«القيمية» أبرز الحلول.. الشركات العقارية تراهن على الاستشارات الهندسية لتجاوز التحديات الراهنة

«المطور العقارى، المقاول ، الاستشارى الهندسى»، ثلاثة لاعبين رئيسين بالقطاع العقارى بالسوق المحلية يحاولون استعادة توازن ودعم القطاع

Ad

«المطور العقارى، المقاول ، الاستشارى الهندسى»، ثلاثة لاعبين رئيسين بالقطاع العقارى بالسوق المحلية يحاولون استعادة توازن ودعم القطاع، من خلال السير فى اتجاهات موازية لتحقيق الهدف المرجو، وهو الوصول بالمنتجات العقارية المصرية لأعلى كفاءة وبتكلفة منخفضة.

ومع وجود أزمات وتحديات طفت على السطح فى الأعوام الأخيرة، بدأ كل عنصر من عناصر القطاع العقارى يمضى قدمًا لمحاولة تخفيف تلك الصدمات، وانتشال القطاع من الأوضاع الراهنة.

ولعل أبرز المساهمين فى تلك العملية هم مكاتب الاستشارات الهندسية، إذ يعدون أول مَن يضع ويشهد حجر أساس المشروع، بداية من إعداد الموازنة، ووضع المدة الزمنية والخطة التنفيذيية مرورًا بتحديد مراحله المختلفة، وأخيرًا بإعداد الأعمال التصميمية والهندسية، وبالتالى فهم أكثر المدركين بكل التفاصيل.

وتركز «المال» فى التقرير التالى على دور الاستشاريين الهندسيين، كأحد أعمدة القطاع العقارى، فى ظل العقبات الحالية لمساندة المطور العقارى، ومحاولة الوصول للمنتج المستهدف وبتكلفة منخفضة، بجانب دعم العملية التنفيذية للمشروع.

وتتلخص المشكلات الحالية التى تعرقل حركة تنفيذ وتسليم المشروعات العقارية فى 3 بنود، وهى الارتفاع المطرد وتغيرات أسعار مدخلات البناء، صعوبة الاستيراد من الخارج وعدم توفر المادة الخام محليًّا، ونقص موارد النقد الأجنبي.

وعلى ضوء تلك المشكلات، ناقشت «المال» عدة استشاريين هندسيين بالسوق المصرية لمعرفة الحلول المقدمة للمطور العقارى لدعم حركة القطاع، بجانب إلى أى مدى تطبيقها فى الوقت الراهن، بالإضافة إلى هل تلقت تلك المكاتب مطالب من العملاء بإعادة تصميم المشروعات وتعديل ميزانيتها ؟

ووفقًا لآراء الاستشاريين، كانت كلمة السر فى الحلول المقدمة تتمثل فى “مبادئ الهندسة القيمية”، وهى تعنى زيادة الاعتماد على المنتج المحلى، وتخفيف الضغط على المواد المستوردة، بجانب تحقيق أعلى كفاءة وأقل سعر.

بداية، أوضح وليد السويدى، رئيس مجلس إدارة شركة الدقة للاستشارات الهندسية، أن المكتب يعمل على إعادة دراسة المشروع، والسير على مبادئ الهندسة القيمية، والتغيير بشكل كلى فى المواصفات الفنية للمشروع، لتخفيف الضغط على المواد المستوردة، والتوجه نحو الخامات بالسوق المحلية.

وذكر أن اتباع مبادئ الهندسة القيمية لمشروع تم طرحه بالفعل يحتاج مجهودًا كبيرًا للغاية من فريق العمل لاستبدال المكونات المستوردة بالمكونات المحلية، ما يؤدى إلى دراسة كل بند بالمشروع، ومحاولة إيجاد البديل المحلى له.

وأضاف السويدى أنه من ضمن الحلول أيضًا، ترحيل شراء بعض الخامات من المقاول للمطور العقارى، وذلك لحماية المقاول من تعطل مشروعه، وتحمل تكاليف إضافية نتيجة لارتفاع الأسعار، ومن ناحية أخرى، تخفيف التكاليف على المطور من خلال حذف بند هامش الربح المقرر إعطاؤه للمقاول.

