بدلًا من 2 مليون حاليًا.. خبراء يجيبون: كيف تستطيع مصر إنتاج 10 ملايين طن سنويًا من الثروة السمكية؟

وضعت الحكومة رؤية إستراتيجية للنهوض بالثروة السمكية فى مصر، بهدف تحقيق اكتفاء ذاتى وفائض للتصدير خلال الفترة المقبلة.طبقا لتصريحات الخبراء

Ad

وضعت الحكومة رؤية إستراتيجية للنهوض بالثروة السمكية فى مصر، بهدف تحقيق اكتفاء ذاتى وفائض للتصدير خلال الفترة المقبلة.

ومنذ عام 2017، انطلق المشروع القومى لتطوير البحيرات الطبيعية بتكلفة 100 مليار جنيه، بهدف تطهيرها، إذ تمتلك مصر نحو 14 بحيرة، مع إزالة التعديات، إضافة إلى زيادة إنتاج السوق المحلية من الأسماك.

كما ركزت الحكومة على حصر المزارع السمكية لرفع كفاءتها، وإنشاء العديد من مفرخات الزريعة البحرية والجمبرى، إلى جانب اتخاذ إجراءات لمنع صيدها من البواغيز.

وأكد عدد من الخبراء فى مجال الاستزراع السمكى، أن الثروة السمكية فى مصر تُعد واحدة من أهم مصادر الدخل القومي، مطالبين بضرورة زيادة الإنتاج المصرى إلى 10 ملايين طن سنويًا بدلًا من 2 مليون حاليًا.

يشار إلى أن الصين تحتل المركز الأول كأكثر الدول إنتاجًا للثروة السمكية بنحو 49.5 مليون طن، تليها البيرو بإنتاج 9.4 مليون، ثم الهند بواقع 6.3 مليون.

فيما تستحوذ السوق المصرية على المركز الأول أفريقيًا والسادس عالميًا فى الاستزراع السمكى، وفقًا لتصريحات سابقة لوزير الزراعة.

إستراتيجية موحدة

وفى هذا السياق، قال المهندس أحمد الشراكي، الخبير بمجال الاستزراع السمكي، إن القطاع الخاص يستحوذ على %90 من حجم إنتاج مصر.

وطالب «الشراكى» فى تصريحات لـ«المال»، بضرورة تبنى إستراتيجية موحدة لمساندة المنتجين لخلق بنية تحتية لتلك المنظومة تهدف إلى مضاعفة الإنتاج المصرى لنحو 10 ملايين طن سنويًا.

أحمد الشراكي: القطاع الخاص يستحوذ على الحصة الأكبر والمصايد الطبيعية «فقيرة»

وكان السيد القصير، وزير الزراعة، كشف فى تصريحات سابقة له، أن إجمالى الإنتاج السنوى من الأسماك فى مصر يبلغ نحو 2 مليون طن، بنسبة اكتفاء ذاتى تصل إلى %85 منوهًا بأن هذه النسبة سترتفع مع دخول كل المشروعات القومية بكامل طاقتها فى عملية الإنتاج.

وأضاف «الشراكى» أن معدلات الإنتاج السنوى للأسماك فى مصر تشهد تراجعًا ملحوظًا، مرجعًا ذلك إلى عدة عوامل، منها ارتفاع أسعار الأعلاف، والمواد الخام، خاصة فى ظل افتقار المصايد الطبيعية.

البحر المتوسط «صحراء سمكية».. و«الأحمر» أكثر إنتاجية

وأشار إلى أن منطقة البحر المتوسط -والتى يطلق عليها حاليًا بحسب الخبراء الدوليين «صحراء سمكية» - تُعد من أقل المصايد الطبيعية استدامة على مستوى العالم، وفقًا لمنظمة الغذاء والزراعة العالمية، مضيفًا أنها تعتبر كبحيرة شبه مغلقة، وتمر على العديد من الدول الأوروبية التى تقوم بتنظيم عمليات صيد ضخمة تسهم فى انخفاض المصايد على السواحل المصرية.

ولفت «الشراكى» إلى أن البحر الأحمر يُعد أكثر إنتاجية مقارنة بالمتوسط، منوهًا بأن هناك عدة تحديات تقف أمام الصيادين فى تلك المنطقة، أبرزها انتشار المنتجعات السياحية، ومنع الصيد فى فترات مختلفة.

