لقى إعلان الحكومة عن طرح شركتى بورسعيد، ودمياط لتداول الحاويات فى البورصة، صدى قويا بين العاملين فى قطاع النقل، لاسيما وأن المنافسة فى الخدمات فى الفترة المقبلة ستكون شرسة، خاصة فى آليات التسعير، وفى ظل قدرة الشركتين على زيادة استثماراتها ومواكبة التكنولوجيا والبقاء أمام سيطرة الخطوط الملاحية على محطات منافسة فى نفس النشاط.
واستطاعت الخطوط الملاحية الكبرى خلال الفترة الماضية، اقتناص إدارة وتشغيل عدد من المحطات البحرية فى موانئ«الإسكندرية، ودمياط، والسخنة» التى شيدتها وزارة النقل فى الفترة الماضية.
ووفقا لخطة وزارة النقل فإن محطة بورسعيد لتداول الحاويات تحتاج إلى استثمارات تصل إلى 3 مليارات جنيه لتنفيذ أعمال تطوير ورفع كفاءة الرصيف الحالى، إلى جانب ضم رصيف البترول بطول 450 مترا لنظيره التابع للشركة الحالى البالغ طوله 950 مترا، فضلًا عن تطوير الأوناش والمعدات، وإجراء تحديث كامل لمنظومة التخزين بالمحطة.
وتراجعت إيرادات نشاط الحاويات لشركة بورسعيد (المجال الرئيسى) خلال العام المالى 2020 - 2021 لتسجل 1.14 مليار جنيه، مقابل 1.183 مليار للعام المالى السابق له، وانخفض صافى الربح إلى 475 مليونا، مقابل 638 مليونا فى فترتى المقارنة، نتيجة عدم القدرة على استيعاب أرصفة المحطة للسفن الكبرى.
وقال اللواء أشرف أبو المحاسن مسئول العلاقات الحكومية السابق بشركة «هاتشيسون بورت» إن شركات النقل البحرى المتداولة فى البورصة معدودة، بالرغم من نجاح تجارب الدخول لسوق المال، على سبيل المثال إسكندرية لتداول الحاويات والبضائع العامة، ومجموعة «إيجيترانس».
وأوضح أن السماح بتداول شركات جديدة عاملة فى نشاط تداول الحاويات فى البورصة المصرية، من شأنه زيادة استثمارات القطاع بشكل عام،لاسيما وأنه تحول لمجال واعد خلال السنوات الأخيرة.
وأكد « أبو المحاسن » أن الخطوة رغم أهميتها إلا أنها تأخرت لسنوات، خاصة وأن هذه الكيانات تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات الجديدة حتى تتواكب مع التكنولوجيا الحديثة فى نشاط الشحن والتفريغ ، واستمرار أعمال التدعيم للأرصفة والتوسعات الأفقية بالموانئ، وإمكانية إضافة آليات جديدة للتسويق.
وتوقع أن يعمل الطرح فى البورصة على رفع معدل الاستثمار بنسبة 25 – %30 فى نشاط الحاويات، بعدبورسعيد ودمياط لتداول الحاويات.
وأوضح « أبو المحاسن » أن قطاع اللوجستيات سيكون من المجالات الداعمة للناتج المحلى الإجمالى واستثمارات البنية التحتية فى الفترة المقبلة خاصة وأن إدارة الصادرات والواردات يعد نشاطا أصيلا للحكومة، ودخول القطاع الخاص يعطيه إمكانية التوسع والمنافسة مع المحطات الأجنبية بالسوق.
جاب الله: لابد من الحفاظ على الأداء ومواكبة تكنولوجيا الشحن والتفريغ
من جانبه، قال اللواء محمد عبدالقادر جاب الله رئيس مجلس إدارة شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع العامة إن الشركات تشهد منافسة طبيعية مع المحطات الأجنبية، وبالتالى تحتاج إلى تطوير مستمر، وهذا لن يتم بدون استثمارات ضخمة.
وتابع: «من آليات التمويل الرئيسية؛ الطرح فى البورصة على أكبر عدد ممكن من المستثمرين، أو دخول مستثمر رئيسى كشريك بتلك المحطات، وهذا حدث فى صفقات ناجحة بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات».
وأشار « عبد القادر» إلى أن خروج محطات الحاويات من الملكية الكاملة الحكومية إلى دخول أكثر من شريك، سيعمل على تغيير طبيعة عملها خلال الفترة المقبلة، مع النظر إلى آليات جديدة يمكن من خلالها زيادة الطاقة التشغيلية بالموانئ لاستغلال الطاقة الاستيعابية والتى زادت خلال الفترة الأخيرة، مع السماح بدخول خطوط ملاحية أصبحت قائمة على إدارة محطات بذاتها.