تكمن الصعوبة فى محاولة إقناع كل من المطور والمقاول بالفكر الجديد، ومحاولة الوصول إلى حل يُرضى جميع الأطراف ويقلل الخسارة الممكنة نتيجة تغيرات الأسعار المبالغ فيها، مشيرًا إلى أن العملية تحتاج المزيد من المفاوضات والدبلوماسية فى إدارة تلك المفاوضات للوصول إلى حلٍّ يناسب جميع أطراف المعادلة.

وأفاد أن تطبيق تلك الحلول بصفة عامة ليس بالأمر السهل، فهناك الكثير من العقبات التى واجهتها الشركة لتفعيل تلك الآليات على أرض الواقع.

وتابع: هناك بعض الخامات يستلزم شراؤها من الخارج ولا يوجد لها بديل محلى، وهناك البعض الآخر يتم الاعتماد فيها على الصناعة المصرية، ونحاول التحرك فى الاتجاهين لامتصاص الصدمة الحالية، مشيرًا إلى أنه فى حالة عدم القدرة على توفير المادة الخام محليًّا وخارجيًّا، فإن المشروع يتوقف تمامًا.

وأكد أنه أغلب المطورين لجأووا لبحث حلول مختلفة مع الاستشاريين الهندسيين لتفادى أزمات ارتفاع الأسعار، وبالفعل تم اتباع تلك الآليات فى عدد كبير من المشروعات فى الفترة الحالية، فنحو 70% من العملية التنفيذية للمشروع تعتمد على تلك الحلول، لافتًا إلى أنه تم تطبيقها بشكل أوسع فى القطاع الصناعى والخدمي.

ووفقًا لوليد السويدى، يحتل القطاع الصناعى المكانة الأولى من حيث أكثر القطاعات تضررًا بأزمة الاستيراد وعدم توفر النقد الأجنبى، إذ يعتمد القطاع بنسبة %60 على مواد الإلكتروميكانيكال، وجميعها تأتى من السوق الخارجية.

مرسي: القطاع بحاجة لتغيير الأكواد المحلية وجعلها أبسط وأيسر

وفى سياق متصل، قال وليد مرسى، رئيس مجلس إدارة مكتب “دى سى آى بلس” للاستشارات الهندسية، إن المكتب لديه أكثر من زاوية يتعامل بها مع الظروف الراهنة المتمثلة فى ارتفاع أسعار مدخلات البناء، وزيادة التكاليف الإنشائية للمشروعات العقارية، وذلك لتحقيق معادلة تكاليف أقل وكفاءة أعلى.

وأوضح مرسى أنه من ضمن تلك الآليات هى تطبيق مبادئ الهندسة القيمية من خلال اتباع كفاءة التصميم للمنشأ، وهى تعنى تعظيم العائد الاستثمارى، ورفع كفاءة المنتجات العقارية المختلفة.

وتابع أن تلك الآليات تأتى تماشيًا مع معايير الاستدامة، من خلال الاعتماد على استخدام المنتجات والخامات المحلية بدلًا من المستوردة، وتحقيق عائد مرتفع على الاستثمارات.

وأضاف أن هناك بعض المشكلات فى معايير الأكواد الهندسية، فالقطاع بحاجة إلى النظر إليها بعين اعتبارية ومراجعتها من خلال التطبيق على أرض الواقع، نظرًا لأنها منقولة عن أكواد عالمية، لافتًا إلى أن ذلك من المؤكد أن يزيد من كفاءة التصميم، ويخفض التكاليف التنفيذية للمنشأ.

وتابع: الأكواد الحالية تتطلب بناء مساحات كبيرة من الجراجات لتستوعب عدد السيارات الخاص بكل مبنى أو مشروع، وهو ما يزيد من تكلفة التنفيذ على المطور العقاري.

وأشار إلى أن تكلفة التنفيذ فى أى دولة أخرى تكون أقل بكثير من التكلفة فى السوق المحلية، نظرًا لسهولة وبساطة الأكواد الهندسية هناك المواكبة لتطورات العصر.

