استبعد عدد من الخبراء والمحللين المصرفيين أن تحذو البنوك حذو وزارة المالية، وتصدر صكوكًا سيادية جديدة، موضحين أن إصدار الصك إنما يكون على أصل يدر موردًا دولاريًا.
وذهب بعض الخبراء إلى أنه ليس هناك ما يمنع من الناحية القانونية من قيام البنوك بذلك، موضحين أن القانون سمح للبنوك بإصدار صكوك ولكن بعدما تؤسس شركة تصكيك خاصة بها.
وأشاروا - فى تصريحات خاصة لـ «المال» - إلى أن هناك مسارات أخرى يمكن أن تنتهجها البنوك من أجل الحصول على العملة الصعبة أبرزها طرح الأوعية والشهادات الدولارية، ولكنهم أشاروا إلى أن إصدار السندات الدولارية سيكون مرتهنًا بالعائد على هذه السندات، وكذلك قدرة البنوك على تسويقها.
شركة تصكيك
وقال محمد بدرة، الخبير المصرفي، إنه ليس هناك ما يمنع البنوك من إصدار صكوك خاصة بها، أسوة بتلك الخطوة التى اتخذتها وزارة المالية، خلال الأسبوع الماضى.
وتعرّف الصكوك بكونها أحد أنواع الأوراق المالية التى يتم طرحها من أجل الحصول على التمويل، وهى تشبه سندات وأذون الخزانة غير أنها تتوافق مع الشريعة الإسلامية.
وأعلنت وزارة المالية عن نجاح أول إصدارات البلاد من الصكوك السيادية فى بورصة لندن، مشيرة إلى أنه تمت تغطية الإصدار البالغ قيمته 1.5 مليار دولار أكثر من أربع مرات، بعد أن اجتذب طلبات اكتتاب بقيمة 6.1 مليار وأدى هذا إلى انخفاض العائد النهائى إلى %10.875 من السعر الاسترشادى الأولى البالغ %11.625 وفقًا لبيان صادر عن "المالية".
وأضاف «بدرة» أنه لكى تصدر البنوك صكوكًا فإن عليها أولًا أن تؤسس شركة تصكيك، ومن ثم يتم من خلالها طرح هذه الصكوك.
وتتولى الحكومات إصدار الصكوك، وهى تلك التى تعرف بالصكوك السيادية، ويتم إصدارها من أجل تمويل عجز الموازنة العامة للدولة.
وأوضح "بدرة" أن القانون سمح للبنوك بإصدار الصكوك، ومن ثم ليس هناك ما يمنعها من ذلك، لافتًا إلى أنه عندما يقوم بنك من البنوك بطرح صكوك، فإنه فى العادة يكون لديه أهداف دفعته إلى انتهاج هذه الخطوة، وبالتالى سيعلن عنها حال اتخاذ القرار بذلك.
وأكد أنه عادة ما يتم إصدار الصكوك على أصول تدر عوائد دولارية، يتم طرح الصك بضمانها.
وفيما يتعلق بالصكوك التى أصدرتها "المالية" الأسبوع الماضي، فقد تقدم أكثر من 250 مستثمرًا عالميًا بطلبات للاكتتاب، وجذبت هذه الصكوك مستثمرين من دول الخليج العربى وشرق آسيا وبعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا لبيان "المالية".
وتقدم للاكتتاب فى هذه الصكوك أيضًا بعض مديرى الأصول وصناديق التقاعد وصناديق التأمين والاستثمار والبنوك، وجرى تداول الصكوك فى السوق الثانوية ببورصة لندن.
برنامج الصكوك والموارد الدولارية
أما هانى جنينة، الخبير والمحاضر بالجامعة الأمريكية، فاستبعد أن تحذو البنوك حذو "المالية" وتطرح صكوكًا فى أسواق الدين العالمية.
وتعتزم "المالية" إصدار صكوك سيادية أخرى؛ إذ يأتى هذا الطرح الأخير كجزء من برنامج دولى لإصدار صكوك سيادية مدته ثلاث سنوات، بقيمة 5 مليارات دولار.
ومن المقرر توجيه حصيلة هذا البرنامج إلى تمويل مشروعات الاستثمار والتنمية المدرجة فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، كما تهدف هذه الخطوة إلى تنويع مصادر التمويل.