وأكد أن دخول خطوط ملاحية لإدارة محطات الحاويات بالموانئ المصرية سيزيد من المنافسة بين اللاعبين فى القطاع، ومن ثم يتعين على الشركات الحكومية أن تسير على نفس نهج وآليات المنافسة المطبقة من تلك الخطوط للحفاظ على معدلات أدائها السنوية، والتوسع للعمل على الخطوط الصغيرة التى أصبحت تستحوذ على نسبة كبيرة من السوق الملاحية العالمية.
وقال محمد إبراهيم الباحث فى النقل الدولى، إن التجارب أثبتت أن دخول شركات أجنبية فى نشاط الحاويات مفيد وليس بالضرورة أن يكون ضارا كما يردد البعض، فعلى سبيل المثال، تحسنت الخدمة فى نشاط الحاويات بالشركات الحكومية بعد دخول شركات أجنبية السخنة وشرق بورسعيد والإسكندرية، وبالتالى فإن دخول مستثمرين يمنحها فرصة للمنافسة الجادة من حيث التسعير.
وتابع إن الشركات المطروحة ليست رابحة فعليا، إذ أن معظمها محتكرة للخدمة لسنوات طويلة خاصة فى الوقت الذى لم تكن هناك منافسة معها، وعندما دخلت المنافسة من خلال شركات سواء قطاع خاص أو أجنبى تراجعت إيراداتها بصورة كبيرة، وبالتالى أصبحت تحتاج إلى دماء جديدة على حد وصفه .
ويكمل: «هذه الكيانات كانت رابحة بفعل فاعل وليس نتيجة جودة خدماتها وجهودها التسويقية ، ثم بعد فترة زمنية معينة فرضت الأحوال دخول منافسين فى مجال الخدمات فعجز العديد منها على تحقيق نفس النتائج».
وقال أحد أعضاء اللجنة النقابية فى إحدى شركات الحاويات الحكومية، فضل عدم ذكر اسمه إن طرح شركات الحاويات فى البورصة المصرية، أو دخول مستثمر إستراتيجى معها سيؤدى إلى نظرة جديدة للعاملين، من حيث عدالة توزيع الأرباح السنوية، حيث ستكون هناك معايير أخرى فى آلية التوزيع، والتى يتم اتباعها فى هذا النشاط عالميا وليس محليا فقط.
وأكد أن تلك الشركات فى حاجة إلى معدات وكوادر تسويقية ويكون هناك تحفظات من قبل الجهات المراقبة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات وهو ما يتوقع أن يختلف خلال الفترة المقبلة.
وقال إيهاب السعيد رئيس مجلس إدارة شركة خدماتى لحلول المدفوعات وعضو مجلس البورصة السابق، إن السوق لا تتحمل أكثر من 6 طروحات عامة للشركات الحكومية فى العام.
يشار إلى أن الدولة أعلنت عن طرح 32 كيانا ما بين بنوك وشركات وأصول موزعة على 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا، ومنها ثلاث شركات تابعة لوزارة النقل «الرباط لأنوار السفن، وبورسعيد، ودمياط لتداول الحاويات والبضائع».
وأوضح «السعيد» أن المستثمر الخارجى يستحوذ على أكثر من نصف الطروحات، بموجب حصوله على نسبة غير حاكمة- أقل من %50 من إجمالى الطروحات وشركتى «بورسعيد ودمياط»، لهما الأولوية لأنهما كانتا رابحتين وواعدتين فى المستقبل.
وشدد على ضرورة توضيح التفرقة بين بيع الأسهم وبيع الملكية، مشيرًا إلى أن القانون ينص على أحقية التملك من خلال الحصة الحاكمة والتى تقدر بـ %51 للجهة المسئولة بالدولة.
وقال إنه من المتوقع - بحسب خبرته فى مجال البورصة- أن تستغرق الطروحات العامة من بين إجمالى الشركات المطروحة مؤخرًا حوالى 18 شهرا .
وأوضح أن الأولوية فى الطرح تتعلق دائمًا بالثقة والتسعير العادل لسعر السهم، بالإضافة إلى مدى الاستعداد لجذب الاستثمارات وتحقيق عوائد كبيرة قبل دخول البورصة.
و أكد أحمد الجندى الشريك المؤسس والعضو المنتدب بشركة «TCV» للاستثمارات المالية، أن وجود بعض الشركات التابعة لوزارة النقل داخل البورصة أو طرحها على مستثمر إستراتيجى يعد بمثابة خطوة مهمة من قبل الدولة، لافتًا إلى أن هذا القطاع غير ممثل بشكل كاف فى سوق التداول رغم قدرته الكبيرة على جذب الفرص.
وأشاد بأداء شركة الإسكندرية لتداول الحاويات، فى الفترة الماضية وقدرتها على جذب رءوس أموال أجنبية فى توقيت يعانى فيه الاقتصاد المصرى من نقص العملات ويحتاج إلى فرص استثمارية للخروج من الأزمة الحالية.
