مصرفيون: القانون لا يكفي وحده لوقف تداولات السوق الموازية

قال خبراء ومصرفيون إن القضاء على السوق الموازية لسعر الصرف مرهون بتدفق العملة الأجنبية إلى الجهاز المصرفي، فقانون البنك المركزى رقم 194 لعام 2020

Ad

قال خبراء ومصرفيون إن القضاء على السوق الموازية لسعر الصرف مرهون بتدفق العملة الأجنبية إلى الجهاز المصرفي، فقانون البنك المركزى رقم 194 لعام 2020 رادع للمتعاملين بالعملة خارج القطاع الرسمي، لكنه غير كاف لتوحيد سعر الصرف.

وأضافوا، فى تصريحات خاصة، لـ«المال»، أن البنك المركزى اتخذ قرارات عدة لحل أزمة نقص المعروض من العملة الأجنبية، فقد حرَّر سعر الصرف يوم 27 أكتوبر الماضي، إلى أن استقر عند 29.5 تقريبًا يوم 11 يناير الحالي، والذى أسهم فى تقليل الفجوة بين سعرى الصرف الرسمى وغير الرسمي.

وجاء فى المادة (233) لقانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم (194) لسنة 2020: يعاقَب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة تتراوح من 1 إلى 5 ملايين جنيه، كل من تعامل فى النقد الأجنبى خارج البنوك المعتمدة، أو الجهات التى رخص لها فى ذلك، أو مارس نشاط تحويل الأموال دون الحصول على الترخيص طبقًا لنص المادة “209” من نفس القانون.

وتمكنت مصلحة الجمارك، الأيام الماضية، من رصد أكثر من 20 ألف حالة تلاعب بالعملة من قِبل مستوردين، وتسليمها للبنك المركزى ووزارة التجارة والصناعة.

قال محمد بدرة، الخبير المصرفي، إن السوق الموازية لم تنتهِ، على الرغم من صدور قانون البنك المركزى والقطاع المصرفى رقم 194 لعام 2020، والذى ينص على طبيعة العقوبات الموقَّعة على المتعاملين بالنقد الأجنبى خارج القطاع المصرفي؛ وذلك لأن السوق الموازية ليس لها مكان معروف، فهى عبارة عن تعاملات تتم بين الأفراد خارج القطاع الرسمى عن طريق التوصيل أو الـDelivery، بما يعنى عدم تواجدها فى مقر ثابت يَسهل السيطرة عليه أو تقنينه.

وأضاف بدرة، فى تصريحات خاصة، لـ«المال»، أن البنك المركزى قادر على السيطرة والإشراف على شركات الصرافة، والرقابة على التعاملات النقدية الرسمية بها، أما السوق الموازية فتصعب مراقبتها.

وأوضح أن القضاء على السوق الافتراضية (الموازية) يتم حال توافر النقد الأجنبى فى القطاع المصرفي، وكذلك من خلال التضييق على المتعاملين خارج السوق الرسمية، مشيرًا إلى أن ذلك حدث بالفعل عندما تم تحرير سعر الصرف، واقترب السعر الرسمى من غير الرسمي.

وتابع أن المتعاملين بالنقد الأجنبى فى السوق الموازية يواجهون نسبة من المخاطر؛ لتعاملهم مع التجار دون أى ضمانات، فإذا وجد المواطن الفرق طفيفًا بين السوقين، فسيفضل التعامل الآمن من خلال الجهاز المصرفي، موضحاً أن ما حدث فى الفترة الأخيرة من تغيرات فى سعر الصرف قلل الفرق بدرجة كبيرة بين سعر الدولار الرسمى وغير الرسمي.

وأفاد الخبير المصرفى بأن سعر الصرف الرسمى من الممكن أن يشهد تذبذبات خلال الفترة المقبلة؛ نتيجة تحديده بناء على قوى العرض والطلب، ونوه قائلًا: «هذا أمر غير مقلق؛ لأنه بعدما يتحرك، لا يلبث أن يعود لمستواه الطبيعى مرة أخرى، فالعبرة بالسعر العادل الذى سيستقر عنده الدولار أمام الجنيه».

كان البنك المركزى المصرى قد أعلن 16 يناير الحالي، أنه رصد مجموعة من المؤشرات الإيجابية المتعلقة بسوق الصرف، والمتمثلة فى حصيلة البنوك من النقد الأجنبي، سواء من السوق المحلية، أو حصيلة تحويلات المصريين بالخارج وقطاع السياحة، كما تم رصد عمليات دخول مستثمرين أجانب السوق المصرية مرة أخرى، منذ يوم الأربعاء الموافق 11 يناير، بمبالغ تخطّت 925 مليون دولار.

كما كشف «المركزى» عن حدوث طفرة كبيرة بمبالغ التداول فى سوق الإنتربنك بعد تحرك سعر الصرف الرسمى يوم 11 يناير الحالي، فسجلت مبالغ التداول زيادة تجاوزت 20 ضِعفًا، مقارنة بالمبالغ اليومية المسجلة مؤخرًا.