وأكد أن النهوض بالاستزراع السمكى وتوفير منظومة موحدة لتنمية القطاع يسهمان فى جذب رؤوس أموال جديدة ومستثمرين، سواء على المستويين المحلى أو العالمي، فى ظل تبنى الدولة خططًا لتنمية القطاع الخاص على عدة مستويات، مطالبًا بإدراج الاستزراع السمكى فى تلك المنظومة من خلال منح عدة حوافز تشجيعية لزيادة القدرات الإنتاجية.

طرح 21 منطقة بحرية للمستثمرين

يذكر أن الحكومة المصرية وافقت مؤخرًا على طرح 21 منطقة بحرية، موزعة ما بين 9 مناطق بالبحر الأحمر، و12 بالبحر المتوسط، مع إنشاء مناطق لوجيستية على الساحل لإنشاء الأقفاص البحرية، وذلك تدعيمًا للفرص الاستثمارية فى مجال الثروة السمكية.

وذكر «الشراكى» أن معدلات الاستزراع السمكى تطورت من نسبة %6 فى ثمانينيات القرن الماضى إلى %50 من معدلات الإنتاج العالمى خلال الفترة الحالية، وذلك دون الاعتماد على المصايد الطبيعية، وهو الأمر الذى يتطلب مساندة القطاع الخاص المصرى والاستماع لمتطلباته.

وأوضح أن مشروعات الدولة من الاستزراع السمكى فى مناطق الفيروز، وقناة السويس وغليون غير مضرة لعمل القطاع الخاص، ولكنها تسهم فى زيادة المنتج المحلى، منوهًا بأن المزارع الحكومية لا تتخطى نسبة %1.5 من حجم الإنتاج المصرى الكلى.

ونوه «الشراكى» بأن مصر تعتمد على استيراد أغلب احتياجاتها من الأعلاف عن طريق الخارج، مضيفًا أنه من الصعب إنتاج الأعلاف محليًا، فى ظل انخفاض الرقعة الزراعية، إذ تحتاج صناعة الأسماك إلى ما يقرب من 3 إلى 4 ملايين فدان لزراعة الفول الصويا والذرة الصفراء لإنتاج الأعلاف.

الإنتاج السمكى فى مصر

القطاع الخاص يستورد نحو 4.5 مليون طن فول صويا سنويًا للتغذية

وتابع أن القطاع الخاص يستورد ما يقرب من 4.5 مليون طن فول صويا سنويًا لتغذية الأسماك، وهو الأمر الذى يمثل مزيدًا من التحديات على الصناعة، مشيرًا إلى أن توفير الخامات يحتاج إلى التزام حكومى بخطة طويلة الأجل لهذا القطاع مع توفير أراضٍ جديدة مستصلحة لزراعة الذرة والفول الصويا.

وقدم «الشراكى» العديد من التوصيات لمضاعفة الإنتاج فى الاستزراع السمكى، إذ من الممكن إنتاج نحو 10 ملايين طن سنويًا بدلًا من 3 ملايين مع نهاية عام 2030 (مستهدفات حكومية)، وذلك من خلال توفير قاعدة بيانات محدثة للصناعة وتقديم حوافز للقطاع الخاص.

وأوصى «الشراكى» بوضع إستراتيجية موحدة للصناعة والعمل على إقرارها وتنفيذها فورًا، إضافة إلى منح تراخيص الاستزراع فى أسرع وقت.

بحيرة قارون

من جانبه، قال مصدر بالاستزراع السمكى، إن بحيرة قارون تعانى نفس ما عانته البحيرات المصرية من تنازعات الاختصاصات بين الجهات الحكومية المختلفة، وتوحيد تلك الجهات فى سلطة فنية موحدة لكل بحيرة، نظرًا لطبيعتها الفنية وحالتها بهدف نمو المعدلات الإنتاجية فى البحيرات والقضاء على أى أمراض أو فطريات تقضى على زراعة الأسماك بها.

بحيرة قارون مصابة بطفيلى الأريزونا.. والحل فى استغلالها لـ«الجمبرى» بعد معالجتها

وأضاف أن جهات الاختصاص بالمحميات عديدة ومختلفة، ومنها وزارتا البيئة، والرى، والمحليات، والثروة السمكية، والهيئة الهندسية وحماية الشواطئ، وغيرها من الجهات.

وأشار إلى أن الحل يكمُن فى توحيد تلك الجهات فى سلطة متخصصة، خاصة بحيرة قارون التى تحتاج إلى دراسات علمية للقضاء على التلوث وخفض نسبة الأملاح بها لنمو معدلات الإنتاج للبحيرة مع المعالجة البيئية.

