مطورون عقاريون فى رحلة بحث مستمر عن آليات تمويل مناسبة خلال 2023

تشهد السوق العقارية فى الآونة الأخيرة توجه المطورين لدراسة كافة آليات التمويل المتاحة، بهدف تعزيز ملاءتهم المالية، وتعزيز قدرتهم على استكمال مشروعاتهم القائمة

Ad

تشهد السوق العقارية فى الآونة الأخيرة توجه المطورين لدراسة كافة آليات التمويل المتاحة، بهدف تعزيز ملاءتهم المالية، وتعزيز قدرتهم على استكمال مشروعاتهم القائمة، والتى تأثرت جراء الارتفاع الرهيب فى التكاليف، وصعود مستويات الفائدة، وتراجع قيمة العملة المحلية، بجانب تأثر الاقتصاد المصرى بتوابع الحرب الروسية الأوكرانية، وكلها تحديات أدت لغربلة القطاع العقاري، وعملت على إعادة هيكلة خطط كيانات التطوير، لاسيما الخطة التمويلية.

ففى ظل ارتفاع التكاليف التمويلية سواء كانت البنكية وغير المصرفية، تسعى شركات التطوير العقارى لبحث بدائل تمويل أخرى تكون أقل كلفة، وتتسم بنسب مخاطرة معتدلة، بجانب السرعة فى الوصول إليها.

“المال” تحدثت إلى استشارى ومحللى ومطورى القطاع العقارى بالسوق المصرية لبحث آليات تمويلية تناسب الوضع الحالى للمطورين، وتساعد على المضى قدمًا فى تنفيذ مشروعاتهم، إضافة إلى المحاولة لخفض التكاليف بكافة أنواعها، بجانب مقارنة عناصر التكلفة والمخاطرة بين الآليات المختلفة.

واتفق جميعهم على أن جميع الآليات التمويلية المتاحة سواء كانت المصرفية مثل القروض البنكية، أو غير المصرفية مثل إصدار سندات توريق أو التخصيم، مكلفة بشكل كبير، إذ تمثل حوالى %25 من تكلفة المشروع، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على العاملين بالقطاع.

وانقسمت آراء المحللين فريقين بشأن الأساليب المتاحة، الأول يرى أنه لا مفر من تحمل التكاليف التمويلية للآليات المصرفية وغير المصرفية بارتفاعاتها المبالغ فيها، وعلى المطور أن ينوع بينهم فقط، بجانب الاعتماد بشكل أكبر على التدفقات النقدية من العملاء، والآخر يرجح الاستعانة بوسائل أخرى على غرار صناديق الاستثمار العقارى أو الدخول فى شراكات.

حسين: كلها مكلفة سواء المصرفية أو غيرها والحل المؤقت فى زيادة مقدمات حجز العملاء

قال أحمد حسين، العضو المنتدب لشركة بروج مصر للتطوير العقاري، إن جميع الشركات العاملة بالقطاع العقارى تعكف حاليًّا على دراسة البدائل التمويلية المتاحة، لاستكمال ما بدأته من مشروعات وتدشين أخرى جديدة.

وأوضح “حسين” أن جميع الوسائل التمويلية المتاحة حاليًّا أمام قطاع التطوير العقارى مكلفة، فلا يوجد هناك آلية تتميز بتراجع كلفتها، سواء كانت آليات مصرفية أو غير مصرفية.

وتابع أنه لا يوجد أى مشروع يستوعب تلك التكلفة التمويلية المرتفعة والتى قد تصل لنحو %25 من التكلفة الإجمالية للمشروع.

وأفاد حسين أن الحل الوحيد لمواجهة الارتفاع المبالغ فيه فى الآليات التمويلية المختلفة، هى زيادة المقدمات المدفوعة من قبل العملاء، لافتًا إلى أن ذلك ليس حلا جذريًّا ولكنه سيساعد المطور فى زيادة الكاش الخاص به.

