أجرت «المال» استطلاع رأى حول أداء الجنيه خلال 2023، شمل 10 خبراء ومحللى بنوك استثمار، أجمعوا على أن أداءه سيشهد حالة من التحسن خلال النصف الثانى من العام الحالي.
وفى الوقت الذى رجح بعض الخبراء أن يلامس الدولار حدود الـ35 أو 36 جنيهًا خلال النصف الأول من العام الحالي، توقع آخرون أن تصل ذروة الدولار إلى 32 جنيهًا فقط.
وذهب بعضهم إلى أن يهبط الدولار إلى مستوى 15 جنيهًا، مشددين على أن هناك مجموعة من العوامل التى ستتضافر معًا من أجل تحسين أداء العملة المحلية، تتمثل فى انضمام مصر إلى مجموعة البريكس، وطروحات بعض الأصول فى البورصة، ناهيك عن العوائد الدولارية المتحصل عليها من السياحة.
وعوّل بعض المحللين على جذب الاستثمارات الأجنبية، وإدراج الجنيه كعملة رسمية فى بعض دول مجموعة البريكس.
السيطرة على أسعار الصرف
توقع هانى جنينة، الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الأمريكية، أن ينخفض الدولار إلى ما دون 30 جنيهًا خلال شهر، مؤكدًا أن السوق السوداء ستختفي، وسوف تتم السيطرة على أسعار الصرف.
وشهد سعر الدولار فى مصر بداية من مطلع 2022 وحتى اليوم سلسلة من التحولات والارتفاعات الدراماتيكية التى جاءت على خلفية الأحداث الاقتصادية المتعاقبة التى أربكت الاقتصادات العالمية، وترتب عليها تعطل فى سلاسل الإمداد، وارتفاع الأسعار.
تعاقدات وإجراءات
ورأت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، أنه فى ظل الظروف الضبابية وحالة عدم اليقين التى تسود المشهد الاقتصادى العالمى سيكون من الصعب جدًا الخروج باستشرافات مستقبلية دقيقة، مستدركة أن هناك مجموعة من العوامل والمعايير الاقتصادية التى يمكن الركون إليها للخروج بنظرية عما سيكون عليه الحال مستقبلًا، لا سيما فيما يتعلق بأداء الجنيه أمام الدولار.
سهر الدماطى: سوق العملة ستهدأ مع نهاية العام
وأضافت أن هناك نسب تضخم مرتفعة فى الوقت الحالي، لكنها أكدت أن وتيرة هذه المعدلات المرتفعة ستهدأ مع الوقت، لاسيما أن هناك مجموعة واسعة من التعاقدات التى تبرمها الدولة المصرية فى الوقت الراهن مثل التعاقد مع الهند لمنحها الغاز مقابل القمح.
وتابعت أن الطروحات التى ستتم فى البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى كون هناك 7 فنادق أخرى مطروحة للاستحواذ، من شأنها تخفيف الضغط على الدولار، ومن ثم تحسين أداء العملة المحلية.
وأكت «الدماطي» أن نهاية 2023 ستشهد استقرارًا فى أسعار الصرف، لافتة إلى أن بنوك الاستثمار والمؤسسات الدولية تتوقع أن يصل سعر الدولار فى مصر ما بين 28 و32 جنيهًا، ثم يستقر عند حدود الـ 26 جنيهًا.
تساوى العرض والطلب
ووافقها محمد بدرة، الخبير المصرفي، الذى أكد أن الدولار سوف يستقر عند 26 أو 27 جنيهًا، ولكن خلال الربع الأخير من العام الحالى، معللا رأيه بالقول إن الطلب على العملة الأجنبية سيتساوى مع العرض، وبالتالى ستهدأ وتيرة المعدلات المرتفعة، علاوة على تحسن أداء العملة المحلية.
«بدرة»: «الأخضر» يستقر عند حدود 26 فى الربع الأخير
وذهب «بدرة» إلى أن العوائد المرتفعة للأوعية الادخارية التى طرحتها البنوك خلال الفترة الأخيرة دفعت بعض مكتنزى الدولار إلى التنازل عنه، مشيرًا إلى أن عمليات الطروحات التى ستتم قريبًا ستوفر قدرًا لا بأس به من المعروض النقدى من العملة الأجنبية، وهو الأمر الذى يصب فى نهاية المطاف فى بوتقة تخفيف الطلب على الدولار، ومن ثم تحسين أداء العملة المحلية.