ووفقًا لمرسى، يتمحور فكر مكتب دى سى آى بلس فى تبنى تلك الاعتبارات أثناء تصميم، وعلى أكثر من مستوى، فالهدف فى النهاية هو تحقيق عائد استثمارى بعود بالنفع على المالك والدولة.

وتابع، هناك عدد لا بأس به من المستثمرين لديهم تلك المشاكل، وبدأنا بالفعل فى تطبيق معايير الهندسة القيمية على مشاريع ضخمة، بحيث يتم إعطاء نفس المنتج ولكن بتكلفة أقل، والاعتماد بصفة أساسية على منتجات وخامات محلية.

وذكر أنه هناك بعض المطورين العقاريين لجأوا بالفعل إلى عمل إعادة جدولة لمراحل المشروع، وكذلك إعادة جدولة للميزانية الموضوعة من قبل، لتتواكب مع تلك التحديات العصيبة.

ولفت إلى أن القطاع الصناعى يأتى على رأس القطاعات الأكثر تأثرًا بالمشكلات الحالية، وعدم توفر المادة الخام، لأنه يعتمد على نسبة كبيرة من المكونات المستوردة من الخارج، بالإضافة إلى عدم وجود بدائل محلية يمكن الاستعاضة بها عن تلك المكونات.

وبالنسبة للقطاع الخدمى والسكنى، فالأزمة فيه تكمن فى ارتفاع التكاليف الإنشائية نتيجة الاعتماد على استراتيجية البيع على الخريطة.

وأفاد أن نوعية الأعمال التى يشرف عليها مكتب تكون مجرد رد فعل للحكومة ومتطلبات السوق، ففى الفترة الأخيرة استحوذت المشروعات الخدمية على عدد كبير من حجم الأعمال، نتيجة لزيادة الطلب عليها وطروحات الدولة.

رأفت: استحداث معادلات تعالج التغيرات السعرية المتتالية

ومن جانبه، أضاف يحيى رأفت، رئيس مجلس إدارة مكتب “أر إم سي” للاستشارات الهندسية، أنه لا توجد فى الوقت الحالى حلول جذرية يمكن اتباعها لتفادى المشكلات التى أصابت الاقتصاد المحلى بصفة عامة، والقطاع العقارى بصفة خاصة.

وذكر: لا يمكن تحديد إلى أى مدى تأثر القطاع، وأصبح معرفة التكلفة التنفيذية للمشروع أمر غامض وغير دقيق نتيجة الارتفاعات المتتالية للأسعار، وعم استقرار أسعار الصرف، فالوضع ضبابى وغير مستقر.

“وتتمثل الحلول فى الوقت الحالى من وجهة نظرى هو محاولة التأقلم مع الوضع الراهن على أرض الواقع، لحين اتضاح الرؤية بشكل أكبر”، بحسب رأفت.

وأفاد أنه بالنسبة للحلول، فتم استحداث معادلات تقوم بمعالجة التطور السعرى، نتيجة لتحركات الأسعار بشكل دائم وسعر صرف الدولار فى السوق المحلية.

ولفت إلى أن الفترة الأخيرة شهدت توقف عدد كبير من المشاريع الصناعية، وعزوف الكثير من المستثمرين عن ضخ استثمارات بالقطاع الصناعى، نظرًا لإحاطة المشاكل به من كل جانب، سواء من حيث صعوبة الاستيراد أو عدم توفر المادة الخام.

وشهدت السوق العقارية المحلية خلال السنوات الماضية إقبالا من شركات التطوير العقارى للتعاقد مع شركات استشارات هندسية عالمية لوضع التصميمات الهندسية لإنشاء وتنفيذ مشروعات عقارية فى المدن العمرانية الجديدة والمناطق السياحية، وهى ظاهرة تثير التساؤلات حول مبرر تلك الخطوة، والتى تُعتبر مكلفة ماديا بجانب أنها تهدد مصير الكيانات المحلية العاملة فى نفس المجال.