ولفت إلى أن اختيار فنى متخصص لكل بحيرة بات ضروريًا، وذلك مع أهمية وضع برنامج زمنى ومحاسبته فى حالة التقصير، إضافة إلى منح القطاع الخاص مزيدًا من الصلاحيات والفرص لمضاعفة إنتاجية البحيرات المصرية، والتى تمثل ثروات مهدرة.

إعادة التوازن البيئى

وفى سياق متصل، قال هشام زغلول، متخصص فى إدارة وإنشاء المزارع السمكية، إن بحيرة قارون أصبحت فارغة من الحياة السمكية بعد أن كانت تنتج أسماكا متنوعة، منها الموسى والبلطى والبورى بأعلى جودة وهى تمثل مصدر رزق للسكان المحليين.

هشام زغلول: ارتفاع تكلفة الاستزراع بنسبة %20 محليًا مقارنة بالسوق العالمية

وأضاف أن البحيرة أصابها طفيل الأريزونا، والذى قضى على الحياة السمكية بها، متابعًا أنه من الصعب القضاء عليه، نظراً لانتشاره فى كل بحيرة قارون كونها مغلقة.

وأشار إلى أن الأبحاث العلمية أكدت ذلك ولكن من الممكن أن تصبح البحيرة مزرعة للجمبرى فقط كونه النوع الوحيد الذى يستطيع الصمود أمام ذلك الطفيل بعد تهيئتها وإعادة التوازن البيئى للبحيرة.

يذكر أن الحكومة تنفذ حاليًا مشروعًا ضخمًا لمعالجة التوازن البيئى لبحيرة قارون، والذى يتضمن العمل فى 3 مسارات أساسية، بغرض إعادة إحيائها مع تطويرها من خلال إقامة مشروع استخراج الأملاح، وحل أزمة الصرف الصحى على البحيرة.

وأكد رئيس الوزراء، أهمية الإجراءات التى يتم اتخاذها لإعادة التوازن البيئى لبحيرة قارون، بالنظر إلى القيمة الاقتصادية لها، لا سيّما أنها تُعد مصدرًا رئيسيًا للدخل لغالبية أبناء المحافظة؛ ما يجعل إحياءها وإعادتها لسابق عهدها أمرًا ضروريًا لتحفيز الاستثمار السياحى وتعزيز الثروة السمكية.

وأفادت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، بأن خطط الإصحاح البيئى للمنشآت الصناعية التى تصرف على بحيرة قارون تشمل الانتهاء من تنفيذ 11 خطة، تتضمن وقف مياه الصرف الصناعى عبر إعادة استخدامها كاملة مرة أخرى فى العملية الإنتاجية، خاصة فى مصانع الورق والكرتون التى كانت تمثل أهم مصادر الحمل البيئى على البحيرة.

وأوضح الدكتور أحمد الأنصارى، محافظ الفيوم، أن الخطة الحالية لمشروع استخراج الأملاح من بحيرة قارون على مساحة 4000 فدان يُعد أحد حلول إعادة التوزان للبحيرة، والتى يتم العمل فيها حاليا بالتعاون مع الجهات المعنية.

خامات الاستزراع السمكى

وذكر «زغلول» أن صناعة الإنتاج السمكى فى مصر انخفضت حاليًا بعد أزمة ارتفاع أسعار الأعلاف وصعوبة استيرادها، لافتًا إلى أن تكلفة الاستزراع للفدان زادت بنسبة %20 مقارنة بالسوق العالمية.

وأكد أن الارتفاعات المتتالية فى الخامات والأعلاف فى مصر تحتاج إلى مساندة حكومية للصناع العاملين فى هذا القطاع للحفاظ على الثروة السمكية، إذ تستورد مصر جميع احتياجاتها من الصويا ومسحوق السمك من الخارج فقط.

وطالب وزارة الزراعة بسرعة توفير خامات الاستزراع السمكى والزريعة بدلًا من الاعتماد على الاستيراد، مع توفير نسبة ولو منخفضة فى إنتاج الأعلاف السمكية محليًا.

وأشار إلى أهمية توفير مفرخات إنتاج سمكى خاصة البلطي، إضافة إلى منح تراخيص للمستثمرين بعد التوافق على كل المعايير التى تضمن جودة الأسماك وسلامتها، وتحصينها بما يسهم فى توفير بنية تحتية قوية لتلك الصناعة، ويجذب مستثمرين جددًا لها.

كما طالب الجهات المختصة بضرورة تقنين أوضاع حاضنات التفريخ مع وضع مواصفات فنية ومنح ترخيص لها بشكل قانوني، وأن تخضع لمراقبة الدولة، وذلك أسوة بالدول الأوروبية وآسيا التى تتصدر الإنتاج العالمى فى الاستزراع السمكى.

