شهدت السوق المصرية ارتفاعًا لعدد من أصناف الأدوية خلال العام الفائت، لكن تحرير سعر صرف الدولار مع التسعير الجبرى للأدوية فتح الباب أمام الشركات للمطالبة بالزيادة مجددًا.
واتفق خبراء القطاع على ضرورة حل الأزمة من خلال توفير الدولار بسعر ثابت، أو ضمان توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار ثابتة تضمن للشركات استدامة العمل.
وعلمت «المال» من مصدر مطلع بهيئة الدواء المصرية أن هناك دراسة أربعة مقترحات لحل أزمة ثبات سعر الدواء فى ظل اتباع سياسة مرنة لصرف الدولار.
وأضاف المصدر فى تصريحات خاصة لـ«المال» أن دراسة المقترحات، يأتى فى ضوء ضمان عدم وجود نواقص مهمة للأدوية، مبينًا أن المقترح الأول يتضمن رفع أسعار منتجات الشركات المتضررة بنسبة %15، وهو ما يعنى زيادة سعر %50 من الأدوية قبل شهر مارس.
أما المقترح الثانى فيشمل زيادة سعر عدد من الأصناف بنسبة ثابتة طبقًا لمعايير محددة، بجانب توفير الدولار بسعر متفق عليه لجميع شركات الأدوية على أن تتولى هيئة الدواء المصرية توفير الدولار بالتعاون مع القطاع المصرفى.
المقترح الثالث، يشمل تطبيق السعر الأقل فى أى دولة تلقائيًا فى مصر، وهو ما يعنى زيادة عدد كبير من الأصناف بنسب أكبر من الواردة فى المقترح الأول.
وأرجع المصدر إمكانية تطبيق هذا المقترح على الأدوية التى لا يوجد لها بدائل أو مثائل، على أن تعقد هيئة الدواء عددا من المبادرات لتوفير هذه الأدوية لمبادرات وزارة الصحة؛ لضمان وصولها لأى مريض مصرى.
وأتم المصدر أن المقترح الرابع قدمته عدد من الشركات الأجنبية التى تقوم بالتصنيع فى مصر، وهو أن تطلب الشركات التعاقد على الخامات المواد الفعالة ومستلزمات الإنتاج من خلال هيئة الشراء الموحد، بما يضمن لها انتظام توفر مستلزمات التصنيع وثبات الأسعار، وبالتالى توافق الشركات على التسعيرة الحالية.
وأشار إلى ما وصفه بضغط الشركات من خلال المقترح الأخير، مستبعدًا تنفيذه ومرجحًا فى الوقت نفسه إمكانية دمج أكثر من مقترح لضمان توفر الأدوية وفى الوقت نفسه عدم انفلات الزيادة المتوقعة عن قدرة المواطن المصرى.
وقال محمود فؤاد المدير التنفيذى لمركز الحق فى الدواء إن السوق المصرية ستشهد أزمة كبيرة خلال مارس، تتمثل فى زيادة أصناف الأدوية الناقصة حال استمرار الوضع الحالى، محذرًا من تكرار أزمة نقص الأدوية عقب تحرير سعر الصرف فى عام 2016.
وأضاف فؤاد فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن طرح فكرة ثبات أسعار الدواء رغم مرونة سعر الصرف مكررة وستظل مستمرة فى ظل عدم ثبات سعر الدولار.
وأوضح أنه فى السابق كان سعر الدواء يزيد بقرار رسمى من مجلس الوزراء، محدد به الأصناف ونسبة الزيادة، لافتًا إلى الحاجة إلى تحديد نسبة الزيادة بناء على اعتبارات واضحة، ومُعلنة من قبِل هيئة الدواء، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وأشار إلى أن نقص بعض عائلات الأدوية فتح الباب أم السوق الموازية، ضاربًا المثل بنقص حقنة الصبغة المستخدمة فى الأشعة، وحقن «الآر إتش» المستخدمة لبعض السيدات عقب الولادة، مؤكدًا أن هذه الأصناف تباع إن وجدت بأربع أضعاف سعرها الرسمى.
