أبدى العملاء استجابة ضعيفة لنداءات شركات التأمين بأهمية إعادة تقييم الأصول تجنبًا لتطبيق شرط النسبية، بعد التعويمات المتتابعة للجنيه المصرى وانخفاض سعر الصرف بصورة أفقدت الممتلكات قدرًا كبيرًا من قيمها، فى ظل الحالة الاقتصادية الحالية التى أضرّت بالاطمئنان الاقتصادى، لعدد لا بأس به من القطاعات، بعدما اتفقت المؤسسات العاملة فى التأمين على ضرورة إعلام العملاء بأهمية تلك الخطوة فى مسيرة تعويضاتهم المستحقة عند وقوع الضرر.
وأجمعت آراء خبراء القطاع على أهمية إعادة تقييم الأصول التأمينية، ومدى تأثير ذلك على الأقساط والتعويضات والقيم الآنية للسوق الفعلية لما تحت يد العملاء.
سعيد: %35 من «السيارات» يعدلون وثائقهم بعد التعويم
وكشف خالد سعيد؛ رئيس قطاع تطوير الأعمال والإنتاج والفروع بشركة طوكيو مارين - مصر جنرال تكافل، أن 35% من عملاء تأمين السيارات وبعض التغطيات النمطية استجابوا بتعديل وثائقهم بعد انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار فى مارس الماضى.
وأضاف أن ذلك يرجع إلى زيادة معدل الوعى لدى العملاء بأهمية ذلك الإجراء حتى لا يتعرضون لتطبيق شرط النسبية فى ظل الارتفاع الكبير فى تكاليف الإصلاح بالورش والتوكيلات، بجانب الصعود البارز فى أسعار الموديلات الجديدة والمستعملة حاليًا.
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية وكذلك الاتحاد المصرى للتأمين وجها خلال الفترة الماضية شركات التأمين بمتابعة عملاءهم عبر التواصل معهم لإعادة تقدير قيم مبالغ تأمين الأصول المؤمن عليها بما يتناسب مع القيم السوقية الحالية لها، وكذلك إجراء المعاينات الدورية للأصول محل التأمين للتحقق من تناسب التغطيات التأمينية مع قيمتها الحقيقية إعمالًا للقانون رقم 10 لسنة 1981 للإشراف والرقابة على التأمين ولائحته التنفيذية.
وشهد الجنيه المصرى عدة تراجعات منذ يوم 20 مارس الماضى انخفاضا من 15.7 جنيه للدولار إلى 19.7 ثم إلى 24.65 ، وكان البنك المركزى اتخذ قرارًا بتحرير سعر الصرف مرتين الأولى فى مارس 2022 والثانية فى أكتوبر 2022.
وأشار «سعيد» إلى أن لوسيط التأمين أيضا دورا ملحوظا فى ذلك من خلال التواصل السريع مع العملاء وحثهم على تعديل وثائقهم وإعادة تقييم أصولهم.
وأوضح أن العملاء الذين لم يعيدوا تقييم أصولهم حتى الآن معرضين لتطبيق شرط النسبية المنصوص عليه فى وثيقة التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه-وسيؤخذ فى الاعتبار عند احتساب التعويض الانخفاض فى قيمة الأصل المؤمن عليه إذ تقوم شركة التأمين بتسوية وصرف التعويض مع تَحَمُل العميل لجزء من قيمة التعويض المستحق الناتج عن الفرق بين قيمة التأمين والقيمة السوقية.
وكشف أن إحجام بعض العملاء عن هذه الخطوة راجع إلى الضغوط الاقتصادية وارتفاع معدل التضخم مما أثر بتغيير الأولويات لديهم وأصبح التأمين يلى أولويات أخرى أكثر أهمية من وجهة نظرهم لتلبية احتياجاتهم المختلفة.
وأكد أن بعض العملاء يظنون أنهم لن يتعرضوا لحوادث كبيرة أو أن خبرتهم فى القيادة قد تقيهم نتائج أخطاء الآخرين فى الطرق وهذا أمر غير صحيح، وهنا يأتى دور شركات التأمين فى زيادة التوعية وأن دور التأمين يظهر جليا ويزداد أهميته فى مثل هذه الظروف.
واعتبر أن التأمين وسيلة وقائية فعالة ضد أخطاء الغير وأى حوادث كارثية قد تؤدى بالأصل المؤمن عليه إلى التلف الكلى والذى يكون وقتها أكثر حدة، حيث إن القيمة المؤمن بها تكون أقل من قيمة الأصل السوقية.
وأوضح أن ذلك يعنى أنه لن يستطيع أن يوفر لنفسه نفس الأصل بنفس المواصفات وأنه لكى ينجح فى ذلك سوف يتكبد توفير مبلغ كبير لتلافى هذا الفرق والذى إذا قورن بفرق القسط عند الزيادة لن يكون هناك مجال للمقارنة.
وأشار إلى أن شركات التأمين بدأت تتوسع فى التعاقد مع الكيانات العاملة فى جدولة الأقساط على دفعات لصالح العملاء، موضحا أن هذا يأتى مراعاة للظروف الاقتصادية الحالية وأن ذلك أصبح دورا رئيسيا للشركات بما يعكس دور التأمين كظهير للاقتصاد الوطنى.