وأشار العضو المنتدب لشركة بروج مصر للتطوير العقاري، إلى أن الطلب على العقارات التابعة للشركات ذات السمعة الطيبة، ونسب تنفيذ وتسلميات مرتفعة، مازال كبيرًا، فمعظم الشركات ذات الصيت الواسع والملاءة المالية الجيدة تحتفظ بعملائها، وبمعدلات نمو طلب مرتفعة على وحداتها.

وباتت جميع الآليات التمويلية متساوية من حيث التكلفة، إذ إن جميعها تكلف المطور بشكل كبير، ولكنى أفضل الآليات التمويلية المصرفية ، لما تتسم به من الانضباط، وتوثيق العقود.

الشربيني: صناديق الاستثمار والمبادرات المتخصصة خطوة هامة بجانب دور مشارك للمقاولين

وعلى صعيد متصل، أوضح باسم الشربني، الرئيس التنفيذى لشركة إتقان للاستشارات الاقتصادية، أنه يلزم على المطورين العقاريين البحث عن خيارات تمويلية تناسب طبيعة المشروعات العقارية.

وتابع، أن المطور العقارى فى السوق المصرية يتحمل عبء التمويل للمشروع الخاص به، بجانب أعباء تمويل العملاء، فيلعب دور البنوك والمؤسسات التمويلية الأخرى.

ولفت إلى أن العام الجارى سيشهد عزوفًا من قبل عدد لا بأس به من المطورين على القروض البنكية، نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة، والسياسة النقدية التقشفية المتبعة لكبح جماح التضخم.

وتابع الشربيني: كنتيجة لاشتراطات البنك المركزى على السوق العقارية، يضطر المطور إلى البحث عن حلول تمويلية بديلة على المستوى التنفيذي.

وأشار باسم الشربينى إلى أن أحد الوسائل البديلة قد تكمن فى صناديق الاستثمار العقاري، والمبادارات التمويلية المختلفةـ التى من شأنها أن تدعم نمو السوق العقارية، وتخفيف حدة الأزمات.

ويقترح أن تقوم شركات المقاولات بتمويل تكاليف الإنشاء والعملية التنفيذية، ومن الناحية الأخرى، تقوم شركات التطوير العقارى بتمويل الأفراد والمستهلكين، لدفع عجلة النمو بالسوق، وانتشال القطاع من حالة الركود.

ومن جانبه، قال محمود جاد، المحلل المالى بقطاع العقارات فى شركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية، إن هناك ثلاثة طرق للتمويل، وهي: الاقتراض من البنوك، والتمويل من خلال زيادة رأس المال والاعتماد على حقوق المساهمين، ولكنها تكون أيسر على الشركات المقيدة، بالإضافة إلى إصدار سندات توريق وعمليات التخصيم، أو الاعتماد على تحصيلات العملاء.

وتابع جاد: لكن الأزمة فى الاعتماد الذاتى على التدفقات النقدية للمشروع هى أن الشركات تتيح فترات سداد طويلة، لتحقيق نسب مبيعات أعلى وتيسير عملية السداد على العملاء، أما بالنسبة للتوريق أو القروض البنكية يتمثل فى الارتفاعات المتتالية فى أسعار الفائدة، والتى تجعل معدلات التكلفة التمويلية للمشروع فى تزايد مستمر.

ويرى جاد أن المطورين العقاريين سيجمعون بين جميع الأدوات التمويلية من خلال الموازنة بينهم، لتوزيع المخاطر والتكلفة المالية.

وأشار إلى أن أحد أهم الحلول غير التقليدية بالنسبة للسوق المصرية، تكمن فى التوسع فى إنشاء صناديق استثمار عقارية، على غرار صندوق استثمار مصر العقارى 1، الذى أطلقه بنك مصر بالشراكة مع كلٍ من بنك القاهرة، وشركتى مصر القابضة للتأمين، وأليانز للتأمين، بهدف الاستثمار فى الأصول التجارية ذات العائد الدوري، مما يتيح آلية للراغبين فى الاستثمار العقاري، وتحقيق عوائد جيدة، وتوزيع المخاطر على عدة عقارات مملوكة للصندوق.

