خبراء: ارتفاع أسعار الفائدة يعيد استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلية

قال خبراء ومصرفيون إن الأموال الساخنة بدأت فى العودة للاقتصاد المصرى مؤخرا، خاصة بعد رفع الفائدة على أدوات الدين المحلى ووصولها إلى نحو .5.

Ad

قال خبراء ومصرفيون إن الأموال الساخنة بدأت فى العودة للاقتصاد المصرى مؤخرا، خاصة بعد رفع الفائدة على أدوات الدين المحلى ووصولها إلى نحو %21.5.

وأضافوا - فى تصريحات خاصة لـ«المال»- أن تقييم وكالات التصنيف الائتمانى الكبرى مثل «Fitch»، و«Moody's» للاقتصاد المحلى، يؤثر على دخول المؤسسات الاستثمارية الكبرى، مثل «جولدمان ساكس» وخلافه، للاستثمار فى أذون الخزانة.

وأشاروا إلى أنه مع التزام مصر بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولى بشكل دقيق، يتغير تقييم وكالات التصنيف، ومن ثم دخول المؤسسات الكبرى وعملائها، للاستثمار فى أدوات الدين المحلى.

و«المال الساخن» هو مصطلح يستخدم على نطاق واسع فى الأسواق المالية للإشارة إلى تدفق رءوس الأموال من دولة إلى أخرى لكسب عائد من سعر الفائدة نتيجة لتغيير سعر الصرف، وقد أطلق عليها هذا الاسم لسرعة تحرك الأموال داخل وخارج الأسواق، مما قد يؤدى إلى عدم استقرار السوق.

وتعرف أذون الخزانة بأنها أداة دين حكومية تصدر بمدة تتراوح من 3 أشهر إلى عام، لذا تعتبر من الأوراق المالية قصيرة الأجل، بينما سندات الخزانة عبارة عن صك تصدره الشركات أو الدول، ويكون قابلاً للتداول بالطرق القانونية، ويعد بمثابة قرض لأجل مسمى، سواء طويل الأجل أو قصير أو متوسط، ويتراوح من 2 إلى 20 عاما.

وتفوض وزارة المالية البنك المركزى، على مدار العام المالى، فى إدارة طروحاتها الخاصة من أذون وسندات الخزانة بالجنيه المصرى، على أن تمول وتنفق الحصيلة على بنود الموازنة العامة للدولة للعام المالى الحالى (2022 - 2023).

الفقى: يجب عدم اعتمادها ضمن احتياطى الجهاز المصرفى

وقال الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلى أبدت رغبتها فى العودة مرة أخرى للاقتصاد المصرى، خاصة بعد رفع العائد على أذون الخزانة، مشيرا إلى أن الأموال الساخنة تدخل حوالى 45 اقتصادا ناشئا، وليس فقط الاقتصاد المصرى.

وأضاف «الفقي» - فى تصريحات خاصة لـ«المال»- أن الأموال الساخنة التى خرجت من الاقتصاد المصرى فى شهر مارس الماضى والتى تقدر بنحو 22 مليار دولار- متأثرة بالأحداث العالمية، من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من أزمات اقتصادية دولية دفعت البنك الفيدرالى الأمريكى إلى رفع الفائدة أكثر من مرة، هى التى تسببت فى نقص الموارد الأجنبية التى نشهدها فى مصر منذ فترة.

وأوضح أن الأموال الساخنة كانت متواجدة فى الاقتصاد المصرى منذ تولى فاروق العقدة منصب محافظ البنك المركزى، لكن فى تلك الحقبة كان الاقتصاد الوطنى لا يعتمد على أموال المستثمرين فى أدوات الدين المحلى بشكل كبير، حيث كان البنك المركزى يعمل على الحفاظ على هذه الأموال بعيدا عن احتياطيات الجهاز المصرفى، حتى إذا قرر المستثمرون الخروج بأموالهم، لم يتأثر المعروض النقدى من العملة الأجنبية فى الداخل، مستشهدا بحال الاقتصاد المصرى فى عام 2011 فعلى الرغم من مرور البلاد بفترة عدم استقرار سياسى وأمنى، إلا أن سعر الصرف الرسمى لم يتأثر كثيرا.

وحث على عدم الاعتماد على وضع الأموال الساخنة ضمن احتياطات القطاع المصرفى مرة أخرى، والاحتفاظ بها كـ «أمانة» فى الاقتصاد، لافتا إلى أنه حتى وإن لم تدخل ضمن الاحتياطى الخاص بالبنوك، وتم الاحتفاظ بها كما هى، يشجع وجودها على استقرار سعر الصرف، وكذلك يقلل من احتمالات خفض التصنيف الائتمانى للجهاز المصرفى.

وأضاف أنه من هنا يأتى دور الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين المحلى، والذى يعد دورا مهما على حد تعبيره، لأنها تساند الجهاز المصرفى فى عملية تسديد الدين الحكومى، عن طريق شراء أذونات الخزانة وتسوية عجز الموازنة. ومن ثم رفع التصنيف الائتمانى للقطاع المصرفى.

كانت «المال» حصلت على انفراد خاص من «الفقي» كشف فيه عن قيامه بدراسة مقترح لصندوق وطنى مغلق للمصريين فى الخارج، يعمل كبديل للاعتماد على الأموال الساخنة، ويستهدف نحو 20 مليار دولار.

