ذكرت وكالة بيزينس ستاندرد أن أسعار أسهم علي بابا جروب وتينسينت هولدينج؛ أكبر شركتى إنترنت فى الصين ؛ قفزت بأكثر من 20% فى ختام تعاملات الخميس بعد إجراءات من حكومة بكين .
وأعلنت لجنة FSDC أن حكومة بكين تنفذ تدابير قوية لانتعاش الأسواق المالية وتعهدت بتخفيف القواعد التنظيمية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ودعم شركات التكنولوجيا لدفع عجلة الاقتصاد.
لجنة «FSDC»: الاستثمارات الأجنبية فى التكنولوجيا قفزت في بكين 42.7% و16% خلال يناير وفبراير الماضيين
وأعلن ليو هى، رئيس اللجنة الصينية للاستقرار المالى والتنمية FSDC، فى تقرير حديث، أن الاستثمارات الأجنبية فى صناعات التكنولوجيا الفائقة والخدمات المرتبطة بها قفزت بما يقرب من 42.7% و16% خلال الشهرين الماضيين، مقارنة بيناير وفبراير من العام الماضى.
كانت وزارة التجارة الصينية قد أكدت، فى بداية العام الحالي، أن الاستثمارات الأجنبية فى الصين حققت نموًّا بنسبة 14.9% خلال 2021 لتتجاوز 1.15 تريليون يوان (حوالى 182 مليار دولار أمريكي) بقيادة صناعات التكنولوجيا الفائقة بحوالي 17 مقارنة بمثيلتها خلال عام الوباء الأول.
مكاسب المؤشرات الصينية
وأعدّ تقرير ليو هى نائب رئيس الوزراء والمستشار المباشر للرئيس شى جينبينج وكبير مخططى الاقتصاد فى البلاد على ارتفاع مؤشرات الأسواق المالية الصينية أمس؛ ومنها مؤشر HSCEI للشركات الصينية المدرجة فى بورصة هونج كونج بحوالى 12.5% مؤشر CSI 300 الصينى بنسبة تجاوزت 4.3%، ومؤشر هانج سينج الهونج كونجى بأكثر من 9%.
ويرى خبراء الاقتصاد أن التطور التكنولوجى للشركات الصينية سسهم فى تدفق الاستثمارات الأجنبية للبلاد مما يؤدى إلى النمو السريع للاقتصاد المحلى، لتؤكد الإحصائيات فى أحدث تقرير عمل لحكومة بكين أنها تستهدف نموًّا سنويًّا بنسبة %5.5 هذا العام ليتفوق على أى اقتصاد رئيسى آخر فى العالم ليجعل الصين أكثر جاذبية للمستثمرين.
ساهم قطاع التكنولوجيا الفائقة فى نمو الاقتصاد بسرعة كبيرة وارتفاع الحجم الإجمالى لتجارة البضائع الصينية ولاسيما المنتجات الإلكترونية بحوالى 21.4 % خلال العام الماضى ليتجاوز 39 تريليون يوان (حوالى 6.2 تريليون دولار أمريكي) ليسجل مستوى قياسيا جديدا.
انتعاش الصادرات التكنولوجية
وفى المقابل تطمح شركات تكنولوجية أخرى مثل هواوى العملاقة المتخصصة فى الموبايلات السمارت والجيل الخامس 5G، وشركة تينسنت التى تنتج ألعاب الفيديو على الانترنت، وشركة فوكسكون التايوانية العملاقة التى لها مصانع فى مدينة شينجين الصينية والمورد الرئيسى لشركة آبل الأمريكية للكمبيوترات والموبايلات المتطورة للغاية،وشركة نيتاك التى تنتج محركات الأقراص الصلبة وبطاقات الذاكرة لتجاوز نسبة 50 % من صادرات المنتجات الإلكترونية والميكانيكية.
وجاء فى بيانات أصدرتها الهيئة الوطنية الصينية للإحصاء أن حجم الاستثمار فى الأصول الثابتة بالصين ارتفع بنسبة 12.2 % خلال أول شهرين من هذا العام ليبلغ حجم الاستثمار فى الأصول الثابتة حوالى 5.076 تريليون يوان ( 796.16 مليار دولار أمريكي)،بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، وزيادة الاستثمار فى البنية التحتية والتصنيع 8.1 % و 20.9 % خلال يناير وفبراير الماضيين على التوالى.