وأفاد أن صناديق الاستثمار العقارى أداة مفيدة لجميع الأطراف، فتتميز بتنوع استثماراتها، وفى حالة إذا كان الصندوق مدرج بالبورصة، فيتيح للمستثمرين التخارج منها فى أى وقت، أى سهولة التخارج وتسييل الأموال، بجانب منح توزيعات دورية بناء على التدفقات النقدية للصندوق.

وبما أن جميع الوسائل التمويلية مكلفة، ولا يوجد آلية تتميز عن الأخرى من ناحية ارتفاع التكاليف، فالاختيار هنا سيكون وفقًا لمعدلات المخاطر، أى أن المطور سيلجأ للطرق التمويلية الأقل مخاطرة بدلاً من غيرها.

وعلق جاد قائلاً: القروض المصرفية تتسم بارتفاع نسبة المخاطر بها، خاصة فى حالة حدوث تباطؤ فى الأسواق، وضعف حركة المبيعات، فيضطر المطور العقارى لزيادة فترات السداد لدعم نمو حركة السوق، وهو ما يفرض عليه عبء آخر فى الالتزام بمواعيد سداد القروض البنكية”.

وتابع، أما الوسائل الأخرى فتتميز بأنها الأقل مخاطرة فى حالة حدوق تقلبات كبيرة بالقطاع سواء كان من حيث الأسعار، أو معدلات النمو، أو القدرة الشرائية للأفراد.

ويتوقع جاد حدوث تباطؤ بحركة مبيعات القطاع العقارى فى السوق المصرية خلال العام الجاري، نتيجة لضعف القوة الشرائية، والسياسة النقدية التشددية المتبعة، بجانب ارتفاع مستويات التضخم، علاوة على توقعات المؤسسات الدولية بتراجع معدل النمو الاقتصادى فى 2023.

وذكر أن المخرج الرئيسى والداعم الأساسى للنجاة من هذا المأزق، يتمثل فى نقطتين وهما، الاعتماد على المبيعات من قبل المصريين بالخارج، بالإضافة إلى ازدهار السياحة، والتى ستعمل على تحفيز الطلب على المشروعات العقارية السياحية.

وأوضح جاد أن جذب أكبر عدد من المصريين العاملين بالخارج لشراء الوحدات العقارية، سيدعم حركة المبيعات بالقطاع، نظرًا لارتفاع القوة الشرائية لديهم فى الوقت الحالي.

كما أن عنصر الانتعاش السياحى على مدار العام الجاري، سيساعد الشركات على تحقيق معدلات بيعية جيدة، خاصة تلك التى لديها مشروعات فندقية سياحية.

وعلى صعيد متصل، أوضح كامل إبراهيم، رئيس مجلس إدارة شركة إنفيرجن لاستشارات التطوير، أن الأساس فى تحديد الخيارات التمويلية أمام المطور العقارى هو وضع دراسة جدوى وخطة عمل بمعطيات دقيقة لتحديد حجم الفجوة التمويلية على مستوى المشروع.

وتابع: يجب دراسة المشروع من نواحى عدة، على سبيل المثال لا الحصر تحديد سعر شراء الأرض، ونظام سدادها، وتكاليف البناء، ومدة تنفيذ المشروع، وتكاليف دراسات الجدوى والاستشاريين والتسويق وعمولات البيع المباشر وغير المباشر.

وأضاف كامل أن من أهم الفرص المتاحة لتخفيف العبء على المطورين هو نظام طرح الأراضى بنظام الشراكة، سواء كانت بحصص نقدية أو عينية، لافتًا إلى أنه يعمل على تخفيف التدفقات النقدية الخارجة من المطور، ما يقلل بدوره من الفجوة التمويلية المطلوبة.

وأشار كامل إلى أنه فى نظام الشراكة فيجب تحديد بنودها ونسبتها وطريقة احتسابها وتعريفها بصورة دقيقة، ويكون وقتها المطور ملتزم أمام الهيئة بتحقيق بنود الشراكة، وإنجاز تنفيذ المشروع، والمستهدفات البيعية لتحقيق التزاماته التعاقدية، سواء كانت حصص عينية أو نقدية.