وأوضح أن المزارع تعرضت لحملة تشويه بعد خروج العديد من الشائعات بأنه تتم تغذية الأسماك عن طريق مخلفات المجازر وأحشاء الدواجن، نافيًا ذلك خاصة أن هناك أسماكًا مثل البلطي، والبورى والدوبار تتغذى على النباتات، فيما تتغذى القراميط فقط على مخلفات المجازر.

وأشار إلى أن تلك الشائعات ساهمت فى إيقاف تصدير الأسماك المصرية إلى السوق العالمية، خاصة الخليجية، وإلغاء بعض التعاقدات، موضحًا أن بعض المزارع تقوم فقط باستخدام السماد العضوى للتخفيف من ارتفاع التكلفة الإنتاجية.

وفى السياق ذاته، قال «زغلول» إن هناك عدة عوامل تسهم فى خلق أسواق خارجية للمنتج المحلى ومضاعفة الإنتاجية، أبرزها سرعة منح تراخيص للتفريغ السمكي، ووضع حوافز تحمى الصناعة ضد الأخطار الاقتصادية الحالية.

قوانين لحماية الصناعة

وأصدر مجلس النواب قانونًا رقم 146 لسنة 2021 بإنشاء جهاز تابع لمجلس الوزراء لحماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية.

ويحظر قانون حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، تجفيف أو ردم أى مساحات من البحيرات أو بواغيزها أو البرك الخاضعة لإشراف الجهاز، والتى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية إلا للأغراض القومية.

كما يحظر حيازة أو استعمال أى آلات أو معدات أو أدوات رفع المياه داخل البحيرات أو بواغيزها أو على شواطئها أو الأراضى المملوكة للأفراد التى تغطيها المياه وتكون متصلة بالمياه المصرية إلا بترخيص من الجهاز.

وحدد القانون قواعد لممارسة مراكب الصيد والعاملين عليها، ووضع شروطًا ملزمة منها أن يكون مركب الصيد حاصلا على رخصة، وأن يحصل الصياد على بطاقة صيد، كما حدد رسوما وحالات للإعفاء منها وحالات سحب التراخيص، وشمل إنشاء جهاز لحماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية.

وحظر القانون فى المادة 15، حيازة استغلال أو إقامة أى منشآت أو إجراء أى أعمال أو ممارسة أى أنشطة على الأراضى الواقعة داخل حرم البحيرات وبواغيزها إلا بترخيص من جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، وتحدد اللائحة التنفيذية شروط واجراءات اصدار الترخيص.

وعاقب القانون كل من يخالف ذلك، بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، وفى حالة العودة تتم مضاعفة العقوبة، وفى جميع الأحوال تضبط كل الآلات والأدوات والمواد المستخدمة فى المخالفة لأحكام المادة الموجودة بموقع المخالفة، ويحكم بمصادرة المضبوطات أو ثمنها لحساب الجهاز وتزال المخالفة إداريًا على نفقة المخالفة.

إحصائيات

وأفاد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بأن كمية الإنتاج السمكى فى مصر سجلت نحو 1.3 مليون طن خلال عام 2010 مقابل 1.36 مليون خلال 2011، بنسبة ارتفاع قدرها %4.4.

وبلغت نحو 1.37 مليون طن خلال 2012 بنسبة ارتفاع قدرها %0.7 عن العام السابق له، فيما سجلت 1.45 مليون فى عام 2013 بنسبة ارتفاع قدرها %6.

وسجل الإنتاج السمكى فى مصر1.48 مليون طن فى عام 2014 بنسبة ارتفاع قدرها %1.9 عن العام السابق له، بينما بلغت 1.5 مليون خلال 2015، بنسبة ارتفاع قدرها %2.5.

وواصلت الارتفاع مسجلة 1.7 مليون طن فى 2016 بنسبة قدرها 12.3% عن 2015، فيما بلغت 1.8 مليون عن 2017 بنسبة ارتفاع قدرها %6.9.

وشهد عام 2018 نحو 1.9 مليون طن بنسبة ارتفاع قدرها %6.3 عن عام 2017، وبلغت 2 مليون فى 2019 بنسبة ارتفاع قدرها %5.3 عن العام السابق له.

وأضافت الإحصاء، أنه بلغ إجمـالى كمية الإنـتاج الـسمكى خلال عام 2020 نحو 2.01 ملـيون طـن، مقابل 2.03 ملـيون فى 2019 بنســبة انخفــاض قدرها %1.4.