ولفت إلى أن إدراج الجنيه ضمن العملات الرسمية فى البنك المركزى الروسى خطوة هامة على طريق التخلص من الاعتماد الكلى على الدولار، مشيرًا إلى أن مصر متعاقدة بالفعل مع مجموعة البريكس، ومن ضمن مشتملات هذا التعاقد أن يتم التبادل بين هذه الدول بالعملات المحلية.
وتأسست مجموعة بريكس عام 2006 وكانت تسمى «بريك»، أى الأحرف الأولى من الدول المشكلة لها أى البرازيل وروسيا والهند والصين، وعقدت أول قمة لها عام 2009، ثم انضمت إليها جنوب أفريقيا لتتحول إلى بريكس (BRICS).
وأكد الخبير المصرفى أنه قد تحدث حالة من الذبذبة صعودًا وهبوطًا، وأقصى ارتفاع قد يصل إليه الدولار هو 32.5 جنيه.
إدراج الجنيه كعملة رسمية
من جانبه، توقع أيمن ياسين، الخبير المصرفي، أن مشكلة التذبذب وعدم استقرار أسعار الصرف ستظل قائمة حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي، لافتًا إلى أن البنك المركزى المصرى قرر اعتماد سياسة سعر الصرف المرن، ومن ثم سار الدولار متروكًا لعاملى العرض والطلب.
«ياسين»: الصين تدرس إدراج «المصري» ضمن عملاتها الرسمية
وقرر البنك المركزي، منذ أكتوبر الماضي، تبنى نظام سعر صرف مرن، ليعكس قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب.
وأضاف أن شهادات الـ%25 ورفع الفائدة على أدوات الدين المحلية أسهما فى جذب المزيد من الأموال الساخنة.
وأكد «ياسين» أن سعر الدولار سيشهد حالة من الصعود والهبوط خلال النصف الأول من العام، بناءً على معدلات العرض والطلب، متوقعًا أن يلامس الدولار حدود الـ 35 أو 36 جنيهًا، خلال النصف الأول من العام الحالى.
وأشار إلى أن الدولار سيعاود الانخفاض بقوة، لكن مع بداية النصف الثاني، خاصة أن مصر ستعمل على تعزيز مواردها الدولارية، عبر رفع معدلات السياحة، ومحاولة جذب أكبر قدر من تحويلات المصريين العاملين فى الخارج.
وأكد أن توقيع الاتفاق مع دول البريكس، وإدراج الجنيه كعملة رسمية فى البنك المركزى الروسى كلها أمور ستسهم فى تخفيف الضغط على الدولار، مبينًا أن الصين تدرس إدراج الجنيه ضمن العملات الرسمية لديها.
وأوضح أن هذه الخطوة قد تدخل حيز التنفيذ خلال مايو أو يونيو الحالي، مؤكدًا أن الدولار قد ينخفض إلى حدود 15 أو 16 جنيها خلال النصف الثانى من العام الحالي.
التضخم ومبادرة %11
ورأى «ياسين» أن التضخم فى مصر يعود إلى سببين، أولهما ارتفاع سعر الدولار مقابل الدولار، وما لذلك من انعكاسات على أسعار السلع وخلافه، وثانيًا زيادة التكلفة على المصنعين والمستوردين المحليين.
وأعلن مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزارء، مؤخرًا، إطلاق مبادرة تمويل قطاعى الصناعة والزراعة بفائدة %11.
وتبلغ قيمة التمويلات المقدمة ضمن المبادرة 150 مليار جنيه، منها 140 مليارًا لتمويل عمليات رأس المال العامل، ونحو 10 مليارات لتمويل شراء السلع الرأسمالية، لمدة 5 سنوات تبدأ فور الموافقة عليها من مجلس الوزراء.
وأكد أن مبادرة القطاع الصناعى والزراعى %11 كانت ضرورة ماسة؛ نظرًا لما كان يعاينه التجار والمصنعون بعد إلغاء المبادرة السابقة بعائد %8.