وأكد البنك المركزى أن القطاع المصرفى قام بتغطية أكثر من 2 مليار دولار من طلبات المستوردين المصريين خلال الأيام الثلاثة الممتدة من 13 إلى 16 يناير الحالي، بخلاف تغطية طلبات أخرى لعملاء البنوك المصرية، كما أشار إلى أن البنوك تقوم بالترويج لعمليات المشتقات المالية فى سوق الصرف؛ بهدف تقديم خدمة مالية متكاملة تتيح لعملاء البنوك التحوط ضد مخاطر تذبذبات أسعار الصرف.

فى السياق ذاته قال محمد البيه، الخبير المصرفي، إن المؤشرات الموجودة حاليًّا تنذر بانتهاء السوق الموازية خلال الفترة المقبلة.

وأضاف البيه، فى تصريحات خاصة، لـ«المال»، أنه وفقًا لما أشار إليه صندوق النقد الدولي، فإن العرض والطلب على العملة فى السوق لا بد أن ينعكس على سعر الصرف المتواجد بالبنوك، فإذا ازداد الطلب على العملة الأجنبية، ارتفع سعر الصرف الرسمي، والعكس صحيح.

وأوضح أنه حتى الآن ما زالت هناك فجوة بين السعرين الرسمى وغير الرسمي، لكن هذه الفجوة تضاءلت بشكل كبير، خاصة بعد تحرك سعر الصرف فى البنوك 11 يناير الحالي، ووصول الدولار لما يقارب 29.5 جنيه.

وأشاد بقرارات البنك المركزى للسيطرة على معدلات التضخم برفعه سعر الفائدة وسحب السيولة المحلية، وكذلك التضييق على تجار العملة فى السوق السوداء، مما دفع لتقليل التداول غير الرسمى للعملة.

وأفاد بأن آليات التعامل مع نقص العملة الأجنبية تكون بتقليل الضغط على الدولار، عن طريق استبدال المنتج المحلى بالأجنبي، وهو ما تحاول الحكومة تطبيقه فى الوقت الحالي، وكذلك عن طريق التضييق على تجار العملة فى السوق الموازية، بالإضافة إلى تحريك سعر الصرف الرسمي؛ لتقليل الفجوة بين سعر الدولار فى البنوك وخارجه.

من جانبه قال الدكتور أحمد السيد، أستاذ الاقتصاد والتمويل، إن العقوبات الغليظة المفروضة على المتعاملين بالنقد الأجنبى خارج النطاق الرسمى أمر هام تمامًا، لكنها ليست كافية وحدها للقضاء على السوق الموازية.

وأضاف السيد، فى تصريحات خاصة، لـ«المال»، أن هناك تراجعًا كبيرًا فى سعر الدولار بالسوق الموازية، مشيرًا إلى أن ذلك يحدث مع بدء عودة استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلى (الأموال الساخنة)، والتى عادت للاستثمار فى العديد من الأسواق الناشئة، مما يبشر بدخول تدفقات أجنبية فى تلك الفترة.

وتابع أن مصر تحتاج للأموال الساخنة فى هذه المرحلة؛ لتقوية قدرة الجهاز المصرفى على إتاحة العملة الأجنبية، متوقعًا اختفاء السوق الموازية فور انتهاء البنوك من تدبير العملة، وإنهاء قوائم الانتظار التى تراكمت خلال الأشهر الأخيرة، مشيدًا بالتزام البنك المركزى بتطبيق سياسة سعر الصرف المرن، والتى أعطت المتعاملين ثقة كبيرة فى السوق.

وتوقّع السيد ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار على المدى المتوسط بعد استقرار الأوضاع، مستشهدًا بالتقارير الدولية التى تشير إلى أن العملة المصرية مقوَّمة بأقل من سعرها الحقيقي؛ أى أن سعر الدولار حاليًّا مُبالَغ فيه أمام الجنيه، مؤكدًا أنه أمر طبيعى يحدث على المدى القصير بعد تحرير سعر الصرف، حيث تكون هناك تذبذبات عدة.

فى سياق متصل قال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفي، إن تغليظ العقوبة القانونية سيكون بمثابة تحذير للمتعاملين الذين يتداولون النقد الأجنبى خارج القطاع المصرفى.

وأضاف عبد المنعم، فى تصريحات خاصة، لـ«المال»، أن البنوك بدأت بالفعل إنهاء إجراءات تكدس البضائع بالموانئ المصرية، مضيفًا أن السوق الموازية تنتهى مع تدفق العملات الأجنبية للداخل، وانتظامها داخل القنوات الشرعية والقطاع المصرفى.

وأوضح أنه حتى الآن غير مسموح بتداول العملات الأجنبية مجهولة المصدر فى العمليات الاستيرادية، فيجب أن يتم التدبير من قِبل البنوك، أو نتيجة عمليات تصديرية حتى يتمكن المستورد من استخدامها.

السيد: حدوث تراجعات بالتزامن مع عودة الأموال الساخنة

عبد المنعم: انتهاء الأزمة مرهون بزيادة التدفقات

البيه: لا بد أن يعكس سعر الصرف العرض والطلب الحقيقى