قانون النقل النهرى الجديد يواجه أزمة نقص «العنصر البشرى»

شهد قطاع النقل النهرى مؤخرًا مساعِ جديدة حول الآليات التنفيذية لبدء تطبيق قانون تنظيم النقل النهرى الجديد رقم 167 لسنة 2022، ونقل كافة الصلاحيات الخاصة

Ad

شهد قطاع النقل النهرى مؤخرًا مساعِ جديدة حول الآليات التنفيذية لبدء تطبيق قانون تنظيم النقل النهرى الجديد رقم 167 لسنة 2022، ونقل كافة الصلاحيات الخاصة بالمحافظات إلى الهيئة العامة للنقل النهرى التابعة لوزارة النقل.

وفقًا لنصوص القانون الجديد، سيتم نقل تبعية إدارات الملاحة الداخلية بالمحافظات لهيئة النقل النهرى، تختص بإصدار التراخيص الملاحية للوحدات النهرية غير الآلية والعائمات وأطقم العاملين عليها وخطوط إلتزام المعديات، ونقل العاملون بتلك الإدارات إلى الهيئة.

وتباينت آراء خبراء النقل النهرى حول آلية التنفيذ، فى البداية أكد الدكتور مصطفى صابر، خبير النقل النهرى ورئيس وحدة النقل النهرى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، أن قرار تنظيم النقل النهرى الجديد بالمحافظات سيعمل على تقليل التضارب والتعارض بين وزارة الرى وهيئة النقل النهرى، آملاً أن تسيطر الهيئة على كافة إدارات الملاحة الداخلية.

وتساءل «صابر» عن إمكانية هيكل الهيئة الوظيفى بالقيام بكافة العمليات الإشرافية أو الرقابية على مستوى المحافظات من عدمه، خاصة أن هناك 15 محافظة تقع على مجرى نهر النيل وتحوى ما يقرب من 10 آلاف معدية، مشيرًا إلى أن هناك كفاءات وقدرات بشرية بالهيئة قادرة على استيعاب أعمال كافة النقاط النهرية على مستوى الجمهورية للقيام بالدور الإشرافى والرقابى على أكمل وجه.

ولفت رئيس وحدة النقل النهرى بالأكاديمية العربية إلى معاناة العاملين بمجال النقل النهرى «المعديات» فى استخراج التراخيص وتعطيل الإجراءات، موضحًا أن حال نقل تبعيتها للهيئة فلابد أن يكون هناك آلية جديدة لإنهاء مطالبهم الإدارية دون تعطيل، فى حين أن الهيئة ستحصل على رسوم إضافية من العاملين بالمجال، وبالتالى لابد أن يكون هناك مقابل فى تقديم الخدمات إليهم.

وأشار «صابر» إلى أن القانون الجديد، ومنها تعامل العاملين بالمجال بشكل مباشر ورئيسى مع هيئة النقل النهرى لاستخراج تراخيص المراكب وتراخيص المراسى دون التطرق لوزارة الرى التى كانت تستخرج تراخيص المراسى وفرض اشتراطاتها على كافة الوحدات النهرية وتوقفها لاستخراج تراخيص المراسى، ومن ثَم سيكون للهيئة كامل السيطرة على المجرى الملاحى وفق القانون الجديد.

واتفقت وزارتا النقل، والتنمية المحلية، بدء إجراءات التسليم والتسلم بين المحافظات وهيئة النقل النهرى خلال شهر يناير الجارى، ونقل الملفات والرخص الموجودة فى المحافظات إلى الهيئة، والاستفادة من خبرات الموظفين والكوادر العاملة فى إدارات الملاحة النهرية، إلى جانب اختيار أعداد منهم للعمل فى مقر الهيئة، كما تم الاتفاق على استمرار المحافظات فى إصدار الرخص المؤقتة حتى نهاية فبراير مع بدء عمل الهيئة رسميا فى شهر مارس المقبل.

من جانبه، أشار مجدى غالى، رئيس شركة نايل تاكسى، إلى ميزات القانون الجديد، والذى وصفه بـ«الجيد» والذى أتاح للهيئة التحكم فى المجرى الملاحى بشكل كامل، وتوحيد شباك الخدمات للعاملين بالمجال فى إطار ترخيص الوحدات النهرية، وتراخيص المراسى المتوقفة من قبل وزارة الرى، موضحًا أن هناك اجتماعًا شهريًّا بالهيئة لمتابعة صلاحية كافة التراخيص، وهو الأمر الذى أثنى عليه.

وأوضح «غالى» أن القانون حاليًّا فى مرحلة انتقالية، مطالبًا ألا يستغرق مدة زمنية طويلة لإنهاء التراخيص، وكذلك التجديد لبعض الوحدات النهرية، وذلك فى إطار التضارب الحالى فى المهام بين الإدارات لحين التطبيق الفعلى للقانون، مشيرًا إلى أن اتخاذ قرار مثل ذلك يُعد خطوة كبيرة تُقضى باتخاذ مهلة زمنية طويلة لإتمام آلية تنفيذه بشكل كامل.

