هل يكفى سياسة «التشديد النقدى» لكبح جماح التضخم ؟

أكد عدد من الخبراء والمحللين المصرفيين أن سياسة التشديد النقدى تهدف إلى العمل على كبح جماح التضخم، وكسر معدلاته المرتفعة،

Ad

أكد عدد من الخبراء والمحللين المصرفيين أن سياسة التشديد النقدى تهدف إلى العمل على كبح جماح التضخم، وكسر معدلاته المرتفعة، موضحين أن هذه السياسات التشديدية وحدها قد لا تكون كافية وإنما لا بد من تضافر عدد من العوامل الأخرى، والتى تتمثل فى دعم القطاعات الإنتاجية وخلافه.

وأضافوا - فى تصريحات خاصة لـ «المال» - أن تعزيز موارد الدولة الدولارية يمكن - إلى جوار معدلات الفائدة المرتفعة - أن يسهم فى تخفيض وتيرة معدلات التضخم المتعاظمة.

وأشار الخبراء إلى أن مبادرة الصناعة الجديدة بفائدة %11 يمكن أن تعالج الآثار السلبية لسياسات التشديد النقدى، وبالتالى قد تكون ذات أثر حاسم فى فعالية هذه السياسة، وتحقيقها الثمار المرجوة منها.

تعزيز الموارد الدولارية

وقال شريف سامى، عضو مجلس إدارة البنك التجارى الدولى، إن سياسة التشديد النقدى التى ينتهجها البنك المركزى عبارة عن حزمة من الإجراءات التى تعمل على توفير العملة الصعبة وتعزيز الموارد الدولارية من جهة، وكبح جماح التضخم من جهة ثانية.

وبلغ التضخم الأساسى فى مصر %24.4 على أساس سنوى فى ديسمبرالماضى مقابل %21.5 فى سبتمبر 2021.

شريف سامى: نجاح السياسة النقدية ينعكس على هدوء سوق الصرف

وسجل الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين، بحسب البنك المركزى، معدلا شهريا 2.6 فى ديسمبرالماضى مقابل %0.2 للشهر نفسه من العام الماضى، ومعدلا شهريا %2.7 فى نوفمبر 2022.

وأضاف - فى تصريحات خاصة لـ «المال» - أنه متى ما تضافرت مجموعة العوامل التى تشتغل عليها السياسة النقدية فسوف نلحظ هدوءًا فى وتيرة أسعار الصرف، وتاليًا انكسارًا فى معدلات التضخم المرتفعة.

وشهد سعر الدولار فى مصر بداية من مطلع عام 2022 وحتى اليوم سلسلة من التحولات والارتفاعات الدراماتيكية التى جاءت على خلفية الأحداث الاقتصادية المتعاقبة التى أربكت الاقتصادات العالمية، وترتب عليها تعطل فى سلاسل الإمداد، وارتفاع الأسعار، ناهيك على الأزمات المتراكبة فى قطاعات الاقتصاد المختلفة.

وأدى ذلك كله ليس إلى إحداث تبدل جذرى على صعيد سعر الدولار وتذبذب أسعار الصرف فى مصر فحسب، وإنما أيضًا إلى اتجاه البنوك المركزية فى العالم إلى مزيد من التشديد النقدى.

طرح الأصول فى البورصة

وأشار "سامى" إلى أنه بجانب سياسة التشديد النقدى سالفة الذكر فإن هناك عددًا من الإجراءات التى تعتزم الدولة المضى فيها قُدمًا، منها على سبيل المثال بيع عدد من الأصول المملوكة للدولة، ناهيك عن طرح بعضها الآخر فى البورصة، مبينًا أن من شأن هذه الإجراءات إحداث نوع من السيولة الدولارية، وتوفير العملة الصعبة اللازمة للعمليات الاستيرادية المختلفة.

وضمّ صندوق مصر السيادى، بحسب ما نقلت وكالة بلومبرج، 5 شركات إلى «صندوق ما قبل الطروحات»، تمهيدا لبيع حصص منها تتراوح من 20 - %30 لمستثمرين إستراتيجيين.