وفى سياق متصل، رأى «ياسين» أنه من المفيد جدًا رفع العائد على أدوات الدين المحلية؛ إذ من شأن هذا جذب المستثمرين الأفراد الأجانب والمؤسسات، ما يعود بالنفع على البلد بشكل عام، لما يوفره ذلك من سيولة دولارية، وضخها فى شرايين الاقتصاد المصري.
الهيكل التمويلى للاقتصاد المصرى
واتفق هانى حافظ، الخبير المصرفي، مع الآراء الذاهبة إلى أن سعر الدولار سيبدأ التراجع خلال النصف الثانى من العام الحالي، وأنه سيشهد حالة من التذبذب الواضح خلال النصف الحالى من العام ذاته.
«حافظ»: حالة من التذبذب الواضح بالنصف الأول
وعلل رأيه بأن الانضمام إلى مجموعة البريكس سيوفر لمصر مصادر تمويل مختلفة، ناهيك عن كون التبادل التجارى بينها وبين الدول المختلفة سيتم بالعملات المحلية لكل من الدول الأعضاء فى مجموعة البريكس، ومن ثم سيكون من شأن هذا تخفيف حدة الطلب على الدولار، وتحسين أداء الجنيه.
وذكر أن هذه التحركات، خاصة الانضمام إلى “البريكس”، يعنى تغيير الهيكل التمويلى للاقتصاد المصري، وهو الأمر الذى سيعمل على تحسن الأمور، فيما يتعلق بأداء العملة المحلية.
وتوقع أن يسجل الدولار حوالى 20 جنيهًا خلال النصف الثانى من العام الحالي، خاصة أنه من المتوقع أن تعود السياسة النقدية إلى تخفيض معدلات الفائدة من جديد.
وتابع أنه من المتوقع أن تحدث حالة من الانخفاض البسيط بنهاية الربع الأول، مؤكدًا أن سعر الدولار لن يتخطى حاجز الـ35 جنيهًا.
الاستيراد ومؤشر الجنيه وسلة العملات
وأوضح أن مصر دولة مستوردة بنسبة %60 وتحاول الآن التنويع من المصادر التى تستورد منها، وبالتالى لن تكون مجبرة على الاستيراد بعملة واحدة.
ولفت إلى العمل بمؤشر الجنيه والاعتماد على سلة من العملات سيؤدى فى نهاية المطاف إلى تخفيف الضغط على الدولار، وبالتالى سيشهد حالة من التعافى خلال الفترة المقبلة.
وكان حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، قال إنه سيتم إنشاء «مؤشر الجنيه»، والذى يتعامل مع بعض العملات وأسعار الذهب.
وأوضح محافظ البنك المركزى فى كلمته بالمؤتمر الاقتصادى أن الهدف من هذا المؤشر ألا يكون سعر الدولار هو عامل القياس الوحيد، وإنما إتاحة رؤية عامة لوضع العملية المحلية بالقياس إلى الكثير من العملات الأخرى.
الميزان التجاري
أما طارق متولى، الخبير المصرفي، فرأى أن الأصل فى حل مشكلة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه هو البحث عن حل جذري، مشددًا على أن ذلك لن يكون إلا عبر جذب الاستثمارات الأجنبية، والاعتماد على الأكفاء المؤهلين للحديث مع المستثمرين بنفس لغتهم.
«متولي»: جذب الاستثمارات والاعتماد على الكفاءات أبرز حلول الأزمة
وأضاف أنه من المهم وضع الأطر والاستراتيجيات اللازمة من أجل حل مشكلة عجز الميزان التجاري.
التبادل التجارى بين مصر وروسيا
وخالف هانى أبو الفتوح، الخبير المصرفي، الجميع فى كون اعتماد الجنيه كعملة رسمية لدى البنك المركزى الروسي، وإدراج الروبل كعملة رسمية فى البنوك الرسمية، متوقعًا أن يكون أثر هذه الخطوة طفيفًا فيما يتعلق بأداء العملة المحلية أمام الدولار.
«أبو الفتوح»: خطوة «المركزى الروسي» ستؤثر بشكل طفيف
وأضاف أن الأمر مرهون فى المقام الأول بحجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا، مشيرا إلى أن الخطوة الأهم تتمثل فى تعزيز حجم الصادرات المصرية إلى الخارج.
