يتوقع مطورون أن تشهد السوق العقارية فى الفترة المقبلة توجه عدد من شركات التطوير لاختراق أسواق خارجية وإنشاء مشروعات متنوعة، عبر تكوين تحالفات مع كيانات أجنبية، بهدف زيادة حجم الأعمال وتنويع الإيرادات وعدم قصرها على المشروعات القائمة فى مصر، بخلاف استغلال رغبة بعض البلدان المجاورة فى استقطاب الخبرات المصرية.
وانتشرت هذه الظاهرة بشكل واسع بالسوق المصرية، إذ شهد نوفمبر الماضي، توقيع اتفاقية تعاون بين «ماونتن فيو« للتنمية والاستثمار العقارى مع مجموعة عمر قاسم العيسائى الاستثمارية، لنقل خبراتها فى تطوير كبرى المشروعات العقارية المتكاملة إلى أسواق إقليمية مجاورة، فيما درست أكثر من شركة تنفيذ هذه الخطوة.
ويعد ذلك التحالف هو الشرارة الأولى لهذة السمة، التى من المتوقع بشكل كبير أن ترسم مستقبل القطاع العقارى خلال العام القادم، فالشركات بحاجة إلى دعم قيمها البيعية، عبر التوسع بالأسواق الخارجية، بالتعاون مع كيانات أخرى.
وتحدثت «المال» لبعض المطورين العقاريين العاملين بالسوق المحلية حول مدى جدوى هذه الظاهرة، وإلى أى حد سنلحظ توسعها خلال 2023، والذين رجحوا نموها وتوسعها خلال العام المقبل.
وأشادوا بتوجه الشركات المحلية نحو تلك الخطوة التى من شأنها تقلل من حدة المخاطر المحلية، بجانب تدعيم موقفهم المالي، فى ظل أزمة نقص السيولة وضعف الملاءة المالية.
وتسهم تلك الظاهرة فى الترويج الجيد للقطاع العقارى المصرى خارجيًا، وتنويع محفظة مشروعات شركات التطوير المحلية، وتحقيق عائد مناسب للمساهمين.
«حفظ الله»: تسهم فى خلق مورد دولارى بخلاف تعزيز الملاءة المالية وتنويع الإيرادات
بداية، رأى بهاء حفظ الله، رئيس مجلس إدارة شركة عقار مصر للتطوير العقاري، أنها ظاهرة تعود بالإيجاب على المطورين، فمتطلبات السوق فى الوضع الحالى تتمثل بصفة أساسية فى وجود مصداقية لدى الكيانات العاملة به، إذ يسعى المطور من خلالها كسب المزيد من العملاء عبر الإعلان عن الدخول فى تحالفات خارجية جديدة.
وتابع أنه عند وجود شراكة خارجية مع المطور، خاصة إذا امتلك الكيان الخارجى سابقة أعمال جيدة، يعطى ذلك طمأنينة للمستثمر، فالأفضل استثمار الأموال مع شركة ليست معتمدة بالكامل فى تمويلها على السوق المحلية، ولكن أيضًا تستعين بجزء من السوق الخارجية، إضافة إلى عدم تأثرها بشكل كبير بالأوضاع الداخلية»، مضيفًا أنها خطوة قوية لاسترجاع الثقة محليا.
ورجح «حفظ الله» دخول المطورين المحليين فى شراكة مع كيانات عقارية خارجية، خاصة تلك التى تمتلك باعًا طويلًا فى مجال التطوير، علاوة على امتلاكهم ملاءة مالية جيدة، أفضل من تدشين شركة جديدة بمفردهم خارجيًا.
وقال إن دول الخليج على رأس قائمة المناطق التى تشهد زحفًا واسعًا من قبل شركات التطوير المحلية، خاصة السعودية والإمارات وقطر والكويت، وكذلك تلك لديها رغبة فى اقتحام الأسواق المصرية أيضًا.
أما فيما يتعلق بالدول الأجنبية، فما زلنا فى مرحلة بعيدة للالتقاء فى نقطة واحدة، إذ توجد هناك فجوة كبيرة بين طبيعة عمل السوقين المحلية والأجنبية، وكذلك المعايير المطلوبة.