وذكر "سامى" أن شهادة الـ %25 لا علاقة لها بتذبذب أسعار الصرف، ولكنها على الجهة الأخرى حجّمت من عملية اكتناز الدولار.

وأعلن بنك مصر فى 4 يناير الحالى عن طرح شهادة ادخارية بفائدة %25 مدتها عام تصرف بنهاية المدة، أو فائدة %22.5 تصرف شهريا، وتم توفيرها فى جميع فروع البنك وجميع القنوات الإلكترونية الخاصة به.

كما قرر البنك الأهلى المصرى طرح شهادة ادخارية مدتها عام بفائدة %25 تصرف بنهاية المدة، أو فائدة %22.5 تصرف شهريا.

الآثار على الاستثمار والبطالة

من جانبه، قال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفى، إن سياسات التشديد النقدى هى إجراء متبع تنتهجه كثير من دول العالم، إذا ما توافرات العوامل التى تتطلب ذلك.

وأضاف - فى تصريحات لـ «المال» - أنه من ضمن عيوب هذه السياسة التشديدية – التى تتضمن رفع أسعار الفائدة مثلًا – التأثير سلبًا على الاستثمار، وكذلك رفع معدلات البطالة، مشيرًا إلى أن مهاجمة التضخم عبر رفع أسعار الفائدة ستؤدى، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى رفع معدل البطالة.

محمد عبدالمنعم: لا بد من تضافر «المالية» و«النقدية»

وأكد أنه نظرًا لتبعات هذه السياسة على القطاعات المختلفة، قامت الدولة بإطلاق مبادرة جديدة لدعم قطاعى الزراعة والصناعة بفائدة مخفضة %11.

وأعلن د.مصطفى مدبولي؛ رئيس مجلس الوزراء، مؤخرًا، عن إطلاق مبادرة جديدة لدعم قطاعى الصناعة والزراعة، بشريحة 150 مليار جنيه بفائدة منخفضة %11 على أن تتحمل الدولة الفرق فى سعر الفائدة.

وتخصص المبادرة تمويلات قيمتها نحو 140 مليار جنيه لتمويل عمليات رأس المال العامل، بالإضافة إلى نحو 10 مليارات لتمويل شراء السلع الرأسمالية لمدة 5 سنوات.

وكان البنك المركزى المصرى أخطر البنوك بالتوقف عن منح تمويل أو استخدام جديد فى إطار مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 على أن يتم سداد رصيد المستخدم فى إطار المبادرة تدريجيا وفقا لآجال التسهيلات الائتمانية المتاحة.

ورأى «عبد المنعم» أنه ولكى تؤتى هذه السياسات ثمارها المرجوة، فمن الواجب إحداث نوع من التضافر بين السياسات المالية والنقدية على حد سواء.

رفع معدلات الإنتاج

وشددت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى فى أحد البنوك على تعزيز العوائد الدولارية والاشتغال على تعظيم موارد الدولة من العملة الصعبة.

وأضافت - فى تصريحات لـ «المال» - أن العمل بمبادرة الصناعة الجديدة %11 قد يعمل على كبح جماح التضخم؛ إذ من شأن هذه المبادرة العمل على رفع معدلات الإنتاج، ومن ثم زيادة المعروض من السلع، وتلبية احتياجات السوق منها، ناهيك عن إمكانية المساعدة فى رفع معدلات التصدير، وبالتالى توفير العملة الصعبة.

منى بدير: مبادرة الصناعة الجديدة %11 تؤثر إيجابيًا على عدد من المجالات

وكان مجلس الوزراء أصدر قرارًا بأن تتحمل الجهات المتمثلة فى كل من وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وصندوق دعم السياحة والآثار أو وزارة السياحة والآثار، ووزارة المالية تكلفة تعويض البنوك عن فرق سعر عائد المبادرات المتعلقة بمبادرة التمويل العقارى لمتوسطى الدخل ذات عائد الـ %8 متناقص ومبادرة دعم السياحة ذات عائد الـ %11 متناقص، ومبادرة إحلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج ذات عائد الـ %3 عائد مقطوع ومبادرة التمويل العقارى ذات عائد الـ %3 عائد متناقص، ومبادرة تشجيع طرق الرى الحديث ذات العائد الصفري.