الدكتور مدحت نافع يكشف تأسيس «العربية للسبائك» ورؤيته للوضع الاقتصادى

حل الدكتور مدحت نافع، رئيس مجلس إدارة شركة العربية للسبائك، ضيفًا جديدًا على برنامج «CEO LEVEL» فى حلقته الـ17 بالموسم الثانى،

Ad

حل الدكتور مدحت نافع، رئيس مجلس إدارة شركة العربية للسبائك، ضيفًا جديدًا على برنامج «CEO LEVEL» فى حلقته الـ17 بالموسم الثانى، فى حديث شامل ليروى كواليس تأسيس «العربية للسبائك»، وما آخر تطورات مجمعها الصناعى المخطط إقامته بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس.

وتناول اللقاء الذى يُذاع مساء الخميس من كل أسبوع على قناة «ALMAL TV» على موقع يوتيوب، ويقدمه حازم شريف، رئيس تحرير جريدة «المال»، 3 محاور رئيسية، استحوذ مجمع الشركة الصناعى على الجانب الأكبر منها.

وكشف الدكتور مدحت نافع أن «العربية للسبائك» تُخطط لبدء عمليات التنفيذ بالمشروع التابع قبل نهاية الربع الأول من العام الحالى، موضحًا أن الظروف الاقتصادية الأخيرة رفعت التكلفة لتصل إلى 1.5 مليار جنيه، بدلًا من 1.2 سابقًا.

وأوضح أن المشروع سيقام على 3 مراحل، الأولى منها الإنتاج خلال الربع الأول من عام 2025، كما يجرى حاليًا المفاوضات بشأن توصيل الكهرباء، وبصدد توقيع عقود الأرض النهائية على مساحة 40 ألف متر.

فيما تناول الجزء الثانى من الحوار الوضع الاقتصادى، ومتى سيتم التعافى والرؤية حول تدفق الأموال الساخنة للسوق المحلية، والثالث اختص بطرح نصائح عامة للمستثمر والفرد بشكل عام للتعامل فى ظل الظروف الحالية.

وإلى نص اللقاء:

● حازم شريف: اللقاء بهذه الحلقة سيكون شاملًا، إذ نلتقى شخصًا مميزًا، بدعم من تراكم الخبرات لديه، فهو أكاديمى بارز ورجل اقتصاد، عمل بمجموعة من المجالات عبر تقلده العديد من المناصب فى كثير من الشركات الحكومية، ولا يزال على اتصال ببعضها، والأهم من ذلك، فإنه وجه معروف فى عالم الأعمال ويشغل حاليًا رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للسبائك، وهو الدكتور مدحت نافع.

مدحت نافع: أهلًا بك حازم، وبمشاهدى برنامج «CEO LEVEL» أشكرك على هذه المقدمة.

● حازم شريف: دعنا نستهل اللقاء بسؤال من هو مدحت نافع؟ وأين درس؟ وكيف تطورت المسيرة وصولًا للوضع الراهن؟

مدحت نافع: تخرجت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 99، ثم حصلت على الماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية التابعة لجامعة الدول العربية، ثم درجة الدكتوراه من الأولى، ودرست أيضًا بعدة مجالات أخرى، منها تحليل النظم وأخرى تكميلية بمجال الـ«IT»، هذا بالنسبة للمجال الدراسى.

أما بالنسبة للمسار الوظيفى فعملت فى مركز معلومات مجلس الوزراء، وبشركة أكسون موبيل، وحوالى 15 عامًا قضيتها فى البورصة المصرية بين عضو فى المكتب الفنى، ثم مساعد لرئيس البورصة، ثم عضو فى الهيئة التنفيذية العليا لها، ثم رئيس ومؤسس لإدارة المخاطر، ورئيس لقطاع الرقابة على التداول.

وعملت أيضًا كمستشار لرئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ثم رئيس وعضو منتدب للشركة القابضة للصناعات المعدنية، ثم مساعد لوزير التموين لتطوير الشركات ثم مستشارًا للوزير وطلبت إنهاء عملى بهذا المنصب بأواخر 2022، والآن أنا رئيس للشركة العربية للسبائك.

