شهدت الأسواق، أمس، تغيرات دراماتيكية، على خلفية طرح بنكى «الأهلى» و«مصر» شهادات ادخار بعائد 25% يصرف سنويًّا، أو 22.5% بشكل شهري، أعقبها تحرك أسعار صرف الدولار ليتجاوز 26 جنيهًا فى البنوك، وهو ما أربك أوضاع القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وتباينت آراء مجتمع الأعمال حول تأثير تلك التغيرات على وضع الأسواق المختلفة، سواء بالإيجاب أو السلب حسب كل قطاع على حدة.
وهبطت البورصة المصرية فى بداية تعاملات اليوم بنحو 3% قبل أن تتماسك مع صعود سعر الدولار، لتعوض خسائرها الصباحية مسجلة مستويات تاريخية لمؤشراتها ورأسمالها السوقي.
وانقسمت آراء الخبراء والمحللين حول تلك التغيرات، فمنهم من يرى أنها تساعد على تحجيم السوق الموازية للدولار وتعمل على تعزيز الصادرات عبر اكتساب المنتجات المحلية ميزة تنافسية، فيما قال آخرون إن الأسواق بانتظار موجة تضخمية جديدة، متوقعين زيادة أسعار عدد كبير من السلع تأثرا بالعملة الخضراء.
وتوقفت حركة البيع والشراء فى عدد من الأسواق انتظارًا لإعلان أسعار جديدة فى بعض المنتجات؛ ومنها السيارات والعقارات، فيما تترقب السلع الغذائية ارتفاعات كرد فعل لتحرك العملة.
وتوقع مصدر مصرفى أن ترتفع الفائدة على شهادات الادخار فى البنوك المحلية ما بين 1 إلى %2 حسب الملاءة المالية لكل منها، وذلك بعد طرح «الأهلى المصرى» و«مصر» شهادات بعائد سنوى %25.
وأعلن بنكا «مصر» و«الأهلى» طرح شهادة ادخارية بفائدة %25 مدتها عام واحد تصرف بنهاية المدة، أو %22.5 تصرف شهريا.
وأضاف المصدر لـ«المال» أن الزيادة فى سعر العائد لن تتخطى الـ%2 مشيرًا إلى أن العملاء سيتخوفون من كسر شهاداتهم الادخارية السابقة واستبدالها بأخرى ذات عائد أعلى.
من جانبه، قال طارق الخولي، رئيس مجلس إدارة بنك saib، إن طرح شهادات مرتفعة العائد يتوقف على انعقاد لجنة الأصول والخصوم «الألكو»، خلال الفترة المقبلة، التى ستنظر فى أسعار الفائدة على شهادات وقروض الأفراد، موضحا أن تحديد معدل العائد مرتهن بدراسة كل بنك للوضع الحالي.
وقال وليد ناجي، نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى، إن طرح شهادات الـ%25 لن يكون ذا أثر ملحوظ على البنوك، لافتًا إلى أن هذه الخطوة لن تؤثر على ربحية القطاع بشكل عام.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«المال» أن البنوك ما زالت تحقق معدلات ربحية مرتفعة، وسبق لها مواجهة تحديات عدة، واجتيازها بنجاح.
وأشار إلى أن مصرفه مازال يدرس إمكانية طرح شهادات ادخارية جديدة بعائد مرتفع، مبينًا أنه ليس فى مقدور كل البنوك تقديم عوائد مرتفعة على الأوعية الادخارية على غرار «الأهلى» و«مصر».
واستبعد هانى جنينة، الخبير الاقتصادى والمحاضر بالجامعة الأمريكية، أن يمثل طرح بنكى «الأهلى» و«مصر» شهادة ذات عائد %25 ضغطًا على البنوك الأخرى.
وأضاف أن العوائد المرتفعة لا تشكّل عبئًا على البنوك، موضحًا أن كل منها لديه هيكل تكاليف معين يسير فى إطاره.
وأوضح «جنينة»، أن التكلفة فى القطاع المصرفى تتوزع وفق ثلاثة أضلع: الشهادات، والودائع لأجل محدود، وذات الفائدة المرتفعة، ويتم طرحها للشركات بعوائد تتراوح بين 7 إلى %8 وأخيرًا الودائع الجارية والادخارية.
وأكد أن الشهادات ذات العوائد المرتفعة لا تشكّل سوى جزء ضئيل من هيكل التكاليف، وإن كان هامش ربح البنوك من خلالها ضعيفًا، موضحًا أن متوسط تكلفة هذه الشهادات على القطاع المصرفى يصل إلى %15 فقط.
أما هيثم عادل، مسؤول قطاع الخزانة فى بنك التنمية الصناعية، فرأى أن البنوك الأخرى لا تستطيع مواكبة العوائد الجديدة التى طرحها بنكا «الأهلى» و«مصر».
وأضاف أنه من العسير الجزم بالخطوات التى تتخذها البنوك عقب طرح شهادات الـ%25، موضحًا أن الأمور قد تتضح فى القريب العاجل.