وأضاف أن هناك عدة مزايا لجدولة القسط منها أن العميل سوف يسدد على دفعات شهرية حسب البرامج المقدمة من كل شركة وبالتالى يكون الأمر فى مقدرته حتى عند إعادة تقييم أصوله وتعديل مبلغ التأمين.
وأوضح أن شركة التأمين تستفيد من الحصول على القسط كاملا من الشركات العاملة فى نشاط التقسيط بما يوفر سيولة للأولى ويجعلها قادرة على تقديم خدماتها بجودة عالية وكفاءة وسرعة لعملائها.
واعتبر أن جدولة الأقساط أمر مناسب لعملاء التأمينات الشخصية مثل السيارات والحوادث والمسئوليات وكذلك أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مما يساعدهم فى التمتع بسريان التغطية التأمينية منذ سداد أول دفعة من قسط الوثيقة وأن ذلك يعكس مدى مرونة شركات التأمين فى التعامل مع أى ظرف مؤثر على قرار التأمين لدى العملاء وأيضا إيمانًا منها بدورها كظهير أساسى للاقتصاد الوطنى.
شحاتة: يعظّم أقساط الكيانات

ولفت جمال شحاتة؛ مساعد العضو المنتدب لشركة إسكان للتأمين، إلى أن إعادة تقييم الأصول من آن لآخر له أهميته التى لا يمكن إغفالها بالنسبة للعميل، لا سيما حينما يتعرض الاقتصاد لكبوات، متأثرًا بالمتغيرات العالمية، مما يفرض حزمة من الإجراءات تلجأ إليها الدول المتضررة، تتسق وتلك التحولات التى تقضى بتحرير أسعار الصرف.
وأضاف أن اللجوء إلى ذلك الأمر يظهر الأصول بقيمها الحقيقية ويعزز من الملاءة المالية للمؤسسة، وفقًا للمتغيرات التى طرأت نتيجة ذلك، حيث إنه من الأهمية بمكان إخطار العميل أنه حال تعرض المنشأة لخطر مؤمن ضده لم يعد تقييمه وفقًا لقيمته الحالية؛ سيكون التعويض محسوبًا استنادًا إلى المبالغ المؤمن بها، وسينخفض مقدار التعويض المؤدى.
وأرجع ذلك إلى انخفاض نسبة القيمتين التأمينية مقارنة مع النسبة الحقيقية، إذ كان يتعين لجوء المنشأة إلى تعديل الأخيرة، حيث تؤدى -حال عدم إعادة التقييم وفقًا للقيم الحالية- إلى أثر سلبى فى خفض قدرة المنشأة على استعادة كامل نشاطها، كما كانت قبل تعرضها للحادث.
وأشار إلى أن أكثر الفروع تضررًا بشرط النسبية فى المقام الأول هو «السيارات» ولا يعنى ذلك أن باقى الممتلكات فى مأمن، إلا أنها قد تكون بقدر أقل، ومنها «الهندسية» و«الحريق» فحال تغطية العدد والمعدات والآلات بأقل من قيمها؛ تصطدم المنشأة باستبدالها بقيم مغايرة لما تم التأمين به.
وأكد أنه يجوز تعديل القيم التأمينية أثناء سريان الوثائق دون انتظار مواعيد تجديدها، وذلك الأفضل، لأن الحادث لا ينذر صاحبه بموعد مسبق ولا يدق ناقوسه استئذانًا قبل وقوع الضرر.
وذكر أن إعادة التقييم تتم بواسطة خبير مرخص له من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية بمزاولة مهنته، وقد تكون الأسعار المماثلة بالسوق لأى من الممتلكات هى أحد وسائل القياس، ويكون ذلك من خلال تحديد المؤمن له للقيمة الجديدة أو معاين الشركة المختص، وأصبحت النشرات التوعوية الدورية التى تناشد بها الشركات عملاءها تزيد من استجابة معظم العملاء والمبادرة بالرغبة فى إعادة التقييم، لما فيه من تجنب لشرط النسبية.
وأوضح أن إعادة تقييم الأصول سيؤدى إلى تعظيم الأقساط، مما سيجعل مبالغ التأمين عاكسة لقيم حقيقية، ومن ثم التعويضات، التى ستكون مؤداة بزيادة تتناسب والقيم الفعلية لمنتجات السوق، وبهذا يتحقق هدف التأمين الذى سعى إليه العملاء.
العسكرى: التوعية الدورية تقيهم تطبيق شرط «النسبية»

وأكد الدكتور علاء العسكرى؛ أستاذ التأمين بكلية التجارة بجامعة الأزهر، ضرورة أن تكون مبالغ التأمين المنصوص عليها بالوثائق متناسبة مع قيم الممتلكات الحقيقية، لتجنب تطبيق شرط النسبية، حيث إنه نظرًا للاختلافات المتلاحقة فى المتغيرات الاقتصادية وآثارها الكبيرة على زيادة قيم الأصول المؤمن عليها، جعلت الكثير منها غير متناسب مع مبالغ التأمين المنصوص عليها بالوثائق، والتى جعلها فى ضوء هذه التغيرات غير كافية مما يعرضها لتطبيق شرط النسبية فى حالة وقوع حادث.