وبسؤاله عن المسارات التى يمكن انتهاجها خلال الفترة المقبلة من أجل تعزيز الموارد الدولارية، لفت «جنينة» إلى أن بيع الأصول الذى تمضى فيه الدولة حاليًا يمكن أن يسهم فى جلب المزيد من العملة الصعبة وبوقت عاجل، وكذلك تعظيم إيرادات الدولة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، إنه سيتم طرح 32 شركة للبورصة أو مستثمر إستراتيجي، أو كليهما معًا، خلال هذا العام، من الربع الأول حتى الربع الأول للعام المقبل، وهى فى 18 قطاعًا.
وأكد «مدبولي» أن الشركات التى تم إعلانها إما ستُطرح طرحًا عامًّا أو لمستثمر إستراتيجي، أو جزء طرح عام، وجزء مستثمر إستراتيجي، موضحا أن الهدف هو تعظيم الاستفادة من هذه الشركات وتوسيع مشاركة المصريين فى الملكية العامة.
وأوضح «جنينة» أن البنوك تحصل على الدولار إما من خلال ودائع العملاء بالعملة الأجنبية أو من خلال الأصول الأجنبية.
استثمارات طويلة الأجل
فى السياق ذاته، رأى محمد عبد المنعم الخبير المصرفي، أن طرح الصكوك يكون على أصول، وعادة ما تكون طويلة الأجل، ومن ثم استبعد أن تلجأ البنوك إلى هذه الخطوة.
وأضاف أن دور البنوك هو مساعدة وزارة المالية فى الترويج لهذه الصكوك وطرحها.
وفى الطرح الأخير، على سبيل المثال، عملت بنوك "إتش إس بى سي"، و"سيتى جروب" و"كريدى أجريكول" و"الإمارات دبى الوطنى كابيتال" و"أبو ظبى الأول" و"مصرف أبو ظبى الإسلامي" كمديرين رئيسيين مشتركين، وكمديرى اكتتاب مشتركين.
وإذا كانت البنوك، حسب «عبد المنعم» لا تعتزم إصدار صكوك، فإن "المالية" سبق أن أعلنت عن مخطط لطرح أول إصداراتها من سندات "الباندا" المقومة باليوان الصينى بقيمة 500 مليون دولار فى الصين فى الربع الأول من 2023 كما تدرس أيضًا إصدار 500 مليون دولار من سندات التنمية المستدامة قبل نهاية العام المالى الحالى.
وأشار "عبد المنعم" إلى أنه إذا كان الهدف من إصدار البنوك للصكوك هو الحصول على الدولار، فثمة أدوات أخرى يمكن الحصول عليها من خلالها مثل طرح أوعية ادخارية للعاملين بالخارج.
أما عن طرح السندات الدولارية، فيرى أن الأمر سيظل مرهونا بالعائد على هذه السندات، وكذلك قدرة البنوك على تسويقها.
واستخدمت "المالية" عائدات إصدار الصكوك فى سداد سندات دولية قيمتها 1.25 مليار دولار، وبلغ العائد على تلك السندات %5.577 فى حين بلغ معدل الفائدة على الصكوك الأخيرة %10.875.
الدين الخارجي
وانخفض الدين الخارجى لمصر بقيمة 720 مليون دولار ليسجل 154.98 مليار بنهاية سبتمبر 2022 مقارنة مع 155.7 مليار بنهاية يونيو بحسب بيانات صندوق النقد الدولى.
وسبق أن توقع صندوق النقد الدولى تراجع الدين العام كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي، ليسجل %88.3 فى عام 2022 /2023، و%85.5 عام 2023/2024، و%83.5 عام 2024/2025، و%81 عام 2025/2026، و%77.9 فى 2026/2027.
وتوقع تراجع الدين الخارجى كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى ليسجل %39.6 خلال عام 2022 /2023 و%35.8 فى 2023/2024 و33.2% فى 2024/2025 و%30.9 لعام 2025/2026 و%28 فى 2026/2027.
وأكد البنك الدولى فى وقت سابق أن مصر كغيرها من الأسواق الناشئة تواجه تداعيات سلبية شديدة أدت إلى تفاقم الضغوط على حسابات المعاملات الخارجية، ومعدلات التضخم، والدين الخارجى لكن الحكومة مازالت تمضى قدمًا نحو ضبط الأوضاع المالية، وأن القطاع القطاع الخاص مازال صامدًا أمام تلك التحديات.
محمد علوانى