تخفيف القواعد
ومع قيام حكومة بكين بتخفيف قواعد الاستثمار الأجنبى فإنها تفتح اقتصادها بشكل تدريجى مما يحقق الكسب المشترك لكل من الصين والمستثمرين الأجانب ويجعل الشركات الصينية تتنافس بقوة خلال عملية الانفتاح مما يساعد على تهيئة بيئة أكثر ملاءمة للاستثمار الأجنبى فى البلاد.
ويعتقد المحللون أن الإجراءات الصارمة التى تطبقها حكومة بكين لمواجهة جائحة كوفيد- 19 أثبتت فعاليتها فى حماية صحة الشعب ووالحفاظ على اقتصاد البلاد، حيث يتفوق الكسب من العمليات الطبيعية للإنتاج والاستهلاك على التكاليف الناجمة عن جهود السيطرة على الوباء ليسجل الاقتصاد الصينى انتعاشا قويا فى الشهرين الأولين من العام الجارى، مما يمثل بداية جيدة لعام 2022 لتشعر الصين بأنها واثقة بأنه لديها الظروف الضرورية لتحقيق أهدافها الاقتصادية التى حددتها للعام الجارى.
وتحسنت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية فى الفترة ما بين يناير وفبراير الماضيين مع تسجيل المؤشرات الرئيسية للانتاج والطلب نموا قويا على أساس سنوى ليرتفع الناتج الصناعى ذو القيمة المضافة ومبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية بنسبة 7.5 % و6.7 % على التوالى بالمقارنة بنفس الشهرين من العام الماضى.
ازدهار قطاع الخدمات
ساهمت عطلة عيد الربيع وأولمبياد بكين الشتوية 2022 فى انتعاش قطاع الخدمات، وزيادة الطلب على خدمات تقديم الطعام والسكك الحديدية والنقل الجوى، بالإضافة إلى الفعاليات الثقافية والترفيهية.
و ضخ البنك المركزى الصينى 200 مليار يوان (حوالى 31.37 مليار دولار أمريكي) إلى السوق من خلال القروض متوسطة الأجل كجزء من الجهود الرامية للحفاظ على السيولة.
كما أعلن البنك المركزى عن تدابير جديدة منها تخفيض نسبة الاحتياطى للمؤسسات المالية ونسبة الفائدة لتحفيز ثقة المستثمرين، وتعزيز الطلب لدفع المزيد من النمو للاقتصاد ومواجهة الانكماش وصدمات العرض،وضعف التوقعات ليواصل الاقتصاد الصينى مسيبرة الانتعاش، بما يمتلكه من مرونة وإمكانات يحتل بها مكانة رائدة فى النمو الاقتصادى العالمى وسط تفشى الجائحة منذ ظهور الوباء فى بداية عام 2020.
استمرار الاستثمارات الأجنبية
وأكد العديد من المحللين أن الاستثمارات الأجنبية فى بكين ستظل قوية خلال العام الحالى بفضل أسواقها المحلية الضخمة وقاعدتها التصنيعية القوية التى تجذب المستثمرين الأجانب، لا سيما فى قطاعات إدارة الثروات والطاقة الجديدة والتكنولوجيا الفائقة، برغم أن العالم مازال يكافح مخاطر فيروس كورونا الذى تسبب فى وفاة 6 ملايين ضحية، وإصابة أكثر من 261 مليون مواطن حول العالم حتى الآن.
كما تواصل الفرص التى تتيحها تنمية الصين وسوقها فى الاضطلاع بالدور الداعم للاقتصاد العالمى الذى يمر بحالة من النمو البطئ بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التى رفعت معدل التضخم لمستويات قياسية للعديد من السلع الخام مثل البترول والقمح والمعادن النفيسة والصناعية والمنتجات الغذائية.
تدابير مبتكرة
وقدمت بعض الحكومات المحلية تقارير مبتكرة لحكومة بكين لبناء سوق محلية قوية وابتكار محركات نمو جديدة ودفع الإنفاق الاستهلاكى وجذب الاستثمارات الأجنبية لمواصلة تنشيط التنمية عالية الجودة وتعزيز الانفتاح فى البلاد هذا العام، ولاسيما بعد ظهور سفراء أجانب لدى الصين ساعدوا على تنشيط فعاليات التجارة الإلكترونية بالبث المباشر للترويج لمنتجات بلدانهم، والتى بيعت فى غضون دقائق فى مناسبات عديدة العام الماضى وهذا العام.
