تلوح أمام الأسواق الناشئة فرصة استراتيجية لبناء نظم تعاون مالى مستقلة من شأنها فتح الطريق أمام التبادل التجارى بالعملات المحلية، والاستغناء تدريجيا عن الدولار، وبالتالى التخفف من الضغوط التى يسببها شح العملة الأمريكية فى خزائن البنوك المركزية.
وحسب وانج يومنج مدير معهد الدول النامية التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية، فإن غالبية اقتصادات الأسواق الناشئة عانت من أزمات معقدة منها نقص الغذاء وأزمة الطاقة وارتفاع التضخم وارتفاع معدلات البطالة، مشيرا إلى أن تضافر هذه المشاكل الاقتصادية أدى إلى حدوث اضطرابات سياسية فى بعض الاقتصادات.
وفى تقرير نشرته صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية، أوضح يومنج أن الاقتصادات العالمية عانت من جائحة كوفيد -19 وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، لكن ثمة “سبب مشترك” وراء أزمات الاقتصادات الناشئة بشكل خاص، وهو رفع بنك الاحتياطى الفيدرالى لأسعار الفائدة وما تلا ذلك من هروب رأس المال وانخفاض قيمة العملة فى العديد من الاقتصادات النامية.
وبحسب التقرير، فإنه فى مواجهة الضبابية الاقتصادية العالمية وإعادة هيكلة سلاسل الصناعة والقيمة العالمية، ستستمر معظم البلدان النامية فى مواجهة الضغوط فى عام 2023.
وقال التقرير إنه سيتعين على العديد من الاقتصادات الناشئة الاستمرار فى مواجهة التضخم، وإذا لم يتم حل النزاع العسكرى بين روسيا وأوكرانيا على المدى القصير، فقد تستمر أزمة الغذاء وأزمة الطاقة فى العالم، مما سيزيد من ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا.
ورغم أن بعض بلدان أمريكا اللاتينية أقل تأثراً كونها مصدرة للسلع الأساسية، لا تزال البلدان النامية بشكل عام معرضة لخطر ارتفاع التضخم، إضافة إلى نقص خطير فى الغذاء والطاقة فى عام 2023.
الاستغناء عن الدولار
وفى مواجهة تأثير ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، بحسب التقرير، يصعب الحفاظ على عملات الدول النامية دون انخفاض لذا سيتوجب مجابهة الوضع الجيوسياسى والاقتصادى الدولى المعقد، حيث يعتبر تعزيز التعاون المالى بين البلدان النامية طريقة فعالة لمواجهة المخاطر فى عام 2023.
وبحسب التقرير، فإنه رغم أن هيمنة الدولار الأمريكى ستستمر على المدى القصير، فإن هذا لا يعنى أن الدول الأخرى يجب أن تقف مكتوفة الأيدى فى مواجهة المخاطر الناجمة عن تشديد السياسة النقدية الأمريكية.
وأوضح التقرير أن سبب احتفاظ الدولار الأمريكى بمكانته كعملة قوية يرجع إلى أنه مدعوم بالقوة الاقتصادية للولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن الإجراءات غير المسؤولة من قبل الولايات المتحدة تقوض مصداقية العملة، بحسب التقرير.
وأشار إلى أن الدول الناشئة أمامها حاليا فرصة استراتيجية لإنهاء الدولرة، وفى هذا السياق، يجب على اقتصادات الأسواق الناشئة تعزيز التعاون المالى وتعزيز عملية إزالة الدولرة.
ووفقا للتقرير، إذا استمرت البلدان فى الاعتماد بشكل كبير على الدولار الأمريكي، فسوف تتعرض اقتصاداتها للاضطراب والمخاطر لفترة طويلة.
ويمكن للبلدان النامية تعزيز مبادلة العملات المحلية فى المعاملات التجارية بينها، وعلى سبيل المثال من الممكن زيادة استخدام اليوان الصينى فى التجارة الدولية، وبهذه الطريقة، يمكن تجنب الخسارة الناتجة عن تقلبات أسعار صرف العملات مقابل الدولار الأمريكى.
ومن خلال استخلاص الدروس من تجربة روسيا المتمثلة فى منعها من نظام سويفت، ينبغى على اقتصادات الأسواق الناشئة بناء آلية معلوماتية للتعاملات المالية والعملات الخاصة بها.
وينبغى للدول الدائنة أن تواصل تقديم ترتيبات لتخفيف عبء الديون عن الاقتصادات الأكثر فقرا التى تواجه ضائقة شديدة من الديون، وفقا للتقرير.