وأوضح «الجندي” أن تداول بعض الشركات يتطلب نقلة نوعية فى تفكير متخذى القرار، لافتا إلى أن إتاحة الفرصة أمام المستثمرين للمشاركة فى شركات قطاع النقل سيعود بالنفع فى المقام الأول على الدولة فى صورة تحسين أداء وجذب استثمارات.
وتابع: «إن هناك كوادر دولية ولاعبين إستراتيجيين فى جميع أنحاء العالم لديهم من الخبرة ما لا يتوافر بالضرورة داخل الإدارات المحلية لملف النقل، مؤكدًا على ضرورة إدراك أهمية ذلك النوع من التعاون لتطوير وتعظيم قيمة الشركات».
وأشار إلى أن الأصل فى تقييم الشريك الأجنبى يرجع إلى ملاءته المالية وخبرته الفنية، موضحًا أنه من الضرورى وجود القدر الكافى من الانفتاح لتقبل امتلاك ذلك المستثمر حصة غير حاكمة من الشركة، بهدف تعظيم الفائدة على الأصل وعلى مجتمع الأعمال فى الدولة بشكل عام.
وأضاف «الجندى» أن تنوع قطاعات وزارة النقل وشركاتها أدت إلى تنوع ظروف كل منها، مشيرا إلى أهمية وضع خطة بالأحوال الاقتصادية والقدرة المالية لكل شركة مع الحفاظ على تقديم خدمة مميزة بسعر يؤهلها للبقاء على أداء جيد لمدة 20 سنة.
وتابع إن المعيار فى جذب الاستثمار هو حجم أعمال الشركة وامتلاكها عائد على حقوق الملكية يساعدها على جذب رءوس أجنبية، مشيرًا إلى أن الأولوية للأصول التى تهدف إلى تعظيم القيمة.
وقال إن أى كيان داخل القطاعات ذات القدرة على جذب الاستثمار وتحقيق الربح يُفضل أن تُنسب ملكيته وإدارته إلى المتخصصين فى القطاع الخاص والمستثمرين الإستراتيجيين، بينما يظهر دور الدولة فى الملفات الخدمية.
وأكد على ضرورة نشر مفهوم الشراكة بالملكية مع شركات القطاع الخاص والمستثمر المصرى والأجنبى فى إطار شروط تسمح له وتعظيم الفائدة وإدارة الأصل بما يتناسب مع أفضل النظم العالمية.
وأضاف أن بنوك الاستثمار هى المتحكمة فى تحديد القواعد والشروط اللازمة لطرح كل شركة حسب ظروفها المالية، مع توقيت أنسب لعرضها، من خلال تحليل قدرتها على جذب الأموال مع التحكم فى اختيار نوع الطرح الأنسب سواء بحصة أقلية أو أغلبية.
وقال «الجندى» إن الشركة التى تمتلك نموذج عمل قوى ونتائج مالية قوية على مدار آخر ثلاث سنوات لها، لا تتأثر بالظروف الاقتصادية المحيطة بها.
فى سياق متصل، لفت ياسر عمارة رئيس مجلس إدارة شركة «إيجل» للاستشارات المالية، إلى أن شركات النقل فى مجملها تأخذ شكل القطاع الخاص، وتحديدًا شركات تداول الحاويات والبضائع منها، لاستهدافها الربح وتعظيم العوائد.
وأشار إلى أن تلك الخصائص التى تمتلكها بعض شركات النقل، لاسيما العاملة فى قطاع اللوجستيات جعلتها تحقق نتائج أعمال جيدة وسهلت فرصة إدراجها بالبورصة أو جذبها لرءوس أموال أجنبية.
وتابع إن ارتباط قطاع النقل بسلاسل التوريد جعله متكاملا وتتميز شركاته بالتنوع المطلوب أمام محفظة السوق الحالية للانتقاء والدخول فى الاستثمار، مشيدًا بأداء شركات النقل وأنها تدار بفكر استثمارى حديث.
وأشاد محمد ماهر، رئيس شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، بدخول الشركات الثلاث التابعة لوزارة النقل فى طروحات البورصة المعلنة فى فبراير الجارى.
وأشار إلى أنه من المؤكد أن طرح تلك الشركات سيتم على فترات، ومن الممكن أن تستغرق كل منها شهرا قبل طرحها، بينما الموجودة بالفعل يتم عرض حصص منها بشكل دائم غير مرتبط بزمن.
وأضاف أن وزارة النقل بدأت إجراءات مع الشركة القابضة التابعة لها من خلال مشروعات متعددة سواء فى الطرق أو فى التنمية العقارية والعمرانية على محطات السكة الحديد.
وأشار إلى أن من الممكن أن يتم إنشاء شركات متخصصة لتطوير ملفات النقل الخدمية وتحويلها إلى هيئات أو مؤسسات هادفة للربح ومؤهلة للاستثمار، لافتًا إلى أن ذلك ينطبق بشكل أكبر على أنشطة السكة الحديد الخاص بنقل البضائع والملحقات الخدمية والفندقية القابلة لتحقيق عوائد.
