رحبت شركات الشحن والتفريغ العاملة فى السوق المحلية، خاصة المستوردة لمحاصيل القمح والحبوب بمختلف أنواعها، بقرار «المركزى» الروسى بإدراج الجنيه المصرى ضمن أسعار صرف العملات، واستخدامه مع الروبل فى المعاملات التجارية بدلا عن الدولار.
قال أحمد شوقى رئيس لجنة الشحن والتفريغ بغرفة ملاحة الإسكندرية، إن القرار خطوة جيدة للغاية، خاصة أن مصر من أهم الدول المستوردة للحبوب من السوق الروسية، لافتا إلى أن تأثيره على السوق المحلية لن يكون بالسرعة المتوقعة، لأنها مرتبطة بحجم التصدير للحاصلات الزراعية المصرية.
ولفت إلى أنه كلما زادت الصادرات خاصة من الحاصلات الزراعية للسوق الروسية، والحصول على الروبل، فسيتم استيراد القمح بالعملة نفسها، مشيرًا إلى أن حجم الواردات المصرية من روسيا يتراوح من 4 إلى 5 مليارات دولار، فى حين يقدر المصدر من السوق المحلية إليها بحوالى 1.5 إلى 2 مليار دولار.
أحد مستوردى القمح: التعامل المالى الجديد يحقق توازنًا بالسوق ويتطلب آليات سريعة التطبيق
وأشار إلى أن الاعتماد على الروبل بمثابة تخفيف للضغط على الدولار، وآلية جديدة قد تساعد فى حل صعوبة تدبيره حاليا، لكن الاستفادة منه محدودة وليست كبيرة للغاية كما يتوقع البعض.
وأوضح أن هناك خامات أخرى بجانب الحبوب من الصناعات المعدنية ومشتقات بترولية، يتم استيرادها من روسيا، إلا أن الحبوب تعد الواردات الأكبر لمصر منها.
وأكد شوقى أن تلك الخطوة ستعمل على تنويع الأسواق التى يتم الاستيراد منها، ليتم الاعتماد على روسيا مع أمريكا اللاتينية، خاصة أنها وأوكرانيا تشهدان حاليا حالة من تكدس الحبوب نتيجة الحرب، بسبب إجراءات التفتيش السفن العابرة لتركيا.
وأكد أن دول أمريكا اللاتينية قامت هى الأخرى منذ عدة سنوات بإصدار عملة موحدة على غرار منطقة اليورو، مشيرا إلى أن مصر دخلت فى اتفاقيات تجارية ضخمة مع تلك المجموعة ومعروفة بـ«اتفاقية ميركسور» ومن شأنه أيضا أن يعمل على زيادة التبادل التجارى مع تلك المجموعة.
وتابع: اتفاقية الميركسور تشمل 4 مراحل وحاليا يتم إنهاء المرحلة الثانية ويتوقع الدخول قريبا فى تطبيق الثالثة، حتى نصل إلى نفس اتفاقية اليورو وبالتالى الوصول إلى «زيرو جمارك» فى بعض المنتجات، وهو ما يزيد من التبادل التجارى مع تلك الدول.
وألمح إلى أن التركيز سيكون أكثر على روسيا، رغم مزايا اتفاقية الميركسور، بسبب انخفاض سعر النولون لقربها من الموانئ المصرية من جانب، بالإضافة إلى أن طبيعة أسعار السلع أيضا منخفضة من ناحية أخرى، علاوة على جودة الصادرات الروسية من القمح للسوق المصرية.
وأوضح شوقى أنه منذ 5 سنوات كان الحديث عن اعتماد اليوان الصينى كعملة رئيسية يتم استيراد المنتجات من خلاله من السوق الصينية، إلا أنه لا يزال محدودا، ولكن التعامل مع مختلف العملات بدلا من الدولار سيعمل على تخفيف الضغط محليا، ومن ثم حالة من التوازن للعمليات التجارية بشكل عام.
من جانبه، أكد أحد مستوردى القمح بميناء الدخيلة، ضرورة ترجمة القرار الأخير على أرض الواقع، ووضع آليات جديدة يتم من خلالها زيادة توفير العملات الأخرى بجانب الدولار.
وأشار إلى أن الاستيراد من خلال العملة الروسية «الروبل» من الممكن أن يُحدث توازنا حال توافره بالبنوك المحلية، مشيرا إلى أن هذا الملف يجب أن يلقى دعمًا من جميع الجهات المصرية، إلى جانب منح بعض الحوافز لزيادة الصادرات.
