لماذا لجأت مصر لبيع«سندات خزانة أمريكية» بقيمة 1.5 مليار دولار خلال 2022؟

قال خبراء ومصرفيون إن اتجاه مصر لبيع سندات خزانة أمريكية طويلة الأجل بقيمة 1.5 مليار دولار فى عام 2022، يعد تصرفا طبيعيا فى ظل توجه البنوك المركزية

Ad

قال خبراء ومصرفيون إن اتجاه مصر لبيع سندات خزانة أمريكية طويلة الأجل بقيمة 1.5 مليار دولار فى عام 2022، يعد تصرفا طبيعيا فى ظل توجه البنوك المركزية لإدارة أصولها فى استثمارات تدر عوائد مرتفعة.

وأوضحوا لـ«المال» أن الحاجة للسيولة الدولارية وتغطية الفجوة النقدية،تعتبر من ضمن أسباب بيع مصر لسندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل،بالإضافة إلى العلاقة العكسية الموجودة بين سعر العائد والقيمة السوقية للسند،فمع إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع معدلات التضخم العالمية،قام الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى برفع الفائدة أكثر من مرة، وهو ما أدى لزيادة العوائد على سندات الخزانة، ومن ثم انخفاض القيمة السوقية لها.

وتعرف سندات الخزانة بأنها عبارة عن صك تصدره الشركات أو الدول، ويكون قابلاً للتداول بالطرق القانونية،ويعد بمثابة قرض لأجل مسمي، سواء طويل الأجل أو متوسط، ويتراوح بين سنتين و20 عاماً.

أما أذون الخزانة عبارة عن أداة دين حكومية تصدر بمدة تتراوح بين 3 أشهر إلى عام، لذا تعتبر من الأوراق المالية قصيرة الأجل.

وحصلت «المال» على بيانات صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية توضح أن مصر انتهجت مؤخرًا سياسة تخفيض حصتها فى سندات وأذون خزانة الولايات المتحدة على غرار دول كبرى أبرزها اليابان والصين وفرنسا وكوريا الجنوبية.

وأظهرت البيانات أن مصر بدأت سياسة تخفيض حصتها بداية من العام الماضى،إذ كانت تمتلك نحو 2.232 مليار دولار فى يناير 2022 لتنخفض فى مارس إلى 94 مليوناً،ثم عاودت الارتفاع فى نوفمبر من العام ذاته إلى 1.480 مليار، لتستقر عند 714 مليونا بنهاية ديسمبر الماضى

عبدالعال: السيولة الطارئة وإدارة فجوات النقد أحد أهم الأسباب

قال محمد عبد العال الخبير المصرفي،تعليقا على بيع مصر سندات خزانة أمريكية بقيمة 1.5 مليار دولار، إن ذلك يعد أمرا طبيعيا لاسيما وأن البنوك المركزية بشكل عام تسعى دائما إلى إدارة أصولها بالطريقة التى تتناسب مع خطتها، ومنها استثماراتها فى أذون وسندات الخزانة الأمريكية.

وأضاف «عبدالعال»،فى تصريحات ل«المال»،أنه عندما تصبح لدى البنوك المركزية ومنها البنك المركزى المصرى فائضا فى السيولة،فإنها تبحث عن توظيفها بشكل يضمن لها استثمارا يدرعائدا مثل سندات الخزانة الأمريكية.

وأوضح أن قرار المركزى ببيع جزء من حيازته فى سندات الخزانة الأمريكية إنما يدخل ضمن عدة أسباب منها الاحتياج إلى سيولة طارئة ،أو إدارته لفجوات النقد كما هو معتاد.

وتابع أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية وصلت إلى أعلى مستوى لها، حيث سجل العائد عليها نحو 4% بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي،وهو ما يمكن أن يكون قد دفع المركزى لبيع جزء منها لتحقيق هامش ربح.

وأكد أن خيار البيع من جانب البنك المركزى المصرى كان موفقا فى ظل الارتفاعات المتتالية للفائدة على الدولار،ومن المتوقع أن يستمر الاحتياطى الفيدرالى فى زياداتها مرات أخرى خلال العام الحالي.

واتفق هانى جنينه المحاضر بالجامعة الأمريكية،مع ما قاله محمد عبد العال أن قرار مصر بتخفيض حجم استثمارتها فى سندات الخزانة الأمريكية تصرف طبيعي،لاسيما وأن هناك علاقة عكسية بين رفع أسعار الفائدة الأمريكية والعائد على سندات الخزانة،فكلما ارتفعت أسعار الفائدة على الدولار قل العائد على السندات،وبالتالى كان من المنطقى أن بعض الدول تقوم ببيع جزء من حيازتها فى سندات الخزانة الأمريكية و فى إطارتجنب الخسارة.

وأضاف بناءا على ما سبق،فإن البنوك المركزية ستسعى إلى التركيز بشكل كبير على إصدارتها فى الذهب أوأذون قصيرة الأجل وتجنب الاستثمار فى أصول طويلة الأجل، لأن السندات طويلة الأجل تكون أكثر تأثرا (فإذا كان سند مدته 10 سنوات مثلا والفائدة صعدت 1% ينخفض سعره 10% وهكذا).

وأشار إلى أن كل دول العالم ومنها مصر اتخذت قرارا صحيحا عندما قامت ببيع جزء من استثمارتها فى سندات الخزانة الأمريكية،فى إطار حماية الاحتياطى النقدى من التآكل أو الانخفاض.

فخرى الفقي: هناك علاقة عكسية بين سعر العائد والقيمة السوقية للسند

ومن جانبه قال فخرى الفقى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب،إن بيع مصر لسندات خزانة أمريكية طويلة الأجل بقيمة 1.5 مليار دولار،يرجع إلى العلاقة العكسية الموجودة بين سعر العائد والقيمة السوقية للسند.

وأوضح «الفقي»، فى تصريحات ل«المال»،أن الحرب الروسية الأوكرانية تسببت فى ارتفاع الأسعار عالمياً،وهو الذى دفع الفيدرالى الأمريكى لرفع أسعار الفائدة أكثر من مرة، وبالتالى ارتفاع سعر العائد على السندات الأمريكية، أى انخفاض القيمة السوقية له،مما دفع مصر إلى الإقدام على البيع.

وأفاد أن البنك المركزى المصرى يمتلك احتياطا نقديا يقدر بنحو 34.2 مليار دولار أمريكي، يتوزع بين احتياطى من الذهب يمثل 125 طنا،بقيمة حوالى 7 مليار دولار،بالإضافة إلى ودائع الدول الخليجية،كالامارات وقطر والكويت والتى تجدد سنوياً، وتمثل 27 مليار دولار تقريبا من اجمالى قيمة الاحتياطى النقدى.

وتابع:أخيراً 6 مليارات دولار يقوم البنك المركزى باستثمارها فى الأوراق المالية الدولية،بنسبة %70 استثمار فى الأوراق المالية الأمريكية،ونحو %30 استثمارات فى الأوراق المالية بالعملات الأخري،والتى من ضمنها اليورو واليوان الصينى والين اليابانى.

وأشار رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إلى أن الاستثمارات المصرية فى سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل كانت فى عام 2021 تبلغ حوالى 2.2 مليار دولار، ولكن مع التضخم العالمي، من الطبيعى أن تنخفض تلك القيمة، خاصة مع توجه عدد من الدول لبيع السندات الأمريكية، مثل اليابان والصين.