وأشار إلى أن الصندوق سيكون ليس دولاريا فقط، وأنه سيتم الترويج لفكرة الصندوق على نطاق واسع، ثم يلى ذلك طرح وثائق للمواطنين تبلغ قيمة الوثيقة 1000 دولار بشكل مبدئى، وبعدها يتم التنسيق مع بنكى مصر والأهلى على قرض بضمان النقد الأجنبى بالصندوق، على أن يوظف ذلك القرض لشراء سندات وأذون خزانة، وبعد الحصول على العائد من أدوات الدين المحلى، يتم استقطاع ضريبة الدولة، ثم دفع عائد للمصرى بالخارج يقدر بنحو %10 ويحول له على البلد المقيم به.

وأوضح أن تلك الوثائق ستكون مقيدة بالبورصة وقابلة للتداول، كما ستسجل فى بورصة لندن «GDR» حال مطالبة المستثمر المصرى الخروج بأمواله، يقوم بطرح وثيقته ليدخل مكانه مستثمر آخر.

سهر الدماطى: العائد أصبح مغرياً للمستثمرين

فى سياق متصل، قالت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، إن الاستثمارات فى أذون الخزانة عادت مؤخرا، حيث إن سعر صرف الجنيه أصبح منخفضا بشكل كبير عما كان عليه قبل شهر أكتوبر الماضى، نتيجة اتباع البنك المركزى المصرى سياسة سعر صرف مرن، مما يمكن المستثمرين الأجانب من زيادة قدراتهم للاستثمار فى أدوات الدين المحلى، لافتة إلى أن العوائد على أذون الخزانة أصبحت مرتفعة وجاذبة.

وأضافت «الدماطي» - فى تصريحات خاصة لـ«المال»- أن الفرق بين سعر الفائدة على أذون الخزانة المصرية، وبين الفائدة على سندات الخزانة الأمريكية بات مغريا لصالح الأولى، متوقعة زيادة الفائدة على أدوات الدين المحلى بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.

وأوضحت أن وكالات التصنيف الائتمانى الكبيرة مثل «Fitch»، و«Moody’s» يروون أن توقيع مصر اتفاقية برنامج الإصلاح الاقتصادى مع صندوق النقد الدولى خطوة مهمة، ويتفقون معها، لرؤيتهم أنه تم وضع جدول زمنى صارم تلتزم به المؤسسات المحلية لتنفيذ البرنامج، مضيفة أنه بناء على ذلك لا تؤثر تلك الرؤية لوكالات التصنيف الائتمانى على عودة الأموال الساخنة مرة أخرى.

وطرح البنك المركزى المصرى يوم 19 يناير الجارى، سندات وأذون خزانة بقيمة 43.5 مليار جنيه، وذلك لأجل 182 و364 يوما.

وتبلغ قيمة الطرح الأول، حسب الموقع الإلكترونى للبنك، 20.5 مليار جنيه، لأجل 182 يوما، فيما تبلغ قيمة الثانى 23 مليارا لأجل 364 يوما.

وفى المزاد قبل الأخير، طلبت البنوك والمؤسسات، معدلات فائدة تتراوح من 19 - %24 لأجل 182 يوما، فيما طلبت فائدة تترواح من 18 - %24.9 لأجل 364 يوما.

وقبلت وزارة المالية 262 طلبا من أصل 430 فى سندات وأذون خزانة لأجل 182يوما بمتوسط معدل فائدة %21.03، فيما وافقت على 151 طلبا من أصل 272 لأجل 364 يوما، بمتوسط معدل فائدة %21.52.

جنينة: نتوقع دخول المؤسسات الكبرى بالنصف الثانى من 2023

من جانبه، قال هانى جنينة، الخبير الاقتصادى والمحاضر فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن المستثمرين فى أذون الخزانة ينقسمون إلى نوعين، الأول : المتمثل فى «صناديق التحوط» أو مايطلق عليه «Hedge Funds» لا تتأثر بالتقييم السيادى من قبل وكالات التصنيف الائتمانى الكبرى، ويدخلون للاستثمار فى الأسواق الناشئة، بغض النظر عن تقييمات تلك الأسواق، مشيرا إلى أن هذا النوع من الاستثمارات يكون عالى المخاطر، ويكون المستثمرون ليس عليهم حدود أو قيود فى طبيعة استثماراتهم.

وأوضح «جنينة» - فى تصريحات خاصة لـ«المال»- أن استثمارات النوع الأول ليست كبيرة، وتدخل للاستثمار فى أدوات الدين المحلى بغض النظر عن التقييم الإيجابى من قبل تلك الوكالات، متوقعا مجئ هذا النوع للاستثمار فى أذون الخزانة فى الربع الثانى من العام الجارى، والثانى: ينصب على المؤسسات الكبرى الاستثمارية، مثل «جولدمان ساكس» وغيرها ، وهذا النوع هو الذى يتأثر بشكل كبير بالتقييم السيادى – من قبل وكالات التصنيف الائتمانى الكبرى.

وفى حديث عن التوقعات المحتملة لتغير النظرة المستقبلية لوكالات التصنيف الائتمانى للاقتصاد الوطنى، توقع «جنينة» مجئ المؤسسات الاستثمارية الكبرى للاستثمار فى أدوات الدين المحلى، فى النصف الثانى من العام الجارى، شريطة أن تسير خطة الإصلاح الاقتصادى بشكل سلس مع صندوق النقد الدولى، وحينئذ تتغير النظرة للاقتصاد المصرى.