وتعتزم حكومة بكين تنفيذ تدابير جديدة للحفاظ على استقرار التجارة الخارجية والاستفادة بشكل أكبر من الاستثمار الأجنبى، ودفع التعاون العالى الجودة، وتعميق التعاون الاقتصادى والتجارى الثنائى والمتعدد الأطراف،منها مراعاة التنفيذ الكامل لنظام القائمة السلبية للسماح للاستثمارات الأجنبية بالنفاذ إلى السوق المحلية، وضمان تمتع جميع الشركات ذات الاستثمارات الأجنبية بالمعاملة الوطنية.
ومن المقرر أن تساعدد الصين الشركات الأجنبية على الدخول إلى نطاق أوسع من القطاعات، من خلال تدعيم المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى الصناعة التحويلية المتوسطة والراقية، والبحوث والتطوير، والخدمات الحديثة وتعزيز الخدمات لزيادة هذه الاستثمارات وتسريع إطلاق مشروعات كبيرة ذات تمويل أجنبى.
تطوير مناطق التجارة الحرة
تتخذ حكومة بكين خطوات قوية لتطوير مناطق التجارة الحرة التجريبية، ومنها تطوير وتحديث ميناء هاينان للتجارة الحرة، وتعزيز الإصلاح والابتكار فى مناطق التنمية الاقتصادية، وتحفيز تنمية مناطق التخزين الجمركى المؤقت المتكاملة، وإطلاق المزيد من التجارب حول الانفتاح الموسع لقطاع الخدمات حيث تتميز الصين ببنية تحتية فائقة التطور لتصبح نقطة جذب كبيرة للاستثمارات الأجنبية.
وباتت الصين أكبر شريك تجارى للدول العربية، حيث حافظت التجارة الصينية العربية على نمو مستمر رغم تأثير جائحة كوفيد- 19، وازدهر الاستثمار المتبادل بين الجانبين، من خلال استمرار تعميق التعاون الثنائى كما وكيفا فى مجال البنية التحتية.
كما شكل التعاون والتضافر الصينى والعربى فى مكافحة الوباء وحماية أرواح المواطنين نموذجا عالميا مع توفير اللقاحات والأدوية وسط جهود الطرفين المشتركة لدفع عجلة الإنتاج وإنعاش الاقتصاد فى ظل الوباء، ونجاح التدابير الصينية فى احتواء الفيروس واستئناف الإنتاج التصنيعى بشكل سريع وتحوله إلى المنصات التجارية الالكترونية الجديدة بتشجيع من السلطات المحلية.

حرب تكسير العظام ضد بكين
ومع ذلك تواجه الصين حربا تجارية شديدة من الولايات المتحدة، منها إعلان وزارة التجارة الصينية فى فبراير الماضى تمديد الولايات المتحدة للرسوم الجمركية على منتجات الطاقة الشمسية مما يشوه التجارة الدولية، ويعرقل تطوير طاقة نظيفة منخفضة الانبعاثات،بعد أن قرر الرئيس الأميركى جو بايدن تمديد الرسوم الجمركية التى فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على واردات معدات الطاقة الشمسية لمدة أربعة أعوام.
لكن بايدن خفف الشروط لاستثناء الألواح ثنائية الوجه التى تولد الطاقة على كلا الجانبين لأنها تستخدم أساسا فى المشاريع الأميركية الكبيرة.
الصراع بين بكين وواشنطن
وأصرت حكومة الولايات المتحدة على تمديد إجراءات المادة 201 على الرغم من المعارضة القوية من الأطراف المعنية فى الداخل والخارج، لأن هذه الإجراءات لا تساعد فى التنمية القوية للصناعة المحلية فى الولايات المتحدة كما تشوه النظام الطبيعى للتجارة الدولية فى الخلايا الكهروضوئية باعتبارها منتج جديد للطاقة.
وتأمل حكومة الصين فى أن تتخذ واشنطن إجراءات ملموسة لتسهيل التجارة الحرة فى منتجات الطاقة الجديدة والمساهمة فى التنمية العالمية لاقتصاد أقل انبعاثا للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى.