ويتوقع «حفظ الله» نمو هذه الظاهرة بشكل واسع خلال عام 2023، نتيجة الظروف الاقتصادية العصيبة التى تمر بها دولة، من تراجع قيمة العملة، وزيادة تكاليف الاستيراد، علاوة على الحرب الروسية الأوكرانية وتوابعها السلبية على الاقتصاد العالمى والمحلي.
ويقترح قيام وزارة الخارجية ممثلة فى السفارات والملحق الدبلوماسى بجمع المعلومات المهمة عن الأسواق الخارجية المستهدفة من قبل المطورين المحليين، إلى جانب عقد لقاءات مع شركات التطوير العقارى المحلية والخارجية لعرض الفرص الاستثمارية بكلتا السوقين، إضافة لبحث أوجه التقارب التى من شأنها أن تؤدى لإطلاق كيانات مشتركة جديدة.
واتفق أحمد فكري، رئيس مجلس إدارة شركة كونتكت للتطوير العقاري، مع بهاء حفظ الله فى أن انتشار هذه الظاهرة يمثل منفعة عامة للاقتصاد المحلى من ناحية توفير العملة الصعبة، فى ظل ما يواجهه الجنيه من تراجعات متتالية فى قيمته، إضافة إلى وجود صعوبة فى تدبير المواد المستوردة، وارتفاع تكاليف المواد الخام والغزو الروسى الأوكراني.
وأشار «فكري» إلى أن عقد شراكات بين كيانات التطوير بالداخل مع نظرائها بالخارج يحدث فائضًا بشكل جزئى فى العملات الأجنبية، ويثبت جدارة القطاع العقارى بالسوق.
وأكد «فكري» نمو تلك الظاهرة وبشكل سريع خلال العام المقبل، لافتًا إلى أن عملية إتمام شراكات بين شركات التطوير بالسوق المحلية والخارجية لاختراق أسواق جديدة ستكون بمثابة سمة القطاع العقارى المصرى خلال الفترات المقبلة.
وأضاف أن معظم اهتمامات معظم المطورين الخارجيين تتركز فى إنشاء مشروعات تجارية إدارية، إذ هناك طلب مرتفع على تلك النوعية من الوحدات.
«الشناوي»: «الخليجية» على رأس قائمة الدول المهتمة والمناسبة لتنفيذ الفكرة
وعلى صعيد متصل، أوضح أحمد الشناوي، رئيس مجلس إدارة شركة أدفا للتطوير العقاري، أن قيام شركات تطوير عقارى مصرية بالدخول فى شراكات مع كيانات عقارية خارجية يبلور بشكل واضح الهدف الحادى عشر من أهداف التنمية المستدامة ألا وهو عقد الشراكات.
وتابع أن انتشار تلك الظاهرة فى السوق المصرية يمثل حالة صحية للأسواق، إذ يسهم فى تسريع معدلات نمو الاقتصاد، والحفاظ على أداء الشركات بوجه عام.
ويدعو «الشناوي» شركات التطوير العقارى العاملة بالسوق المصرية للدخول فى شراكات مع كيانات خارجية، خاصة تلك التى تتبع الجهة الحكومية بالدولة المستضيفة، لما لها من مزايا تعود بالإيجاب على المشروعات المشتركة بينهم، منها تسهيل عملية الإجراءات ومنح تيسيرات، وتوفير ملاءة مالية جيدة.
وفيما يتعلق بأفضل الواجهات الاستثمارية التى يحبذ اختراقها المرحلة المقبلة، أشار إلى أن دول البحرين وعمان والإمارات والسعودية على رأس الدول من حيث التشابه فى الثقافات بجانب وجود حوار مشترك بين تلك الجهات والحكومة المصرية.
ولفت إلى أن المشروعات السكنية تستحوذ على غالبية طلب المستهلكين بالدول الخارجية، فما زالت الحصان الرابح بين نوعية الوحدات الأخرى.
