أزمة خلال الفترة الحالية فى تدبير تمويلات من الأسواق الخارجية، موضحًا أن وضع الاندماجات والاستحواذات خلال النصف الأول من العام الماضى كان مستقرًا إلى حد ما، ولكن هدأت الأوضاع بالفترة الأخيرة منه، نظرًا للتراجع الذى شهده الجنيه المصرى بتلك الفترة.

وأشار إلى أن شركات القطاع الخاص بحاجة لمزيد من الدعم فى عمليات من حيث الضرائب أو الصادرات أو أسعار فائدة معتدلة.

عمارة: برنامج الطروحات الحكومية سيكون أحد العوامل الداعمة للرواج بشكل غير مباشر

وقال ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، إن الآمال تُعلق بأن تشهد سوق الصفقات انتعاشة كبيرة خلال العام الحالى بدعم من القطاع الخاص، بعدما تحددت نسبة مشاركته فى الاقتصاد المحلى والتى تراوحت من 60 إلى %70.

ولفت إلى أن سوق الاستحواذات يمكن اعتبار أنها تحركت بشكل جيد خلال الفترة الأخيرة، إذ تم الاعتداد بالصفقات التى تم تنفيذها لشركات القطاع الحكومى.

وتابع أنه فى ظل برنامج الطروحات الحكومية سيتراجع أداء بعض الشركات الأخرى، ما يشجع من عمليات الاندماج والاستحواذ بين شركات بعض القطاعات لاستكمال المنافسة فى السوق المصرية.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء المصرى مصطفى مدبولي، أعلن منذ فترة قريبة عزم الحكومة المصرية طرح 32 شركة فى البورصة أو بيع حصص منها لمستثمرين رئيسيين، على مدار عام يبدأ من الربع الأول من هذا العام وحتى الربع الأول من العام 2024.

وأشار إلى أن عمليات الاستحواذ ستكون بين القطاعات اللوجستية والتكنولوجية والخدمية، فيما ستتراجع عدد العمليات بين القطاعات الصناعية والتجارية ولكن بأحجام استثمارية أكبر.

وأضاف أن الأزمات العالمية أحد أسباب توجه التدفقات الأجنبية ناحية مصر والشرق الأوسط، موضحًا أن أغلب الاستثمارات ستكون من قبل الدول الخليجية التى لديها فائض مالي، إذ يتم توجيهه لتنويع اقتصاداتهم، تليها القارة الأوروبية التى تستهدف المناطق الصناعية الدافئة بعدما اتسعت نطاقات النزاعات والحروب.

الهادي: الترقب سيد الموقف لحين اتضاح الأمور على جميع الأصعدة

وفى سياق متصل، قال حاتم الهادى الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب بشركة «كارفى للاستشارات المالية»، إن نشاط الاندماجات والاستحواذ شهد حالة من الهدوء خلال العام الماضى نتيجة عدة عوامل.

فيما توقع أن تستمر حالة الهدوء خلال العام الحالي، خاصة مع إعلان الحكومة المصرية شريحة تضم 32 كيانًا للطرح فى البورصة المصرية أو البيع لمستثمر استراتيجى.

وفسر «الهادى»، أن وجود صفقات فى السوق حتى وإن كانت لصالح القطاع الحكومي، تؤثر بشكل سلبًا على الأخرى من جانب القطاع الخاص لاتجاه الأنظار لصالحها.

ولفت إلى أن العامل الثانى المؤثر هو سعر العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي، فى ظل استمرار التوقعات بمزيد من التذبذب للجنيه خلال الشهور المقبلة، وهو ما سيدفع المستثمرين للتريث والحذر بشكل عام .

ورجح استمرار حالة الهدوء والترقب بسوق صفقات الاندماج والاستحواذ لحين اتضاح الأمور، على جميع الأصعدة.

ورأى أن يجذب قطاع اللوجستيات الأنظار خلال العام الحالى، كما أن قطاع الأغذية خاصة أنه دفاعي، قادر على التكيف مع الظروف المختلفة، إلى جانب نظيره للرعاية الصحية بشرط أن تكون هناك مرونة فى الموافقة على الصفقات من جانب الجهات المختصة.

من جانبه، قال محمد عبد الجواد، الشريك بمكتب «أدسيرو راجى سليمان وشركاه للاستشارات القانونية»، إن سعر الدولار أثر بالفعل على سوق الصفقات خلال الفترات الأخيرة.