وعن حلول الأزمة قال «فؤاد» إن جزءا من الحل يتعلق بإنهاء تضارب المصالح خلال إدارة القطاع، مؤكدًا أنه فى عام 2016 بعدما وصل سعر الدولار إلى 16 جنيها آنذاك، قررت وزارة الصحة زيادة 3100 صنف دفعة واحدة بنسبة 30%، مؤكدًا أن تكرار الحل فى ظل الظرف الحالى كارثى، خاصة مع زيادة سعر الدولار تقريبًا بنسبة 50% خلال العام الفائت، محذرًا من زيادة أصناف الدواء للمرضى فى الأمراض السارية والمزمنة، خاصة أنها ستضاعف تكلفة العلاج على مرضى السكرى والضغط بشكل لا يمكن تحمله.
وحول آلية التسعير الحالية، يرى «فؤاد» أن التسهيلات الممنوحة لقطاع الدواء لم تنجح فى ضبط الأسعار، مقترحًا عودة فكرة الدولار الجمركى بسعر ثابت تتمكن شركات الأدوية من التعامل به فى استيراد مستلزمات الإنتاج، وخامات المواد الفعالة، وتحديد سعر استرشادى لأى صنف بناء على أقل سعر يُباع به المنتج فى الدول الصناعية الكبرى بمجال الدواء.
ووصف «فؤاد» فكرة تصدير الدواء، لتوفير الدولار للشركات فى مصر بالهزلية، مؤكدًا أن نسب الاعتماد على الاستيراد لتعبئة الدواء فى مصر تصل إلى 95% من المواد الفعالة، ومستلزمات الإنتاج، مشيرًا إلى أن جميع الشركات فى مصر تستورد مستلزمات التغليف والأحبار المستخدمة فى الكتابة على شرائط الأدوية، معتبرًا أن السوق العالمية مفتوحة، ويمكن لأى دولة اختيار مصدر الاستيراد بأقل تكلفة، وهو ما لا يتوفر فى السوق المصرية بقطاع الدواء.
وأكد أن ارتفاع سعر ألبان الأطفال حقق قفزات لا تتناسب مع زيادة سعر صرف الدولار، بما يسمح للشركات بتحقيق أرباح فلكية، خاصة مع استخدام ثلاث أطفال بين كل خمس مواليد فى مصر للألبان الصناعية، لافتا إلى لجوء بعض الشركات إلى استغلال الموقف لرفع الأسعار 6 مرات بنسبة 200% فى بعض الأصناف خلال 15 شهرًا، مؤكدًا ضرورة تدخل الدولة لضمان توفير الألبان لنحو 2 مليون رضيع.
وقال الدكتور محفوظ رمزى، رئيس لجنة تصنيع الدواء بنقابة الصيادلة، إن زيادة سعر الدولار أربكت سوق الدواء المصرية، معتبرًا أن القرار لم يراع حجم مكون الإنتاج المستورد فى الصناعة بالكامل، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن والنقل.
وأشار فى تصريحات خاصة لـ«المال» إلى ارتفاع تكلفة الدواء بنسبة 6 أضعاف خلال العامين الأخيرين، لافتا إلى عدم ارتفاع أسعار الدواء بنفس النسبة، بما يهدد عددا من الشركات بتوقف الإنتاج، أو انخفاض الأرباح بما يستلزم تسريح عمالة، ويزيد من معدل البطالة.
وأضاف أن الحل الجذرى للأزمة توفير مستلزمات الإنتاج من مصانع مصرية بالعملة المحلية، واستيراد المواد الفعالة فقط، موضحًا أن تقليل مكونات التصدير بأى نسبة يسمح باستمرار الإنتاج ويقلل السعر النهائى الذى يصل به الدواء للجمهور فى الصيدليات.
وأشار رئيس لجنة التصنيع الدوائى إلى أن لجنة نقص الدواء مهمتها التنبؤ بحدوث أى متغيرات أو نواقص فى سوق الدواء، خاصة أن كل مادة فعالة متواجدة فى الأدوية تقوم بإنتاجها أكثر من 14 شركة دواء.