وأفاد «الشناوي» بأن القطاع العقارى المصرى يمتلك جاذبية كبيرة بالنسبة لمطورى الخارج، خاصة بعد تدشين الحكومة للعديد من المشروعات القومية، وإحداث طفرة عمرانية بجميع بقاع الدولة، علاوة على إطلاق مشروعات الإسكان الاجتماعى والمتوسط والفاخر، وهو ما يضع مصر على رأس الأسواق الأكثر جاذبية بمنطقة الشرق الأوسط.
جدير بالذكر أن «ماونتن فيو« للاستثمار العقارى وقعت منذ فترة اتفاقية تعاون مع مجموعة عمر قاسم العيسائى الاستثمارية لتدشين شركة مشتركة فى مجال التشييد والبناء والتطوير العقارى بمعايير عالمية، وتطوير مشروعات عمرانية متكاملة ومنتجعات سياحية فى السعودية.
وتسعى تلك الاتفاقية لتحقيق التعاون وتبادل الخبرات بين الشركتين فى المجال وإيجاد فرص تطوير مشروعات سكنية مميزة ومبتكرة، والتى تضم التطوير العقارى والمشروعات السكنية ومراكز للتسوق والضيافة وتقديم الدعم لترويج الاستثمار داخل المملكة.
وذكر محمد العيسائي، عضو مجلس إدارة مجموعة العيسائى القابضة، أن هذه الاتفاقية هامة كونها متوافقة مع التوجهات العقارية الجديدة فى المملكة، والتى تعد من أهم الأسواق العالمية المستقبلية الواعدة من بين العديد من القطاعات الحيوية، والتى ستسهم فى تطوير مجالات جديدة للنشاط الاقتصادى وخلق فرص عمل، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية للمساهمة فى دعم أهداف رؤية 2030 لزيادة نسبة التملك للوحدات السكنية إلى %70 خلال العشرة أعوام المقبلة.
فيما قال عمرو سليمان، رئيس ماونتن فيو إن استراتيجية شركته تتضمن التوسع فى الأسواق المجاورة، لنقل تجربتها الناجحة فى إنشاء مشروعات عمرانية متكاملة قائمة على تطبيق «علم السعادة» لأول مرة بمنطقة الشرق الأوسط، بهدف تحقيق الريادة فى قطاع التطوير العقارى المصرى.
وأضاف أن «ماونتن فيو« نجحت على مدار تاريخها الممتد لأكثر من 17 عامًا فى تطوير 15 مشروعًا عمرانيًا متكاملًا فى مختلف مناطق التنمية فى مصر، والتى حازت على ثقة الآلاف من العملاء بفضل ما تتميز به من تصاميم مبتكرة ومميزة.
كما قال المهندس أحمد شلبي، الرئيس التنفيذى لشركة تطوير مصر، إن شركته لديها رغبة لدخول السوق السعودية فى أقرب وقت ممكن، وبحث فرص الاستثمار بها، باعتبارها واعدة جدًا فى ظل المنظومة الجديدة التى تتبناها المملكة بخصوص التمويل العقاري، تزامناً مع توافر فرص استثمارية كبيرة.
وتابع أنه فى الفترة الأخيرة دشنت «تطوير مصر» منظومة متكاملة لتطوير القطاع العقارى تضمن تلافى جميع المشكلات التى تعثرت بها الدول الأخرى، من خلال دراسة جميع نماذج الدول الأخرى، ومحاولة تفادى أى منغصات حلت بها.
وقال «شلبى» إن الذهاب للأسواق الخارجية يدخل تحت بند ملف تصدير العقار، من خلال تطبيق المعرفة والخبرات الخاصة بالشركات المصرية فى قطاع التطوير العقارى الخاص بالبلد الخارجية، والتى سينجم عنها أرباح ستؤول للدولة المصرية.
وأكد وجود ترحيب واسع من قبل السعودية بالشركات المصرية العاملة فى مجال التطوير العقاري، لنقل خبراتها وتجربتها الفريدة التى ساهمت فى حدوث النهضة العمرانية الشاملة.