وأشار إلى أن الحرب الروسية كانت سببا رئيسيا فى تراجع الصادرات المصرية للسوق الروسية، بسبب وقف بعض الخطوط الملاحية العالمية لخدماتها، إلا أن هناك بعض الخطوط لا تزال مستمرة، ويمكن دعمها لتوسع دائرة عمليات الشحن، ومن ثم توافر عملة الروبل بالسوق المحلية.
يشار إلى أن الأرقام الرسمية أظهرت أن قيمة التبادل التجارى بين البلدين خلال 2021 سجل نحو 4.7 مليار دولار، مقابل 4.5 مليار فى 2020، وذلك مع احتمالية ارتفاعها خلال عامى 2022 و2023.
وبلغت قيمة الواردات من روسيا أكثر من 3.3 مليار دولار خلال 2022، فيما سجلت الصادرات المصرية لها 489.6 مليون دولار خلال عام 2021، مقابل 423.3 مليون، خلال 2020 بنسبة ارتفاع قدرها %15.7.
ويقدر حجم الاستثمارات الروسية فى مصر عبر 400 شركة بنحو 7.4 مليار دولار، كما أنه من المقرر إجراء مشروع الضبعة النووى بتكلفة استثمارية قدرها 29 مليار دولار منها قرض وتمويل روسى قدره 25 مليار دولار.
من جانبه، قال خليل السعدنى مسؤول النقل الدولى واللوجستيات بأحد الخطوط الملاحية، إن روسيا تواجه أزمة بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الدول الأوروبية، وهذه الإجراءات من شأنها إعاقة موسكو عن زيادة الاحتياطى من العملات الأجنبية.
وأشار إلى أن قرار اعتماد الجنيه المصرى كعملة صرف يمثل خطوة جيدة، وسيسمح بالتعامل بين البلدين بعيدا عن الدولار.
وأوضح أن ذلك الإجراء يعد خطوة إيجابية، ويسهم فى تخفيف الضغط على الدولار محلياً، تحقق استقرارا فى العملة المحلية ويعزز من قدرة مصر على استيراد 3 سلع أساسية تتميز روسيا بوفرتها، هي: القمح، ومدخلات الإنتاج، والذهب.
وأضاف أنه سيؤثر مباشرة فى تسهيل السداد بالعملة المحلية وتحقيق وفرة كبيرة من العملة لعدم الحاجة لتوفير الدولار، بالإضافة إلى زيادة التبادل التجارى بين البلدين فى المستقبل.
وقال أحمد خليل مدير الملاحة بشركة «أركاس» إن قرار اعتماد الجنيه المصرى ضمن سلة العملات التى يُحدَّد سعرها فى روسيا رسميًا يعنى أن ميزان التبادل التجارى بين البلدين سيتم التعامل معه وفقًا للجنيه والروبل، وذلك سيحقق مكاسب مشتركة للدولتين، وسيكون له أثر فى تخفيض الضغط على الطلب على الدولار.
وقال خليل إن مصر ستستفيد من هذا القرار فى سداد قيمة استيراد القمح وباقى السلع المستوردة من روسيا بالجنيه، بما يساعد على استقرار الأسعار محليًا، حيث إن استيراد القمح والحبوب التى تدخل فى صناعة الأعلاف من روسيا بالعملة المحلية يسهم فى زيادة هذه الخامات بأسعار مخفضة، مما يعود بالإيجاب على خفض أسعار الدقيق والأعلاف فى الأسواق، وبالتالى خفض أسعار اللحوم البيضاء والحمراء ويسهم فى خفض معدلات التضخم بشكل عام.
وأوضح أن فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا بسبب الحرب على أوكرانيا، تسبب فى وجود فائض من السلع لديها، وأثر سلبا على سعر البيع فى ظل هذا الانكماش فى السوق الروسية، لكن سينال الجانب المصرى إيجابية من ذلك عبر مضاعفة أعداد السياحة، وزيادة تداول سوقى الذهب والحديد.
وتوقع أن يسهم استبدال الجنيه والروبل بالدولار فى انتعاش الصناعة المصرية، كما توقع أن تلجأ دول أخرى للتعامل مع مصر بعملاتها الرئيسية بعيدا عن الدولار، ومن ثم انخفاض الطلب على العملة الأمريكية واستقرار أسعار الصرف على المدى الطويل.