هذا إلى جانب عضوية عدد من الهيئات والمجالس مثل المجلس القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية للفترة الثانية على التوالى، وكنت عضوًا بشركة دمياط للأثاث، فضلًا عن التدريس فى عدد من الجامعات والمعاهد.

فكرة الكيان طُرحت منذ عامين من جانب «إم إم سى» لسد الفجوة محلياً والتوجه للبيع الخارجي

● حازم شريف: مسيرة حافلة، أود سؤالك عن شركة العربية للسبائك، كيف بدأت فكرة المشروع؟ ومتى؟ وما آخر تطوراته؟

مدحت نافع: بدأت فكرة التأسيس منذ عامين من جانب شركة «إم إم سى»، ويرأسها حاليًا الدكتور محمد فؤاد، خاصة أن الأخيرة تعتبر موردًا رئيسيًا للسبائك الحديدية فى مصر.

وتعانى السوق المحلية من عجز كبير بالسبائك الحديدية، إذ تحتاج سنويًا لحوالى 200 ألف طن، فى حين أن ما يتم إنتاجه يتراوح بين 30 إلى 40 ألف طن، بخلاف الفجوة العالمية.

و«العربية للسبائك» سيكون لها مجمع من المخطط إنشاؤه فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بغرض إنتاج الفيروسيليكون والفيرو منجنيز، والفيروميتال، وهذه المنتجات هامة فى الصناعات المعدنية بشكل عام، وتستخدم فى صناعات الصلب أيضًا من خلال تحسين خصائصه وإزالة الأكسدة به.

وخبرتى السابقة بهذا المجال إننى كنت أترأس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، ولديها تابعتها «المصرية للسبائك الحديدية» وتعتبر الكيان الوحيد فى السوق المصرية الذى ينتج الفيروسيليكون ومقرها بمدينة أدفو، إلى جانب إنتاج محدود شركة كيما.

وكان لنا دور مهم فى الشركة المصرية للسبائك، لكسبها قضية إغراق فى السوق الأوروبية، ما مكنها حينها من زيادة منتجاتها وتحسين أوضاع خطوط الإنتاج.

وحين بدأت الفكرة للمرة الأولى فيما يتعلق بالعربية للسبائك على صعيد القطاع الخاص، أردنا إنشاء الشركة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالقرب من الموانئ، خاصة أن المنتج مهم جدًا للتصدير.

وتعتبر هذه الصناعة من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، إذ تمثل الطاقة ما يقرب من 50 - %55 من إجمالى تكلفة إنتاجها، وكون مصر لديها فائض حاليًا بالنسبة للكهرباء فهذا يعطى ميزة تنافسية للتصدير للأسواق الأوروبية والأمريكية.

وعلى جانب آخر، فإن توجه الشركة المصرية للتصدير جعل السوق المحلية متعطشة لاستيراد تلك المنتجات، فنحن نرغب فى سد تلك الفجوة.

التصدير ضرورة ملحة للاستفادة من جاذبية الأسعار عالمياً واستقرار العقود

● حازم شريف: لماذا ترغب الشركة فى التصدير، على الرغم من تعطش السوق المحلية لمنتجات السبائك الحديدية؟

مدحت نافع: هناك عدة أسباب لهذا التوجه، إذ إن كثير من الشركات تفضل الاستيراد لارتباطها بعقود طويلة الأجل، كما أن التواجد فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يلزم الشركة بتصدير جزء من إنتاجها للسوق الخارجية.

والتوجه للتصدير بشكل عام مفيد للسوق المصرية، كما أنه مفيد للشركة على الأجلين القصير والمتوسط، بدعم من جاذبية الأسعار عالميًا واستقرار العقود بالسوق الأوروبية على سبيل المثال.

وهناك عامل آخر يتمثل فى أن التمكن من الارتباط بعقود طويلة الأجل يساعد الشركة فيما بعد فى تدبير التمويل للاستمارات والتوسعات الرئيسية، إما من خلال التفاوض مع البنوك وإما التوجه للتوريق.

