أكد عدد من الخبراء والمحللين المصرفيين أن القطاع الصناعي هو الأكثر تضررًا من رفع الفائدة بنسبة3 %، وذلك بعد إلغاء مبادرة الـ 8%، يليه قطاع الإنتاج، ثم «المقاولات»، موضحين أن القرار ألقى بظلال وخيمة على القطاع، كما أسهم في رفع التكلفة التمويلية إلى الضعف تقريبًا.
وأضافوا في تصريحات لـ «المال»، أن توافر المادة الخام ومستلزمات الإنتاج هو فرس الرهان في هذه المسألة، وما ينطوي عليه ذلك من توافر العملة الأجنبية.
غير أن بعضهم أفاد بأن هذه المبادرة لم تكن الخيار الأمثل منذ البداية؛ خاصة أن بعض الشركات سلكت طرقًا ملتوية للاستفادة من المبادرة، مشددين على أن رفع سعر الفائدة جزء من التكلفة، وهناك عوامل أخرى ذات صلة منها ارتفاع وتيرة معدلات التضخم، ومن ثم زيادة الأسعار.
العبء التمويلي وتوافر المواد الخام
قال فرج عبد الحميد، نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، إن العبء التمويلي جزء من المشكلة، لكن هناك العديد من العقبات التي تقف حجر عثرة أمام القطاع الصناعي وقطاعات الإنتاج الأخرى بشكل عام.
فرج عبد الحميد: توفر المواد الخام هو العامل الحاسم
وأضاف في تصريحات خاصة لـ «المال»، أن العامل الأساسي في دعم القطاع الصناعي تحديدًا هو توافر المواد الخام، مشددًا على ضرورة منح المواد الخام أولوية مطلقة حين يتعلق الأمر بتدبير العملة الصعبة للعمليات الاستيرادية.
وكان البنك المركزى المصرى قد أخطر البنوك، خلال ديسمبر الماضي، بالتوقف عن منح تمويل أو استخدام جديد فى إطار مبادرة القطاع الخاص الصناعى والزراعى والمقاولات والطاقة الجديدة والمتجددة بسعر عائد %8 على أن يتم سداد رصيد المستخدم فى إطار المبادرة تدريجيًّا وفقًا لآجال التسهيلات الائتمانية المتاحة.
القطاعات الأكثر تضررًا
من جانبه رأى صبري البنداري، رئيس قطاع الاستثمار ببنك فيصل الإسلامي سابقًا، أن القطاع الصناعي خصوصًا الذي كان مستفيدًا من مبادرة الـ %8 هو الأكثر تضررًا بإلغاء هذه المبادرة.
صبرى البندارى: التكلفة التمويلية تضاعفت
وأضاف في تصريحات لـ«المال»، أن التكلفة التمويلية زادت الآن، بعد إلغاء المبادرة، بما يقرب إلى الضعف تقريبًا، لا سيما بعد رفع الفائدة %3.
وقررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصرى فى اجتماعها الخميس 22 ديسمبر 2022 رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 16.25 و17.25 و%16.75 على الترتيب، كما تم رفع الائتمان والخصم بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.75.
وأكد «البنداري» أن المتضرر من رفع الفائدة %3 وإلغاء مبادرة الـ %8، ليس القطاع الصناعي وحده، وإنما قطاعات الإنتاج تأثرت سلبًا هي الأخرى، ناهيك عن قطاع المقاولات والمطورين العقاريين وخلافه.
وأشار إلى أن ارتفاع معدلات التضخم يلقي بظلال وخيمة على قطاعات الإنتاج والصناعة، لا سيما أن هذه المعدلات المرتفعة تؤثر على الأسعار، بما فيها المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.
وأظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن تضخم أسعار المستهلكين في المدن ارتفع إلى 21.3 % في ديسمبر على أساس سنوي مقابل %18.7 في نوفمبر.
مسارات دعم بديلة
أما طارق متولي، الخبير المصرفي، فرأى أن القطاع الصناعي تأثر بالفعل بإلغاء مبادرة الصناعة %8، بيد أنه شدد على أن عدد المستفيدين من هذه المبادرة كان قليلًا بالفعل.
وكان مجلس الوزراء قد أصدر قرارًا بأن تتحمل الجهات المتمثلة فى وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وصندوق دعم السياحة والآثار، أو وزارة السياحة والآثار، ووزارة المالية تكلفة تعويض البنوك عن فرق سعر عائد المبادرات المتعلقة بمبادرة التمويل العقارى لمتوسطى الدخل ذات عائد الـ%8 متناقص، ومبادرة دعم السياحة ذات عائد الـ%11 متناقص، ومبادرة إحلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج ذات عائد الـ%3 عائد مقطوع، ومبادرة التمويل العقارى ذات عائد الـ%3 عائد متناقص، ومبادرة تشجيع طرق الرى الحديث ذات العائد الصفرى.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ «المال» أن هناك الكثير من البدائل التي يتوجب السير فيها بخلاف طرح مبادرات داعمة من قبل البنك المركزي، مؤكدًا أن تسهيل الإجراءات بالنسبة للمستثمرين، وتقليل عدد الجهات الرقابية، وتخفيض الرسوم الضريبية، كلها مسارات بديلة أهم بكثير من طرح مبادرات من قبيل مبادرة الصناعة %8.
وأوضح «متولي» أن هناك الكثير من الشركات الكبرى أسست شركات صغيرة وناشئة من أجل الاستفادة من هذه المبادرة، مشددًا على أن الفائدة جزء من التكلفة، مؤكدًا أن توافر الخامات أهم بكثير من سعر الفائدة.
وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى، قد قال فى وقت سابق، إن المبادرات التى يطلقها مصرفه بفائدة مدعمة تعد أحد الأسباب التى تكبده خسائر فى ميزانياته الأخيرة.
وأطلق البنك المركزي، خلال السنوات الماضية، عددًا من المبادرات بغرض تنشيط أسواق التمويل العقارى ودعم السياحة وتحويل السيارات للغاز الطبيعى، ومبادرات خاصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بمنح التمويلات بأسعار فائدة يدعمها «المركزى» بتحمله الفارق، وهو ما تم التوافق على التوقف عنه وخروج المركزى من هذه المعادلة خلال المفاوضات الأخيرة بين السلطات المصرية ومسئولى صندوق النقد الدولى.