كما أن هناك التمويل عبر الاقتراض من البنوك المصرفية، ومن هنا تأتى أهمية دراسات الجدوى أنها يتم تدقيقها من قبل البنوك لتأكيد الوضع المالى للمشروع المراد تمويله، واتخاذ ما إذا كان المشروع محل الدراسة يصلح للتمويل أم لا من وجهة نظر البنك.

ولفت إلى أن الإشكالية حاليًّا فى الاقتراض من البنوك تتمثل فى الارتفاعات المتتالية لأسعار الفائدة، والسياسة النقدية التقشفية.

وتابع، بالإضافة إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى حالة الشركات متعددة الجنسيات، وخاصة بعد تصحيح سعر الصرف، إذ بات هناك قابلية لدخول رؤوس الأموال الأجنبية لمصر للاستفادة من تراجع قيمة العملة المحلية.

وذكر كما أن هناك إحدى الخيارات التمويلية الأخرى المتاحة وهى الاندماجات والاستحواذات لضخ رأس مال فى التدفقات النقدية للمشروع.

وأكد رئيس مجلس إدارة شركة إنفيرجن لاستشارات التطوير أنه على عكس المتوقع، فإن هناك إقبالًا على الشراء من قبل الأفراد والمستثمرين نتيجة لعدة أسباب، منها عدم تطبيق الزيادة السعرية بشكل كامل من قبل المطورين لحين استقرار سعر الصرف، وتفعيل خطط العمل السنوية بشكل كامل.

وتابع أن الثقافة السائدة فى إدخار الأموال فى المنتج العقارى بشكل عام للحفاظ على قيمة النقود كانت داعمًا رئيسيًّا فى تحفيز المبيعات العقارية فى ظل الظروف الراهنة.

واتفقت عبير عصام، رئيس مجلس إدارة شركة عمار للتطوير العقاري، مع رئيس مجلس إدارة شركة إنفيرجن لاستشارات التطوير، فى فكرة الدخول فى شراكات للتخفيف من التكاليف التمويلية المرتفعة فى الفترة الراهنة.

وأوضحت عصام أن فكرة قيام شراكات بين شركات التطوير العقارى وبعضها، أو مع الحكومة، ستكون بمثابة المحفز لاستكمال وتيرة تنمية القطاع العقارى خلال العام الجاري.

وتابعت أنه نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة، ومعاناة بعض كيانات التطوير من ضعف الملاءة المالية، بجانب ارتفاع أسعار مدخلات البناء، سيتعين على المطورين بحث اتفاقيات تعاون مع شركات أخرى لتوفير السيولة المالية، والتحول عن القروض البنكية.

وأشارت إلى أن عملية الدخول فى شراكات تتميز بانخفاض عنصر التكلفة، وكذلك انعدام المخاطرة فيها بشكل تام، علاوة على سرعة إبرامها وعقدها، ما يعجل من وتيرة تنفيذ المشروعات.

وقال جون سعد، خبير الاستثمار العقارية، إن الشركات عليها الحرص على وضع حلول مبتكرة لمواجهة تحدى زيادة الأسعار، عبر عدة آليات منها ابرام اتفاقات مسبقة لتثبيت أسعار مواد البناء الى النسبة التى يضمن منها الربحية لجميع الأطراف.

ورجح أن تتجه أسعار العقارات للزيادة فى العام الجارى نسب تتراوح بين %25 و %30 نتيجة التداعيات والإجراءات الأخيرة للبنك المركزى من خفض قيمة الجنيه، ورفع سعر الفائدة .

وشدد على ضرورة تقديم منتجات عقارية خارج الصندوق وبطرق غير تقليدية وأدوات استثمارية تجعل العقار بالنسبة للعميل منتجًا ماليًّا استثماريًّا، بالتالى يحقق إقبالًا ويدفع العميل لاستثمار أمواله فى العقار، ويرى أن عائده يساوى عوائد الشهادات وأكثر، على أن يتم العمل على المحاور الثلاثة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بحد أقصى ومن ثم تقييم النتيجة.