نقاشات مستمرة حول توفير الكهرباء للمجمع.. وعقد توقيع الأرض يصل إلى المراحل النهائية

● حازم شريف: ماذا عن آخر التطورات الخاصة بالمشروع؟

مدحت نافع: نحن نتحرك فى المسار الطبيعى للمشروع، على الرغم من حالة عدم اليقين التى تشهدها الأسواق بشكل عام، ومن بينها المحلية.

وخلال نوفمبر الماضى، تم عقد جلسة الاستماع البيئى من أجل إقرار المشروع بيئيًا، إضافة إلى محاولات تيسير عملية وصول الكهرباء اللازمة للعمليات الإنتاجية فيما بعد.

التوجه لتصدير الغاز الطبيعى كمادة خام لا يسبب أزمة فى الوقت الراهن

● حازم شريف: أود التوقف هنا فيما يتعلق بالطاقة، ما سُبل توفيرها للمشروع؟ فى ظل توجه الحكومة المصرية لتصدير الغاز الطبيعى مؤخرًا واستهلاك المازوت، وهل من الممكن اللجوء لاستخدام الطاقة النظيفة؟

مدحت نافع: يعتبر هذا العنصر واحدًا من أكثر الأزمات التى تواجه أى مشروع صناعى كثيف استخدام الطاقة، فقد أشرت إلى نقطة هامة، خاصة أنه قد يكون هناك نوع من الفجوة بها، مقارنة باحتياجات القطاع الصناعى، ولكن نحن نراهن على الاكتشافات المستمرة من الغاز الطبيعى.

أما فيما يتعلق بمشروع «العربية للسبائك» فمن الممكن اللجوء لمعادلة سعرية تربط ما بين المنتج النهائى وأسعار الطاقة، وهو نوع من أنواع التحوط بالنسبة لمنتج الطاقة.

قد نلجأ لاستخدام الطاقة المتجددة، ولكن بشكل تكميلى، إذ إننا نحتاج لحوالى 100 ميجا وات حين يعمل المشروع بكامل طاقته، أما فيما يتعلق بما يتردد فى السوق المصرية أن الجهد الفائق مدعوم فهذا غير صحيح، ولكن نقدم ما يسمى بالدفع التبادلى، إذ نتحمل أكثر من التكلفة من أجل دعم المستهلك المنزلى.

استثمارات المجمع الصناعى ترتفع إلى 1.5 مليار جنيه.. ومفاوضات مع مستثمر خارجى للاستحواذ على %10 من رأس المال

● حازم شريف: على أى شيء انتهت مفاوضات تدبير الطاقة للمشروع؟

مدحت نافع: نحن ننتظر اتفاق هيئة المنطقة الاقتصادية بقناة السويس مع وزارة الكهرباء، فيما يتعلق بعمليات نقل الكهرباء للمشروع، وتبقى أيضًا توقيع العقد النهائى للأرض بواقع 40 ألف متر.

أما فيما يتعلق بالمسألة التمويلية، فإن حوالى %70 من تكلفة المشروع سيتم تدبيرها من القطاع المصرفى، وأجرينا مفاوضات فعلية مع البنوك، وحاليًا نفاضل بين العروض المقدمة والـ%30 المتبقية تمويل ذاتى.

وارتفعت تكلفة المشروع مؤخرًا لحوالى 1.5 مليار جنيه، مقارنة مع 1.2 مليار سابقًا بضغط زيادة سعر الدولار الأخيرة، والعوامل الخارجية الأخرى.

● حازم شريف: ماذا عن هيكل ملكية «العربية للسبائك»؟ وهل هناك مستثمرون جُدد أبدوا رغبة للدخول؟

مدحت نافع: تعتبر شركة إم إم سى هى المساهم الرئيسى إلى جانب مجموعة من صغار المستثمرين الأفراد، وهناك مفاوضات حالية مع مستثمر خارجى من ذوى الخبرة بالصناعة للاستحواذ على %10 من رأس مال العربية للسبائك.

● حازم شريف: كم يبلغ العائد الداخلى على المشروع؟ وكيف أثرت الأحداث الأخيرة عليه؟

مدحت نافع: كان العائد الداخلى قد حُدد سابقًا بأكثر من %30، ولكن عقب تطورات الأحداث الأخيرة الخاصة بزيادة التكلفة الأمر اختلف، ونحن فى وضع دراسة له حاليًا.