وعلى الجهة المقابلة، رأى أن الحصيلة الدولارية من السياحة فى تحسن، ولكنه استبعد أن تحدث قفزات كبيرة، وبالتالى لن يكون أثرها حاسمًا على أداء الجنيه مقابل الدولار.
نقص السيولة
وقال محمد ماهر، الرئيس التنفيذى لشركة برايم لتداول الأوراق المالية، إن هناك عجزا فى السيولة الدولارية حاليا، ومن ثم فمن المتوقع أن تحدث حالة من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن الدولار قد يرتفع بنسبة تتراوح من 5 إلى %10 ليصل من 31.5 جنيه إلى 33 جنيهًا خلال النصف الأول من العام الحالي.
وأشار إلى أن السنة الحالية والتى تليها سيكون فيها نوع من الفجوة بين المعروض والمطلوب من العملة الأجنبية، موضحًا أن تقليل النفقات بالعملة الأجنبية بات مطلبًا ملحًا خلال الفترة الحالية.
ولفت إلى أن طروحات الشركات والأصول المملوكة فى البورصة ستعمل على حل أزمة الدولار الحالية إلى حد ما، وكذلك العوائد والتدفقات المتحصل عليها من السياحة.
وارتفعت ودائع القطاع المصرفى بالعملة المحلية، لتسجل 5.411 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2022، مقارنة بـ 5.344 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر الماضي.
ووفقا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي، سجلت الودائع تحت الطلب بالعملة المحلية نحو 908.395 مليار جنيه بنهاية ديسمبر مقابل 833.941 مليار جنيه بنهاية نوفمبر الماضي.
وارتفعت السيولة المحلية إلى 7.402 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2022، مقابل 7.317 تريليون بنهاية نوفمبر 2022.
التدفقات الأجنبية والاستثمار الأجنبى المباشر
من جانبها، توقعت نعمة الله شكري، رئيس قطاع البحوث فى شركة إتش سى للأوراق المالية والسندات، أن يصل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار إلى حدود الـ 32 جنيهًا بنهاية 2023.
وأضافت أن أداء الجنيه خلال العام الحالى سيكون مرهونًا بالاستثمارات الأجنبية، سواء فى أدوات الدين المحلية أو الاستثمار الأجنبى المباشر، إضافة إلى مصادر النقد الأجنبى المعتادة مثل السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
وأشارت إلى أن سعر الدولار خلال النصف الأول من العام الحالى سيكون أقل منه فى النصف الثاني.
تحرير سعر الصرف
أما أحمد شوقي، الخبير المصرفي، فيرى أن القرارات التى اتخذت خلال العام الماضي، إضافة إلى تحرير سعر الصرف أسهمت فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر.
ورصد البنك المركزى -حسب كتاب دورى بتاريخ 16 يناير الماضي- عمليات دخول مستثمرين أجانب للسوق المصرية مرة أخرى، بمبالغ تخطت الـ 925 مليون دولار.
وأعلن البنك المركزي، فى كتابه الدورى سالف الذكر، زيادة التداول عبر الإنتربنك لتتجاوز 20 صعفا.
وأضاف أن هناك بعض العوامل الأساسية التى ستكون حاسمة فى التأثير على سعر صرف الجنيه أمام الدولار، موضحًا أنها تتمثل فى زيادة حجم الصادرات، والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وأكد أن سعر صرف الجنيه لن يشهد انخفاضًا كبيرًا خلال العام الحالى، مؤكدًا أن ارتفاع الدولار فى المقابل لن يكون إلا بنسب بسيطة، ولن تحدث قفزات كبرى.
وأكد أن الخطوات التى تنتهجها الدولة سواءً على صعيد السياسة المالية أو النقدية ستؤتى ثمارها خلال النصف الثانى من العام الحالى، وسيشهد أداء الجنيه حالة تحسن واضحة.
وأكد أن العمل بالمشتقات المالية وعقود التحوط المستقبلية ستسهم فى تحسين أداء الجنيه، واستقرار أسعار الصرف، لكنه استبعد أن يكون اعتماد الجنيه كعملة رسمية من قبل البنك المركزى الروسى له أثر حاسم.
