يبدو أن التنبؤ بالعام الجديد صعب بالنظر إلى الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية التى شهدها العالم فى عام 2022 إلا أن بعض التوقعات التكنولوجية خلال العام الجارى بدأت تلوح فى الأفق .
وشهد العام الماضى حضورا طاغيا لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى «Artificial intelligence » وتقنية الميتافيرس «metaverse » بالإضافة إلى تراجع فى أسعار العملات المشفرة وسط فضائح وضغوطات اقتصادية، كما شهد قطاع التكنولوجيا تخفيضات جماعية فى عدد الوظائف القائمة
ومن المتوقع أن تسمح تقنيات الذكاء الاصطناعى و«بلوكتشين» بإنشاء أنماط جديدة من «الحياة الافتراضية» بعد الموت ، كما سيكون الذكاء الاصطناعى عاطفيا وتفاعليا بشكل أكثر؛ إذ سيكون هناك واقع افتراضى مدمج مع الحواس المتعددة، وبالتزامن مع ذلك ستلعب الروبوتات أدوارا شبيهة بالبشر؛ إذ أنه من المنتظرأن تتطور قدرتهم على التحدث والترفيه والصداقات والانخراط فى محادثة طبيعية.
وبحسب مؤسسة الأبحاث التسويقية « جارتنر “ فإنه من المرجح وصول حجم الإنفاق على تقنية المعلومات عالميا إلى قرابة 4.6تريليون دولار خلال 2023 بنسبة زيادة تصل إلى 5.1 % عن 2022 .
وسلط موقع «يورونيوز» الأوروبى الضوء على ما يمكن أن يشهده العالم فى قطاعى التكنولوجيا والعملات المشفرة خلال العام الجارى.
الذكاء الاصطناعي
جاء الذكاء الاصطناعى على رأس التوجهات التكنولوجيا التى سيكون لها بصمة قوية فى 2023 خاصة مع ابتكار روبوت المحادثة الشهير« ChatGPT» من قبل مؤسسة «OpenAI» التى أنشأها الملياردير الأمريكى إيلون ماسك، وتخضع للرقابة الذاتية وتقوم بإنشاء نص بناء على طلب المستخدم ، كما يستطيع الروبوت كذلك الإجابة عن أى تساؤلات كما يفعل الشخص الطبيعى .
وأكد أجاى تشودرى ، العضو المنتدب والشريك الأول فى مؤسسة «بوسطن كونسالتينج جروب» Boston Consulting Group أن الذكاء الاصطناعى سينتهج خطوات كبيرة فى 2023 موضحا أن «ChatGPT » يستطيع كتابة المقالات.
وعلق تشودرى قائلا: «سنرى أن تطبيق التكنولوجيا الجديدة سيحدث تغييرا جذريا فى الكثير من الصناعات وعلى رأسها الإعلام، كما يغير جذريًا الكثير من الصناعات، خاصة الإعلام إذ سيجعل الكثير من الشركات تولى اهتماما ملحوظا بالتركيز على الإبداع والموهبة» .
ميتافيرس metaverse
شهد العام الماضى جدلا واسعا حول مستقبل شركة ميتا( فيسبوك سابقا ) بعدما كشف المؤسس والرئيس التنفيذى لها مارك زوكربيرج عن عالم الواقع الافتراضى الجديد ( ميتافيرس) فى الوقت ذاته أعرب مساهمو الشركة عن استيائهم الشديد من التطورات الجديدة الأمر الذى أدى إلى تراجع أسهمها بأكثر من 65 % فى 2022 علاوة على قرار «ميتا» تسريح نحو 11 ألف موظف دفعة واحدة خلال نوفمبر المنصرم .
و قال تشودرى: «كان ميتافيرس هو الرهان الكبير الذى أعتقد أن الكثير من الناس فى قطاع التكنولوجيا قرروا القيام به، وخاصة زوكربيرج».
وأكد أن انتشار التطورات التكنولوجية يستغرق وقتا أطول بكثير مما نتوقع، الأمر الذى ينطبق على تقنية الميتافيرس، قائلا : هناك عوالم افتراضية أخرى جديدة يمكن للمستهلكين التوجه إليها أو استخدامها فى أغراض تعليمية وتدريبية .
المشكلات الاقتصادية للقطاع
لم تؤثر التخفيضات فى الوظائف على شركة «ميتا» فحسب، بل ضربت عمالقة التكنولوجيا الآخرين مثل «آمازون» و«تويتر» و«لايفت».
وقال «تشودرى» إن قطاع التكنولوجيا فى الولايات المتحدة لعب دورا كبيرا خلال المرحلة الماضية فى خلق وظائف جديدة ، إلا أن الشركات بدأت مرحلة تقييم شاملة لنتائج أعمالها أسفرت عن خفض الوظائف نتيجة الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة والتى دفعت الشركات للتأكد من أن أسواقها تتباطأ وأنها بحاجة لخفض النفقات من بينها تسريح العمالة .
ورأى أن هذه التغييرات قد تكون فرصة جيدة للشركات التكنولوجيا الصغيرة أو المتخصصة فى توظيف المواهب، معتبرا أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ساهمت فى تلقى أوروبا ضربات موجعة مقارنة مع أى مناطق أخرى حول العالم لاسيما مع زيادة نسب التضخم العالمية وارتفاع أسعار الطاقة وسط ترجيحات بانخفاض معدلات الاستثمار فى الشركات الناشئة والابتكار.
وتوقع أن تشهد العشر سنوات المقبلة تركيزا كبيرا على تكنولوجيا الحوسبة الكمية التى تعتمد على معالجة البيانات والروبوتات العاملة بتقنية الذكاء الاصطناعى مقارنة مع العقدين الماضيين.
العملات الرقمية
شهدت أسعار العملات المشفرة عالميا خلال العام الماضى صدمات عنيفة خاصة مع انهيار ثالث أكبر بورصة لها «FTX» يديرها رجل الأعمال الأمريكى سام بنكمان فرايد إذ خسرت أكثر من 1.4 تريليون دولار من حيث القيمة.
وقال سامانثا ياب، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة «ياب جلوبال» YAP Global، للاستشارات الدولية فى مجال العلاقات العامة والاتصالات: «لقد كان 2022 عام اختبار لقطاع العملات المشفرة وتقنية الويب 3 إذ شهدت الأسواق جولة مضطربة مع صعود وسقوط «FTX» والتمويل اللامركزى (DeFi)».
ورأى «سامانثا» أن العام الماضى شهد نموًا فى النظم البيئية متعددة السلاسل، مما يعنى أنه لا يتعين على المستخدمين التبديل بين الشبكات عند إجراء المعاملات من خلال عدة سلاسل فى وقت واحد.
وتابع: «الشيء الواعد بشأن نمو هذه الأنظمة البيئية هو التركيز على التكنولوجيا والتطبيقات التى يمكن أن تتيحها وهو الجزء الأكثر إثارة للاهتمام فى صناعة التشفير».