ويعتبر المكون الدولارى للمشروع محدودًا، خاصة أنه مع بدء عمليات الإنتاج بالربع الأول من 2025 من المقدر أن يتم تدبير المواد الخام لمنتج الفيروسيليكون من السوق المصرية، بخلاف الفيرومنجنيز الذى يتم تدبير مدخلاته من الخارج، ونحن نحاول البحث على بدائل محلية.

وفى المرحلة الأولى نتحمل تكلفة أفران التشغيل باستثمارات لا تتجاوز الـ15 مليون دولار فقط.

● حازم شريف: هل تم توقيع العقد النهائى للأرض؟

مدحت نافع: لا، لم يتم التوقيع النهائى، ونحن فى انتظار حسم خطة توفير الكهرباء أولًا، ثم الحصول على الأرض بحق انتفاع يتم سداده بالدولار، ومن المتوقع أن تتم تغطيته بحصيلة نسبة التصدير المرجح ألا تقل على %20.

مدحت نافع رئيس مجلس إدارة شركة العربية للسبائك

المشروع يُقام على 3 مراحل تنتهى بالكامل خلال الربع الأول من 2028 بحجم إنتاج 48 ألف طن

● حازم شريف: متى يمكن البدء فى تنفيذ المشروع؟ وكم عدد مراحله؟ وحجم الإنتاج المرجح لكل واحدة؟

مدحت نافع: من المتوقع بدء التنفيذ قبل نهاية الربع الأول من العام الحالى 2023، إذ أوشكت الشركة المسئولة عن تصميم الأفران على الانتهاء، على الرغم من حالة عدم اليقين الموجودة فى السوق المحلية. وينقسم المشروع على 3 مراحل، من المتوقع أن تبدأ الأولى إنتاجها بحلول عام 2025 بحجم 12 ألف طن من سبائك الفيروسيليكون، على أن ترتفع لحوالى 24 ألفا خلال 2026، وصولًا إلى 48 ألف طن من المنتجات المتنوعة بالربع الأول من 2028 عبر إضافة فرن كبير.

ومن المتوقع إضافة فرن واحد مخصص لإنتاج سبائك السيليكون ميتال، ويستخدم فى شركات الألومنيوم.

● حازم شريف: هل تمتلك شركة «إم إم سى» المساهم الرئيسى بالعربية للسبائك أنشطة أخرى؟

مدحت نافع: بالفعل تمتلك مجموعة من المصانع، ولديها مفاوضات على مشروعات أخرى بدول الخليج، فضلًا عن مجال التوريدات الرئيسى.

المساهم الرئيسى يفكر فى طرح «إم إم سى» فى سوق الأسهم.. وخطة إعادة هيكلة للدخول فى أنشطة جديدة

● حازم شريف: هل هناك أى حديث لقيد شركة «إم إم سى» فى البورصة المصرية؟

مدحت نافع: هناك مناقشات فعلية فى ذلك الأمر، وهذا التصور مطروح لدى الإدارة التنفيذية بـ «إم إم سى»، والحقيقة أن الشركة تعتبر كبيرة الحجم منذ التأسيس، على الرغم من كونها نشاطًا عائليًا.

ولكن العقلية التى تتولى عملية الإدارة فى «إم إم سى» بالوقت الراهن مؤسسية بشكل كبير، وحاليًا يوجد تفكير لتطوير أداء الشركة بغرض الدخول فى أنشطة مكملة لصناعة الصلب بشكل عام لتحل محل واردات أخرى كثيرة.

وتمكنت الشركة خلال العامين الماضيين من تحقيق معدلات نمو جيدة، وهى تسعى بالفعل للتحول لكيان مؤسسى.

● حازم شريف: دعنا ننتقل لزاوية الخبير الاقتصادى، متى تتوقع أن يبدأ التعافى بالسوق المحلية من الأزمات الحالية؟ وما القطاعات التى ستتولى دفع القاطرة؟ والأخرى المتأخرة؟

مدحت نافع: من المتوقع أن نشهد أجواء صعبة خلال عامى 2023 و2024، فى ظل تضرر أكبر اقتصاديات العالم.