وأشار إلى أن مبدأ التعويض من المبادئ القانونية التى تخضع لها عقود تأمين الممتلكات والمسئوليات، إذ تعوض العميل عن خسارته المالية التى أصابته نتيجة تحقق ضرر.
وأوضح أنه من الضرورى أن تكون مبالغ التأمين المنصوص عليها بالوثائق متناسبة مع قيم الممتلكات السوقية تحت يد العميل، لتجنب تطبيق شرط النسبية، وحتى لا يقل التعويض عن الخسارة الحقيقية.
والغرض الأساسى من مبدأ التعويض على عقود الممتلكات -كما صرّح- هو أنه يضع العميل فى مركزه المالى الذى كان عليه قبل تحقق الخطر المؤمن، ما لم يرغب فى التأمين على ممتلكاته بمبالغ أقل من القيم السوقية لها ففى هذه الحالة يحصل على تعويض غير كامل.
ونفى إجراء إعادة التقييم على عقود تأمين الحياة، حيث إن الخسارة المترتبة على حادث الحياة أو الوفاة لا يمكن قياسها، إلا أن ذلك لا يمنع قيام عملاء الحياة بإصدار وثائق تكميلية بمبالغ إضافية لتجاوز انخفاض قيمة الجنيه (عملة الإصدار)، وبمعنى آخر؛ أن الوثيقة الصادرة بمبلغ مليون جنيه مثلًا فى ظل قيمة شرائية للجنيه عند الإصدار ستنخفض قيمتها شرائيًا بعد انخفاض قيمة الجنيه، وعلى النقيض -وللآسف- توجه بعض العملاء فى الفترات الأخيرة إلى تصفية وثائق تأمين الحياة الخاصة بهم.
وأوضح أن التأمين يكون دون الكفاية عندما يكون مبلغ تأمين الوثيقة المدفوع على أساسه القسط أقل من القيمة الفعلية للممتلكات المؤمن عليها، مما يجعل بعض العملاء يتوجهون إلى التأمين بقيم أقل من القيم الفعلية بقصد دفع قسط أقل.
وقد جرت العادة - والكلام ما زال لـ «العسكرى»- أن تترك الحرية للعميل فى تحديد قيمة موضوع الوثيقة، حيث إنه الوحيد من يقرر مقدرته على دفع الأقساط، بينما يميل عند وقوع حادث وتحقق الخسارة إلى المطالبة بقيمة الضرر أيًا تكن، على الرغم من عدم كفاية مبلغ التأمين.
وتابع إنه تنظيمًا للتعويضات فى حالة التأمين دون الكفاية؛ ظهرت قاعدة تتعلق بحساب قيمة التعويض أطلق عليها «النسبية» والتى تنص على أن الحالات التى يكون فيها مبلغ الوثيقة أقل من قيمة موضوعها، فإن العميل يعتبر مؤمنًا لدى نفسه بالفرق، ويتحمل تبعًا لذلك نصيبه من الخسارة، أما فى حالة الخسارة الكلية فإن الشركة ستقوم بتعويض المشترك بمبلغ التأمين المنصوص عليه، وبذلك تنحصر آثار تطبيق شرط النسبية فى استحقاق العملاء لتعويضات أقل من قيمة الخسارة، إثر تحملهم نصيبهم من الضرر، بنسبة الفرق بين مبلغ التأمين والقيمة السوقية.
وأكد على إمكانية تعديل مبالغ التأمين فى أى وقت، سواء أثناء فترة السريان، اعتبارًا من الزيادة التى طرأت على قيم الأصول إلى نهاية الوثيقة، وقد يتم عند التجديد -وذلك يتطلب فى أغلب الأحيان إجراء المعاينة الفنية للأصول- علمًا بأن عدم تعديل مبالغ التأمين انتظارًا لتواريخ التجديد يعرّض العميل لتطبيق شرط النسبية فى حالة وقوع حادث قبل تاريخ التجديد.
وكشف أن أكثر الفروع تأثرًا بتطبيق شرط النسبية هو «السيارات التكميلي» لاحتوائه على كمّ كبير من التعويضات، فالقيم السوقية للمركبات معلومة للجميع، سواء «الأفراد» أو «الشركات» ورغم أن كثيرًا من العملاء لم يستجيبوا لنداءات إعادة التقييم بصفة عامة، إلا أن بعض عملاء نشاط «السيارات» بدأوا الاستجابة لذلك فى الفترة الأخيرة.
وختم بأن عملية إعادة تقييم الأصول وزيادة مبالغ التأمين تؤدى بدورها إلى نمو الأقساط، وبالتالى ارتفاع التعويضات، حيث أصبحت شركات التأمين متحملة جزءًا من الخطر عن كاهل العميل الذى كانت وثيقته -قبلًا- دون الكفاية.