كانت «المال» نشرت منذ أيام رؤية البنك السويسرى كريدى سويس، فى أحدث تقرير له، أن سعر الصرف الفعلى مقوم بأقل من قيمته الحقيقية بنحو %30 والتى تعادل 23.8 جنيه فقط، مقابل تداولاته فى السوق الرسمية عند 30.5 جنيه عند صدور التقرير.

وأكد أن سعر الصرف قد يشهد مزيدًا من الضعف على الأجل القصير، لكن هناك انتعاشة محتملة خلال الـ12 شهراً المقبلة، موضحًا أن شهادات إيداع الشركات المصرية المدرجة خارجيًا تشير إلى تداول الدولار بسعر 33.5 جنيه، أى أنه أعلى بنحو %10 من المستوى الحالى البالغ 30.5 جنيه.

تجدر الإشارة إلى أنه خلال شهر أكتوبر الماضي، أصدر البنك المركزى المصرى عدة قرارات، من بينها انعكاس سعر الصرف لقيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب فى إطار نظام سعر صرف مرن.

وأضاف أن الأوضاع الحالية الخاصة بتذبذب سعر العملة المحلية، ووجود عدة تأثيرات على الحالة الاقتصادية بالصعيدين المحلى والخارجي، عادة ما تُثير تخوفات المتعاملين من التوجه للاستثمار والتوجه للأوعية ذات العائد الثابت.

ولفت «عبد الجواد» إلى أن السوق المحلية شهدت مؤخرًا طرح شهادة استثمار بعائد مغرى يصل إلى %25.

وأضاف أن عمليات الاستحواذ قد تتم على الكيانات المتعثرة ماليًا، ما يدفعها لمحاولة تدبير سيولة من خلال دخول شريك جديد فى هيكل ملكيتها.

وأوضح أن زيادة أسعار الفائدة فى الأسواق عادة ما تؤثر على المناخ الاستثمارى بشكل عام، هذا إلى جانب أزمة التقييمات بضغط من تذبذب سعر العملة.

فيما توقع أن يكون الصناعى هو الجاذب للأنظار ونظيره الزراعي، والخاص بتشغيل العمالة من الكول سنتر والخاص بالتكنولوجيا والتطوير، خاصة أن تكلفة العامل المصرى أقل بكثير مقارنة أوضاع أخرى.

وجيه: دخول الاستثمارات الأجنبية مرهون باستقرار العملة المحلية

وأوضح هيثم وجيه، نائب العضو المنتدب بشركة «أفانز كابيتال»، أن دخول المستثمرين الأجانب للسوق سيعتمد على مدى استقرار سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية.

وتوقع «وجيه» أن تكون الاستثمارات الأجنبية الواردة للسوق المحلية من جانب صناديق استثمار على آجال متوسطة وطويلة الآجل، وليس أفراد.

وقال إن قطاع البنوك هى الأكثر جاذبية بالسوق المحلية خلال العام الجاري، نظرًا لفرصة نموها الكبيرة، إلى جانب القطاعات الدفاعية الأخرى كالصحة والتعليم.

تجدر الإشارة إلى أن صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصـر خلال العام المالى 2022/2021 ارتفعت لتسجل نحو 8.9 مليار دولار، بمعدل نمو 71.4% مقارنة بالعام المالى السابق 2021/2020، وذلك وفقًا لبيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

وعلى صعيد آخر، ارتفعت تدفقات استثمارات الدول العربية إلى السوق المصرية لتسجل نحو 1.5 مليار دولار خلال الربع الأخير من العام المالى 2022/2021 مقارنة بنحو 800 مليون بالفترة المناظرة من السابق 2020/2021، وذلك وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.

وتعتبر دراسة صندوق مصر الفرعى للخدمات الصحية والصناعات الدوائية التابع لـ”مصر السيادى» بالشراكة مع أحد الكيانات العاملة فى الاستثمار المباشر الاستحواذ على حصة بسلسلة صيدليات العزبى الشهيرة من أبرز العمليات التى تتم بالفترة الحالية.

كما أن من ضمن العمليات المحتملة بالفترة المقبلة، مساعى البنك العربى الأفريقى الدولى لبيع كامل حصته البالغة %12.7 فى بالم هيلز للتعمير.

وعلى صعيد الكيانات الصغيرة ومتوسطة الحجم، هناك مساعٍ من جانب شركة «الدولية للصناعات الدوائية – ايكمي» لضم شركات جديدة لهيكل ملكيتها، إذ إنها وقعت ببداية فبراير الماضى عقد شراء حصة حاكمة فى «بانف» للأقمشة غير المنسوجة تبلغ %72 بقيمة بلغت 23.4 مليون جنيه تسدد على مراحل خلال العام الحالى.

أسماء السيد - أحمد أبو سيف