فالعالم على مشارف ركود وتباطؤ اقتصادى خلال العام الحالى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المتوقع أن يُمرر للسوق المحلية بشكل ما أو بآخر، كما حدث على صعيد التضخم فى وقت سابق.

وعلى الرغم من كل تلك العوامل فإننى أتوقع أن يحدث التعافى بشكل عام مع بداية النصف الثانى من العام الحالى، بشرط هدوء الأحدث بين دولتى روسيا وأوكرانيا، وعلى الصعيد المحلى أن تبدأ الدولة فى خطة انسحابها من بعض الأصول المملوكة لها لصالح القطاع الخاص.

وبشكل عام، فإن الاقتصاد المصرى كبير ومتنوع ولديه القدرة على التعافى بشكل سريع مثلما حدث سابقًا فى فترات جائحة كورونا.

وهناك عدة عوامل من المفترض أن تساعد على التعافى تتمثل فى استقرار معدلات التضخم على الأقل، إلى جانب حدوث تراجع فى معدلات الفائدة، ما يجعلها محفزًا جيدًا للاستثمار، إضافة إلى توالى تدفق الأموال الخليجية للسوق المحلية، وبدء تخارج الدولة من الأصول المملوكة لها لصالح القطاع الخاص وفقًا للمدة المحددة بوثيقة سياسة ملكية الدولة التى تم طرحها.

وتمت ملاحظة تدفق الأموال الساخنة للسوق المحلية خلال الفترة الأخيرة، تزامنًا مع تحريك سعر الجنيه، وهو ما يعتبر نوعًا من أنواع المؤشرات القائدة للاقتصاد.

وأراهن على القطاعات التى ستضخ فيها الأموال الخليجية، فنحن فى انتظار 14 مليار دولار ستضخ خلال 4 سنوات القادمة، خاصة أنها ستنتقى القطاعات الصناعية التى تتكامل رأسيًا مع الإنتاج النفطى كقطاع البتروكيماويات الذى شهد اهتمامًا ملحوظًا خلال الفترة المقبلة.

أتوقع بدء التعافى النص الثانى من 2023.. والقطاع الصناعى سيقود القاطرة

وبالتالى من المتوقع أن يقود القطاع الصناعى القاطرة، والصناعات كثيفة الطاقة تحديدًا فى الأجل القصير، كونها تحقق قيمة مضافة مقارنة بتصدير الطاقة بشكل خام.

● حازم شريف: كيف ترى قضية تصدير الغاز الطبيعى كمادة خام؟ وهو توجه ظهر بوضوح مؤخرًا فى ظل أزمة الدولار ونقص الإمدادات الروسية منه بدلًا من استغلاله فى صناعات تحقق قيمة مضافة؟ وكيف يمكن تحقيق التوازن؟

مدحت نافع: لا أرى تعارضًا فى هذا التوجه، ففى وقت الأزمات عادة ما يتم اتخاذ تدابير معينة قد لا تكون هى الحل الأمثل.

فالقيادة السياسية لدينا ترى أنه ليس من الأفضل تصدير المواد الخام، ولكن يتم اللجوء لذلك نتيجة ظروف عالمية وأخرى محلية ضاغطة، ما يعنى إنه ليس توجها استراتيجيا.

وهناك جانب آخر يحتم التصدير، يتمثل فى الالتزام بعقود مع المكتشف الأجنبى، إلى جانب الاستفادة من البنية الأساسية المتاحة وهذا المطلوب.

وعند حديثى عن تصدير الطاقة كنت أقصد الكهرباء، فهى من الأفضل أن تُصدر فى صورة مدخل بمنتجات الصناعات الثقيلة، ومهما بلغت كثرة الإنتاج الصناعى سيظل هناك فائض من الغاز قابل للتصدير، خاصة مع زيادة الاكتشافات الجديدة، التى نجحت الدولة فى تهيئة المناخ المناسب لها مع اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية.