تكاليف الطاقة الشمسية
ارتفاع تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية أدت إلى زيادة أسعار المواد الخام وتفاقم أزمة سلاسل التوريد العالمية، مما يهدد بإلغاء أكثر من نصف مشاريع الطاقة الشمسية المتوقعة للعام الحالى لأن الارتفاعات المفاجئة فى التكاليف قد تجبر المطورين على التفاوض لشراء طاقة بمبالغ أعلى من السابق، أو ستضطر هى تحمل التكاليف بنفسها، مما قد يؤدى إلى انخفاض هوامش ربح الشركات.
ويعود جزء من التكلفة المتزايدة إلى القفزة فى أسعار البولى سيليكون، وهو مكون رئيسى فى الأنظمة الشمسية لترتفع أسعاره بحوالى %300 منذ يوليو 2020 حتى الآن بسبب الرسوم الأمريكية الأمريكية التى فرضها دونالد ترامب على واردات الطاقة الشمسية من عام 2018 باستخدام السلطة بموجب المادة 201 من قانون التجارة لعام 1974 وبدأت هذه الرسوم بنسبة %30 ثم انخفضت إلى %15.
فاتورة الحرب الروسية
وتواجه الصين أيضا تداعيات غزو روسيا لجارتها أوكرانيا فقد أعلنت كريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولى إن روسيا ربما تتخلف عن سداد ديونها بعد فرض عقوبات لم يسبق لها مثيل عليها من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى ودول ديمقراطية أخرى وكان لها بالفعل تأثير شديد على الاقتصاد الروسى، ومشيرة بأن ذلك قد يؤدى إلى ركود عميق هناك هذا العام، وسيكون لها آثار سلبية على الدول المجاورة ومنها الصين شريكها التجارى الكبير ولاسيما فى الطاقة والمنتجات الغذائية.
وترى جورجيفا أن الحرب فى أوكرانيا والعقوبات الهائلة على روسيا تسببت فى انكماش التجارة العالمية،ورفعت أسعار السلع الغذائية والطاقة، وأن هذه الشواهد ستجبر الصندوق على خفض توقعاته للنمو العالمى الشهر المقبل، ومتوقعة أن يكون لها أثر كبيرفى رفع أسعار السلع الأساسية والتضخم لتكون المحصلة المزيد من الجوع وانعدام الأمن الغذائى فى بعض الدول الأفريقية.
تهديدات بايدن
ورغم أن الحرب الروسية الأوكرانية لم يمر عليها شهر واحد، إلا أن تداعياتها الخطيرة ظهرت على اقتصاد الطرفين وعلى معظم دول العالم ولاسيما أن الرئيس الأميركى جو بايدن توعد روسيا بأن واشنطن «ستشل اقتصادها»، بينما اعترف الرئيس الروسى فلاديمير بوتن بالتداعيات الاقتصادية للعقوبات على بلاده مما يعنى توقف بعض خطوط التجارة مع دول العالم وقد يكون من ضمنها الصين.
خسائر الحبوب
وتسببت فاتورة الحرب الروسية الأوكرانية فى المزيد من الخسائر للعديد من السلع الاستراتيجية منها القمح والذرة والبذور الزيتية،حيث تسيطر روسيا وأوكرانيا على حوالى %60 منها، باعتبارهما من أكبر مصدريها،ومع توقف التصدير قفزت أسعارها جدا فى الأسواق، إضافة لصعوبة وصولها لبعض البلاد
كما قفزت أسعار النفط والغاز مع اتجاه دول الاتحاد الأوروبى لتقليل استيرادهما من روسيا، وحظر واشنطن بالفعل واردات النفط الروسى، ولم تنتج البلدان النفطية ما يعوض النقص؛ لأنها لا تريد أن تكون طرفا فى الحرب، مما يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمى ولاسيما الصين.
وتمثل الصادرات الروسية من النفط والغاز أكثر من نصف عائدات الخزينة الروسية، والعقوبات قللت الطلب على الطاقة محليا نتيجة حظر مجلس الاتحاد الأوروبى الاستثمار الجديد فى قطاع الطاقة الروسى.
وتستهدف العقوبات شركات النفط روسنفط وغاز بروم وترانسنفط، حيث تمنع العقوبات أى استثمارات مشتركة أو تحويلات مالية لها مما يشكل صعوبة لتجار الصين مع روسيا.