وأكد «غالى» تضرره بشكل آخر من تبعيات القرار، وذلك من خلال تصنيفه كشركة «تاكسى نهرى» ضمن النزهات الخاصة واليخوت، وهى الفئة الثانية بالقانون بعد الفئة الأولى السياحية، والتى تقضى بدفع رسوم التراخيص عشرة أضعاف رسوم نقل الركاب والنزهة العامة والمتواجدة بالفئة الثالثة من القانون الجديد.

ولفت «غالى» إلى أن خروج تاكسى النيل من منظومة نقل الركاب ومساواته باليخوت والنزهة الخاصة، ويتطلب دفع رسوم مرتفعة، فى حين أن شركة «نايل تاكسى» هى الوحيدة التى تعمل بمنظومة نقل الركاب.

وانتقد غالى رئيس شركة نايل تاكسى، مرور القانون بالبرلمان دون إجراء حوار مجتمعى، متابعًا أن القرار سيكون له تداعيات سلبية كبيرة، خاصة – شركته – وقد يضطر للتوقف بسبب المبالغ والرسوم المرتفعة.

وفى المقابل رأى الدكتور عبد العظيم محمد، رئيس هيئة النقل النهرى السابق، أن القرار يشكل عبئًا كبيرًا على الهيئة، مرجعًا ذلك إلى مسئولية الهيئة مُسبقًا والتى كانت غير قادرة على استكمال كافة مهامها، موضحًا أن الأعباء الإضافية تتطلب صف مهندسين جُدد وموظفين موارد بشرية لقيام المختصين بالرقابة النهرية.

وأضاف «عبد العظيم» أن المتواجدين حاليا من الموارد البشرية بإدارة الرقابة النهرية المنوط بهم التفتيش على المراكب النيلية والأفرع الرئيسية «دمياط والمسار الملاحى بخط الإسكندرية – القاهرة» لم يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، موضحًا كان من المفترض أن تقسم الإدارات لقطاعات على غرار «شمال الدلتا، وجه قبلى، وإدارة وسط الدلتا»، وتكون بها موارد بشرية كافية لتغطية المهام الجديدة.

ولفت «عبد العظيم» إلى أن القرار كان قد تم عرضه مُسبقًا بالبرلمان بالتزامن مع تولى رئاسته للهيئة، ولكن كان رأية بأن الهيئة غير قادرة على استكمال المهام المُضافة إليها فى ظل عدم تواجد صف للموارد البشرية مؤهل للتعامل على كافة المحافظات.

واقترح رئيس هيئة النقل النهرى السابق، أن يتم تغيير هيئة النقل النهرى واستبدالها بـ«هيئة الملاحة النهرية»، لتكن مسئوليتها متابعة المسارات الملاحية وإعداد جاهزيتها للنقل النهرى، ويتم نقلها لوزارة الموارد المائية والرى لفض الإشكالية القائمة فيما بين وزارتى الرى والنقل.

وتابع: وزارة الرى عادة تقوم بخفض مناسيب مياه نهر النيل، وبالتالى إحداث شحوط للمراكب، مشيرًا إلى أن حال تبعيتها لوزارة النقل سيكون هناك علم وتنسيق أكبر بين الهيئة والوزارة.

ولفت «عبد العظيم» إلى أن البدء بمشروع الربط الملاحى وتواجده بمساره الصحيح وتوفير الاهتمام من قبل الهيئات التى ستتكفل ماديًّا بالدراسات المقرر أن تتم للمشروع، سنقابل أزمة عدم وجود صف موارد بشرية قادر على العمل بذلك المشروع.

وقال رئيس هيئة النقل النهرى السابق إنه فى الواقع الفعلى يُطلق على الهيئة «هيئة النقل النهرى» فى حين أنها لا تمت بصلة للنقل بأى شكل من الأشكال، مطالبًا بالنظر فى احتياجات الهيئة، ورفع كفاءة الموارد البشرية، ومحاكاة أعمال التكريك والمراقبة بالوحدات النهرية خارج مصر، وخاصة ألمانيا، ورفع كفاءة المرفق المائى داخليًّا.

جدير بالذكر، أن الفريق مهندس كامل الوزير، وزير النقل، اجتمع مؤخرًا مع اللواء هشام آمنة وزير التنمية المحلية، بحضور عدد من قيادات الوزارتين لبحث آلية تنفيذ القرار الجديد، خلال الفترة الماضية، للمساهمة فى حماية المواطنين، وتحديد جهة واحدة للتراخيص لتسهيل الرقابة على المنظومة بالكامل، ورفع كفاءة مرفق النقل المائى بالمياه الداخلية وتطويره.