يجب التركيز على البورصة المصرية كمنصة لجذب الأموال المستقرة للاستثمار

● حازم شريف: ما رؤيتك حول دخول الأموال الساخنة فى الفترة الأخيرة؟ وكيف ترى أهميتها؟

مدحت نافع: الأموال الساخنة مطلوبة فى الوقت الحالى لتحقيق احتياجات راهنة بالسوق المحلية كى لا تتعثر أو تصل معدلات التضخم لمستويات تاريخية لا تتحملها الدولة، فنحن بحاجة لها على المدى القصير جدًا، لكنها تعتبر غير مستقرة وغير آمنة.

والأهم من ذلك أن يتم التركيز على الاستثمارات المستقرة من خلال استغلال البورصة المصرية كمنصة آمنة لدخول تلك الأموال.

وقيام الدولة خلال الفترة الأخيرة بإجراء تغييرات فى قيادات البورصة المصرية والهيئة العامة للرقابة كان قرارا صائبا، وهو شرط ضرورى، لكنه غير كافٍ، فهناك شروط أخرى مطلوبة لتحسين هذا المناخ.

وأرى أن البورصة المصرية تعمل بشكل جيد خلال الوقت الحالى أفضل من فترات سابقة، وذلك على الرغم من تذبذبها.

وأرى أيضًا أنه إن كان قد تم الاهتمام بالبورصة المصرية فى وقت سابق، وتحديدًا منذ قرار التعويم بعام 2016، كان من الممكن أن تجذب جزءًا من الأموال الساخنة لصالحها، وهى مهمة بشكل عام كمنصة لتخارج الدولة من بعض استثماراتها.

والآن فى فترة التعافى يجب التركيز عليها كمنصة لجذب الأموال، خاصة أن البورصة المصرية كانت تتمتع بميزة تنافسية فى وقت سابق، ولكن فقدتها فى الفترة منذ عام 2011 وحتى الشهور القليلة الماضية.

وتعتبر مساعى الدولة لجذب مستثمرين استراتجيين لبعض الأصول التى ترغب فى التخارج منها، وسيلة لضخ أموال جديدة للسوق المحلية، وهى مستهدفة لسد الفجوة التمويلية التى تصل إلى 17 مليار دولار خلال 4 سنوات.

● حازم شريف: ما نصائحك التى يمكن أن تطرحها للمستثمرين خلال الوقت الراهن؟

مدحت نافع: أنصح المستثمر بأن يبحث بالوقت الحالى عن آلية للتحوط ضد تقلبات سعر الصرف، وهى غير متوافرة بالسوق المحلية بشكل واضح، فى ظل غياب المشتقات المالية فى مصر، فعليه البحث فى أسواق أخرى.

وأنصحه بعدم اللجوء مطلقًا لتسريح العاملين لديه، وألا ينفعل فى تحريك الأسعار، خاصة أن ذلك سيعود إليه فى صورة زيادة لخدمات وعوامل أخرى، وأن يتحرك بشكل متحفظ فيما يتعلق بالفرص الاستثمارية بالأسواق خارج مصر، خاصة أن العالم كله يعانى حاليًا من أزمة طاحنة.

وعلى الرغم من ذلك يجب أن يتحفز لاصطياد الفرص الجيدة، فالثروات لا تقتنص إلا فى مثل هذه الظروف، وفى فترات الأزمات، فالثمار الأولى لا يقطفها إلا من لديه شهية كبيرة للمخاطر، ولكن أنصح بألا تكون الشهية للمخاطر أعلى من القدرة على تحملها.

أوصى بعدم تسريح العمالة والهدوء فى رفع أسعار السلع والخدمات للهيمنة على التضخم

● حازم شريف: وأخيرًا ما نصيحتك بالنسبة للفرد بشكل عام للمواطن؟

مدحت نافع: لا بديل من التقشف سواء للدولة أو الشخص المثمر أو الفرد العادى، وذلك من خلال إعادة هيكلة المصروفات بالاعتماد على الضروريات فقط.

يجب تقليل الاعتماد على الاستيراد لنوعيات الأكل والاستخدامات الأخرى، مع إعادة توزيع الدخل بشكل متوازن، وعدم تمرير الأزمات للطبقات الدنيا، بتسريح العمالة وغيرها، لعدم إحداث أى خلل فى الجانب الاجتماعى، وهو ما سيعود فى النهاية على الشخص نفسه فى صورة تضخم وبطالة وغيرها.